خلفية المشروع ونطاقه
بدأ المشروع البحثي لمركز الدراسات الدولية والإقليمية حول “الاقتصاد السياسي لمنطقة الخليج” في عام 2009. وكما هو الحال مع المبادرات البحثية الأخرى التي قام بها المركز، فبعد إجراء مراجعة شاملة للمؤلفات الموجودة وذات الصلة بالموضوع، تم اكتشاف بعض نواحي القصور التي تستحق مزيداً من البحث والدراسة، وتمت دعوة مجموعة مختارة من العلماء للمشاركة في فريق عمل لإجراء مناقشات تتركز على عدد من الموضوعات الفرعية. وقد ساهم المشاركون بخبراتهم أثناء هذه الاجتماعات وشرعوا بإعداد أوراق بحثية في مجالات تخصصهم. أثمر هذا المشروع كتاباً حول الاقتصاد السياسي في الخليج الفارسي، صدر عن هيرست/ منشورات جامعة كولومبيا.
خلفية
نظراً للارتفاع الهائل في أسعار النفط ما بين عامي 2002-2008، وجدت دول مجلس التعاون نفسها قادرة على إحراز كسب غير مسبوق وقدرة شرائية هائلة. ومع تنامي فوائض الميزانية، شهدت هذه المنطقة إطلاق العديد من المشاريع الضخمة ترافقت مع تسارع وتيرة الاستثمار في الخارج. ترافق بعدئذ الانخفاض المفاجئ في أسعار النفط في أوائل عام 2009 مع الأزمة المالية العالمية، ما أدى إلى آثار واضحة على الازدهار في هذه المنطقة، وعلى شكل التنمية الاقتصادية المستقبلية لدول مجلس التعاون.
عادة ما يتم التعاطي مع دول الخليج على أنها “كتلة” واحدة، وعلى الرغم من الفروق الدقيقة لا تزال هناك أنماط ومسارات مماثلة في التنمية الاقتصادية الإقليمية. تمتلك الدول الست قطاعات مالية ناشئة، وتواجه صعوبات في مساعيها لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن الريعية والاعتماد على الموارد الطبيعية. ومن المعروف أن جميع دول مجلس التعاون تتمتع بنظام ملكية، ويسيطر معظمها بشكل مركزي على جزئية الكسب والإنفاق. يظهر كل بلد أيضاً بعض الاتجاهات الخاصة المتعلقة بضغوط العمل والديموغرافيا، كتزايد عدد السكان الشباب، والاعتماد الكبير على العمال الأجانب، وارتفاع معدلات البطالة أو معدلات العمالة القليلة للمواطنين. وبناء على دراستنا حول الاقتصاد السياسي في المنطقة، ومن خلال نقاشاتنا مع العلماء الذين يعملون معنا، تمكنا من تحديد مجالات معينة تحتاج إلى المزيد من البحث الأكاديمي.
من الموضوعات التي نهدف إلى معالجتها خلال هذا المشروع:
شراك الريعية/ لعنة الموارد
تمتلك الدول ذات الاقتصادات القائمة على البيع والتصدير وتأجير مواردها الطبيعية طابعاً خاصاً وشكلاً فريداً من نوعه. وقد عملت هذه الدينامية المميزة لكيفية إدارة النخب في هذه الدول لثرواتها وحكم شعوبها، على تحفيز البحث المستمر من قبل علماء السياسة والاقتصاد العاملين في مجال البحث في منطقة الخليج الفارسي.
صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون
تعد صناديق الثروة السيادية صناديقاً مملوكة للدولة بحيث تشكل الأذرع الاستثمارية الهامة لحكومات دول مجلس التعاون. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، شكلت الصناديق السيادية أداة تمكنت الدول بواسطتها أن تقوم بشراء الأصول من فائض النقد الأجنبي. تقع بعض أغنى صناديق الثروة السيادية في العالم اليوم في منطقة الخليج الفارسي. ونظراً لتراكم ثروة النفط والغاز ما أدى إلى تحقيق فائض في الميزانية الوطنية واحتياطيات ضخمة لرأس المال، فقد امتلكت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت أكبر الصناديق السيادية في العالم.
