محمد زياني يحاضر عن وسائل الإعلام العربي العابرة للدول

محمد زياني يحاضر عن وسائل الإعلام العربي العابرة للدول

ألقى محمد زياني، أستاذ النظرية النقدية في جامعة جورجتاون في قطر، محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية تحت عنوان: “وسائل الإعلام العربية العابرة للدول، السياسات الإقليمية وأمن الدولة: المملكة العربية السعودية بين التقليد والحداثة” وذلك بتاريخ 1 فبراير 2011.

لتقديم “منظور العلوم الاجتماعية التي تضع تطور وسائل الإعلام في سياق تاريخي وثقافي واجتماعي وسياسي واسع” غاص زياني في تعقيدات النظم الإعلامية السعودية، لاستكشاف كيف تمكنت المملكة العربية السعودية من لعب دور هام في مجال الإعلام. يشير زياني إلى أنه “على الرغم من افتقارها للعمق التاريخي الذي يميز التقاليد الإعلامية الأخرى البارزة في المنطقة، فقد كان صعود وسائل الإعلام السعودية لافتاً للنظر”.

أوضح زياني: “في غضون بضعة عقود تمكن السعوديون من تطوير إمبراطورية إعلامية لامركزية تضم مجموعة كبيرة من التكتلات، وشبكات عابرة للدول مقراتها خارج المملكة، وقنوات فضائية عربية، وصحف مؤثرة، ومنشورات إقليمية”. تضم المشاريع الإعلامية السعودية البارزة صحفاً عربية مثل صحيفة الحياة وصحيفة الشرق الأوسط وشبكات التلفزة مثل إم بي سي وأوربت وأي آر تي وروتانا. ومن المثير للاهتمام أن معظم هذه المشاريع تديرها أيدي سعودية خاصة، وتميل بمجملها إلى الترفيه.

أشار زياني إلى دوافع الاهتمام السعودي بوسائل الإعلام فقال “يمكن وصف ذلك بشكل عام بأنه شأن أمني حتمي”. يرجع اهتمام السعودية بوسائل الإعلام إلى فترة الستينيات، عندما وجدت المملكة نفسها في مواجهة “عدد من التحديات الثقافية والسياسية”. كما ارتبط تطور وسائل الإعلام السعودي بشكل وثيق “بديناميات داخلية” اجتماعية وثقافية وسياسية بطبيعتها، و”ديناميات خارجية” ارتبطت باعتبارات جيوسياسية ومنافسات إقليمية تاريخية.

يشير زياني إلى أنه: في الوقت الذي يتم فيه تصميم “نظام إعلامي محلي مقيد” لحماية القيم الاجتماعية، والحد من تأثير الثقافة الغربية، وتعزيز الهوية الوطنية، “قامت السعودية بالاستثمار في نظام إعلامي عابر للدول، يتخذ من دول خارج المملكة مقراً له، ما ساعد على حماية مصالحها في مواجهة الأنظمة المعادية في المنطقة، وتعزيز سياستها الخارجية، وممارسة النفوذ السياسي في المنطقة”. كما كان للثروة النفطية وإنشاء بنية تحتية إقليمية لتكنولوجيا الأقمار الصناعية وانحسار دور اللاعبين التقليديين في مجال الإعلام في المنطقة إسهام في ظهور وسائل الإعلام السعودية.

من المثير للاهتمام، برأي زياني، ملاحظة “كيف ولماذا تمكنت السعودية من لعب دور هام في الإعلام، ليس ذلك وحسب، بل ما هي التناقضات والاضطرابات والعواقب غير المقصودة المترتبة على استثمار السعودية في الإعلام، وإلى أي حد”. يرى زياني “أن التحرر والتوسع والابتعاد عن المناطقية في وسائل الإعلام السعودية قد أدى إلى عدد من التحديات وديناميات الصراع التي لا يمكن إدارتها بسهولة، ناهيك عن حلها”. تشير أهم التباينات إلى علاقة متوترة بين التقليد والحداثة وبين دوافع الحماية وإغراء التحرر وبين دلالات الهوية الوطنية ومتطلبات السوق، وبين الابتعاد عن التسييس والعمل على التسييس.

في منطقة سريعة التغير كالشرق الأوسط، عادة ما تشكل هذه التباينات نتيجة منطقية. وبالنسبة لزياني، “فإن الثروة الهائلة، وضرورات العمل، والحلفاء الاستراتيجيين، والنفوذ السياسي، قد وضعت المملكة في مكانة جيدة وساهمت بأن تلعب دوراً هاماً في إعلام المنطقة. ومع ذلك، فإن هذه العوامل لم تعد كافية للتأثير في المشهد الإعلامي العربي المتشابك والمزدحم”.

أشار زياني إلى صعود المشاريع الإعلامية التنافسية مثل قناة الجزيرة الهامة واعتماد وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلام بشكل واسع، واختتم بالقول “سوف يترافق الكشف عن الواقع السياسي في منطقة الشرق الأوسط بإعادة تشكيل ديناميات وسائل الإعلام في المنطقة. “

تشمل أعمال محمد زياني: قراءة العرض (1999)، الفضائيات العربية والسياسة في الشرق الأوسط (2004)، ظاهرة الجزيرة: منظور نقدي للإعلام العربي الجديد (2005)، ثقافة الجزيرة: نظرة داخل عملاق الإعلام العربي (2007).

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.