خلفية المشروع ونطاقه
اقترحت بعض تيارات المنحة أن الصراعات حول الهوية الطائفية تكمن في جوهر السياسة الشرق أوسطية. ويمكن تعريف الطائفية بشكل عام بأنها العملية التي يتم فيها تسييس أشكال من الهوية العرقية و/أو الهوية الدينية. في حين غالى بعض العلماء في التشديد على الانقسامات الايديولوجية الدائمة في المنطقة والتأثير المستمر على عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، قلل البعض الآخر من أهميتها تماماً. كما نرى أن آخرين قد زعموا أن القضايا الطائفية في المنطقة ليست هي المعضلات القديمة التي غالباً ما ينظر إليها على أنها كذلك، بل هي ظاهرة حديثة، ولم يكن هذا الانتماء الطائفي علامة مميزة لتحديد الهوية ولا سبباً في صراع مفتوح قبل قرن من الزمن.
في حين لا يمكن أن يكون هناك عامل واحد لتفسير السياسة في الشرق الأوسط، تظل الحقيقة أن الهوية على أساس الانتماء الوطني المشترك كانت في كثير من الأحيان مجالاً متنازعاً عليه في منطقة الشرق الأوسط. وقد أثر تحديد الهوية الطائفية على مسار انقسام السياسة الحديثة في المنطقة، مع تداعيات واضحة ملموسة في المجالين المحلي والدولي. وبشكل أو بآخر، غالباً ما ترتب على دول الشرق الأوسط المعاصرة مواجهة الأيديولوجيات والهويات العابرة للحدود الوطنية.
تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي مليوني شيعي ضمن الدول الست المشكلة لمجلس التعاون. ويفوق عدد المواطنين الشيعة في البحرين عدد المواطنين السنة. أما في الكويت فتبلغ نسبة الشيعة ما بين 25-30٪. ويمثل الزيديون الشيعة في اليمن حوالي 25٪ من السكان. كما توجد أقليات شيعية في دول مجلس التعاون الأربعة المتبقية بما يقارب 10-20٪. ويبدو مجموع الأرقام في منطقة الخليج الفارسي أكبر بكثير مع جمع السكان الشيعة في إيران (70 مليون) وفي العراق (22 مليون).
مما لا شك فيه، فإن انعكاسات الانتفاضات الهائلة في العالم العربي أصبحت ملموسة في جميع أنحاء الخليج الفارسي. فقد أدى الوضع الراهن في البحرين مؤخراً إلى عودة ديناميات السياسة الطائفية إلى واجهة النقاش مرة أخرى. وثمة إمكانية لأن تشعل الأوضاع في البحرين المشاعر الطائفية في جميع أنحاء المنطقة بشكل كبير. طرحت أسئلة حول ما إذا كانت استراتيجية النظام تتعمد تأطير الحركة الاحتجاجية في البحرين على أنها صراع بين السنة والشيعة وكذلك ما إذا كان الخطاب المعادي للشيعة الذي تم نشره بشكل صاخب من خلال وسائل الإعلام العربية، وخاصة من خلال القنوات السعودية المهيمنة، قد كان نتيجة للواقع وللمنافسات الجيوسياسية القائمة.
نطاق المشروع
نظراً لتنشيط الأحداث الجارية لهذا الموضوع، فقد أطلق مركز الدراسات الدولية والإقليمية مبادرة بحثية جديدة حول “السياسة الطائفية في منطقة الخليج”. يتمثل الهدف الرئيسي من هذه الدراسة بتناول الطرق الحيوية التي تطور الهويات والسياسة الطائفية في منطقة الخليج، بما يشمل إيران ودول شبه الجزيرة العربية، ويشمل المشروع البحثي الموضوعات التي تركز على دور القضايا الطائفية في عالم السياسة الداخلية في دول الخليج، وكذلك تلك التي تتناول تأثير الطائفية على العلاقات بين الدول في المنطقة. يجمع هذا المشروع بين مجموعة من أبرز العلماء لدراسة قضايا الهويات الدينية والطائفية والعرقية في منطقة الخليج، وكيف يمكن لها أن تفرض نفسها على كل من السياسات المحلية والدولية في منطقة الخليج.