الاقتصادات القائمة على المعرفة
إن الاقتصاد القائم على المعرفة هو الذي يؤكد ويحقق إفادة كاملة من دور المعرفة في النمو الاجتماعي والاقتصادي. تتجسد هذه المعرفة في مجالين اثنين هما: التكنولوجيا ورأس المال البشري. تعتبر التنمية والإنتاج والنمو ونشر المعلومات والتكنولوجيا العناصر الأكثر أهمية في الاقتصاد القائم على المعرفة. ويعتبر تحسين رأس المال البشري العنصر الأساسي الثاني. ويتسم الاقتصاد القائم على المعرفة بزيادة الطلب على العمال ذوي المهارات العالية. ويهدف الاستثمار الكبير في دول مجلس التعاون إلى تعليم وتدريب مواطنيها لتمكينهم من تلبية مستلزمات هذا الطلب.
العمل والديموغرافيا ودول مجلس التعاون
تعاني الدول الست المكونة لمجلس التعاون من معدلات مرتفعة جداً للبطالة بين الشباب. ويوازي ارتفاع معدل البطالة في أوساط الشباب الزيادة في عائدات النفط الحكومية، لذلك، نجد أن انتقادات قد وجهت للحكومات الإقليمية لإهمالها الإفادة من هذه الأموال الفائضة لمكافحة معدلات البطالة بشكل فاعل. تشير الإحصاءات السائدة إلى أن الشباب في دول مجلس التعاون بشكل عام غير مستعدين للمنافسة على وظائف القطاع الخاص. كما أن نظام إيجاد فرص عمل عالية الأجور في القطاع الحكومي يعتبر أمراً غير مستدام، نظراً للإشباع الوظيفي في القطاع العام.
في حين يصعب الحصول على إحصاءات رسمية، تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن معدلات البطالة في البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان قد بلغت 15٪ أو أكثر، وأن نسبة البطالة لدى الفئة العمرية ما بين 16-24 سنة قد بلغت 35٪ أو أكثر. وما يزيد من تفاقم المشكلة هو أن دول مجلس التعاون تتمتع بشعوب شابة وسريعة التنامي، فعلى سبيل المثال، يشكل الشباب السعودي (ممن تقل أعمارهم عن 25 عاماً) 61٪ من إجمالي السكان. وعلى هذا النحو، لا يمكن استبعاد احتمال تناقص فرص العمل الإقليمية بالنسبة للشباب ما من شأنه أن يؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية في المستقبل.
الاتحاد النقدي الخليجي
شكل إنشاء اتحاد نقدي واحد، أحد أهم الأهداف الرئيسية للدول الأعضاء في مجلس التعاون منذ أوائل الثمانينيات. وقد تم بالفعل إحراز تقدم كبير فيما يتعلق التكامل الاقتصادي الإقليمي، حيث تتمتع دول مجلس التعاون بحرية تنقل السلع والعمالة ورأس المال داخل الأقاليم، كما يجري التوافق على تنظيم القطاع المصرفي، وفي عام 2008، أقامت دول مجلس التعاون سوقاً مشتركة. كما تمكنت دول مجلس التعاون من النجاح في معظم معايير التقارب التي وضعتها لدخول الاتحاد النقدي.
التمويل الإسلامي
بدأت تسهيلات الإقراض الإسلامي في الآونة الأخيرة تشهد فترة من النمو المكثف في جميع أنحاء دول مجلس التعاون. وينظر إلى معظم البنوك الإسلامية على أنها نجحت أكثر من مؤسسات الإقراض القائمة على الفائدة. وتعتبر دراسة طبيعة العمل المصرفي الإسلامي في المنطقة، وعمليات تشريعاته ولوائحه أمراً بالغ الأهمية لفهم القطاع المالي الإقليمي.
بالإضافة إلى مسارات موضوعات المنح الدراسية التي نشملها في هذا المشروع، فلدينا أيضاً العديد من العلماء الذين يعملون على دراسة حالات قطرية. سوف يتضمن مشروع كتاب الاقتصاد السياسي في منطقة الخليج فصولاً كرست لدراسة نموذج دبي، والاقتصاد السياسي السعودي، والاقتصاد السياسي في إيران.