يتمثل أحد أهداف مشروع بحثنا بتحديد إلى أي مدى تبرز الهوية الطائفية ضمن التطورات السياسية الجارية في منطقة الخليج. لقد تغيرت الديناميات الطائفية بشكل كبير خلال العقود الأخيرة في الخليج، بشكل متزامن في كثير من الأحيان مع الاضطرابات السياسية في المنطقة. وقد تمتعت الثورات العربية التي بدأت في ربيع عام 2011 إلى حد كبير بالعلمانية في الروح والطبيعة. ونظراً لأن الفصول الأخيرة من “الربيع العربي” لم تكتب بعد، فثمة حاجة للنظر في طبيعة وعواقب التقاطع بين الهويات السياسية والطائفية في الخليج. وعلى الرغم من ذلك، فإن بحثنا سوف يسلط الضوء على بعض الديناميات والأنماط الأكثر أهمية والتي بدأت في الظهور على الساحة السياسية في المنطقة.
بعض الموضوعات التي نهدف إلى تناولها من خلال المبادرة البحثية “السياسة الطائفية في منطقة الخليج”:
- السنية وبناء الدولة في شبه الجزيرة العربية
- الريعية السياسة والهوية الطائفية في الخليج الفارسي
- سياسة الشيعة في العراق
- أكراد العراق
- السياسة العرقية في إيران
- الشيعة في الكويت
- بدو الكويت
- الهوية الشيعية والسياسة في البحرين
- الشيعة في السعودية
- العواقب السياسية للفسيفساء العرقية في اليمن
المشاركون في المبادرة البحثية “السياسة الطائفية في منطقة الخليج”:
- محمد أكبر – الجامعة الأمريكية في الكويت
- عزيز الفهد – المملكة العربية السعودية
- محمد الغانم – جامعة جورجتاون
- سلطان الهاشمي – جامعة السلطان قابوس
- غانم النجار – جامعة الكويت
- لويس بيك – جامعة واشنطن في سانت لويس
- كريستين سميث ديوان – الجامعة الأمريكية
- خالد فتاح -جامعة لوند
- جوستين جينجلر – معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية، جامعة قطر
- فنار حداد – جامعة لندن
- مهران كمرافا – كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر
- لورنس لور – CERI، فرنسا
- رويل ماير – جامعة رادبود، هولندا
- جوين أوكرولك – جامعة ترينيتي
- ج. اي. بيترسن – جامعة ولاية أريزونا
- لورنس بوتر – جامعة كولومبيا
- جيدو شتاينبرغ – المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية
- مارك فاليري – جامعة اكستر
ملاحظات
- فالي نصر، إحياء الشيعة: كيف ستحدد النزاعات داخل الإسلام ملامح المستقبل. (دبليو. دبليو. نورتون، 2006).
- أوغسطس ريتشارد نورتون، “إعادة النظر ’بالتهديد’ الشيعي”، التاريخ الحالي، ديسمبر 2007، ص. 436.
- جريجوري جوز، “مقاربات منهجية للعلاقات الدولية في الشرق الأوسط”، مجلة الدراسات الدولية، المجلد 1، العدد 1، (1999)، ص. 23.
- تقرير بيو 2009. رسم خرائط التوزع السكاني الإسلامي عالمياً. يمكن الحصول عليه عبر الرابط:http://pewforum.org/Mapping-the-Global-Muslim-Population.aspx
- جريج جوز، “هل تواجه المملكة العربية السعودية ثورة حقاً؟” السياسة الخارجية، 9 أغسطس 2011.http://mideast.foreignpolicy.com/posts/2011/08/09/is_saudi_arabia_really
- للمزيد من المعلومات حول ما سبق، انظر:http://english.aljazeera.net/indepth/opinion/2011/03/201132982742988712http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2011/aug/20/bahraini-uprising-iran
المقال بقلم زهرة بابار، مدير البحث المساعد في مركز الدراسات الدولية والإقليمية