روبرت فيسك في محاضرة عن الصحافة الغربية والشرق الأوسط

روبرت فيسك في محاضرة عن الصحافة الغربية والشرق الأوسط

قدم روبرت فيسك، الحاصل على جائزة الصحافة ومراسل الشرق الأوسط لصالح صحيفة الإندبندنت، المحاضرة السنوية المتميزة أمام أعضاء هيئة التدريس في 20 أبريل 2010 حول موضوع “حالة إنكار: الصحافة الغربية والشرق الأوسط”. قامت آمنة آل ثاني الطالبة في جامعة جورجتاون قطر بتقديم فيسك لجمهور قدر بـ 800 ضيف في فندق الفورسيزنز في الدوحة.

بدأ فيسك بالإشارة إلى أنه تلقى اتصالات عدة في 11 سبتمبر 2001 من العديد من وكالات الأنباء الذين سألوه مراراً “من الذي فعلها؟” وقال إن هذا يوضح حالة الصحافة الغربية التي لم تطرح السؤال الأهم “لماذا حدث هذا؟” يقول فيسك: “عندما يكون لديك جريمة عادية في الشارع، فإن أول ما يبحث عنه رجال الشرطة هو الدافع. لكن عندما واجهنا جريمة دولية ضد الإنسانية في نيويورك، وواشنطن، وبينسلفانيا، فإن الشيء الوحيد الذي لم يكن من المفترض للصحفيين فعله هو البحث عن الدافع”.

يقول فيسك، في الأحداث المحرضة على الإرهاب اليوم، يعتبر الغوص في الأسباب التاريخية التي تقف خلف حدوث مثل هذه الهجمات مرادفاً للاعتذار عن النشاط الإرهابي. ما يعتبر تحدياً كبيراً لأنه قد يطرح خطاباً إشكالياً يشكك في العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي وإسرائيل.

يقول فيسك: “ما كنا نواجهه في الصحافة الغربية وخاصة في الولايات المتحدة، هو العلاقة الطفيلية التناضحية بين الصحفيين والسلطة”. لأن الإدارة الأمريكية تشير إلى “الأراضي المحتلة” من قبل إسرائيل بعبارة “الأراضي المتنازع عليها”، وإلى “الجدار” الإسرائيلي بـ “الحاجز الأمني”، وقد تم اختيار هذه اللغة من قبل الصحافة الشعبية وأصبحت اللغة المعقمة للصحافة. يضيف فيسك “أدى الفشل في استخدام الكلمات الحقيقية، إلى نزع دلالات معنى الصراع، وأدى جبننا الصحفي ببساطة إلى تحويل أولئك الذين يعانون إلى معتدين، وتحويل المحتلين إلى ضحايا”. وقد أصبح الصحفيون متواطئين في الصراعات عندما اشتركوا في هذا النوع من التقارير.

أسوأ مثال على إبراء هذا الصراع هو التلفزيون، حيث لن يسمح المنتجون بعرض مشاهد الموت أو العنف، وبذلك يخفون حقيقة الحرب عن الجمهور. لا يمنح مشاهدو التلفزيون في الغرب الفرصة ليروا بأنفسهم تأثير الحروب. يقول فيسك إن “لا يمتلك قادتنا جميعهم في هذه اللحظة خبرة الحرب الحقيقية نهائياً – في حين يمتلك الصحفيون الخبرة، أما القادة في الغرب فلا يمتلكونها – هم قادرون على تقديم الحرب على أنها حفرة رمل خالية من الدماء، وبأنها أمر يتعلق أساساً بالنصر والهزيمة بدلاً من الموت”.

لفت فيسك إلى وجود جدار من الحصون التي تقسم العالم إلى الغرب والشرق. فهناك بريطانيا والولايات المتحدة والمواقع العسكرية الأوروبية الغربية في افغانستان والعراق وطاجكستان وتركيا والأردن ومصر والجزائر واليمن وقطر والبحرين والمملكة العربية السعودية، وكذلك في مجموعة أخرى متنوعة من المناطق الاستراتيجية. وأضاف: “إنه نوع من الستار الحديدي في الشرق الأوسط”.

يرى فيسك أن الحكومات الغربية تدعي بأنها تريد تصدير الديمقراطية، لكن الأصوات على الجانب الآخر تقول بأنهم لا يريدون شيئاً سوى العدالة. حالياً أعداء العالم الغربي في الغالب هم إسلاميون. وأضاف: “نحن لا نفكر كثيراً بما أظن انه أحد الإحباطات الأساسية الموجودة في المنطقة: وهي أن المسلمين قد قاموا بالحفاظ على إيمانهم في حين لم نفعل نحن ذلك”. وتابع قائلاً “ما حدث هو أن الناس الذين حافظوا على إيمانهم قد تمت السيطرة عليهم بشكل كبير اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، من قبل الناس الذين فقدوا إيمانهم. كيف تفسرون هذا لأنفسكم؟”

اختتم فيسك حديثه قائلاً: “اعتقد أنه يتوجب تشجيع الغرب دوماً لإرسال ما لديه من معلمين مربين وبنائين ومهندسين وبنائي جسور وعلماء إلى العالم الإسلامي، ليتعلموا ويساعدوا ويعلموا في الوقت نفسه. لكن لا شأن لنا بالتواجد العسكري في العالم الإسلامي”.

كان فيسك في وقت سابق من اليوم نفسه قد دعي إلى حرم جامعة جورجتاون في قطر ليتحدث بشكل غير رسمي لمجموعة مؤلفة من هيئة أعضاء التدريس والطلاب والموظفين. وأجاب خلال الجلسة عن أسئلة تتعلق بتأثيرات التكنولوجيا على الصحافة.

روبرت فيسك: صحفي بارز ومراسل الشرق الأوسط لصالح صحيفة الإندبندنت في المملكة المتحدة، وقد فاز روبرت فيسك بالعديد من جوائز الصحافة للأعمال التي قام بها، بما في ذلك ترشيحه لنيل جائزة الصحفي البريطاني الدولي للعام على مدار سبع سنوات، وتسلمه جائزة منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة لمرتين. عاش فيسك في منطقة الشرق الأوسط لما يزيد عن 30 عاماً، وأعد تقريراً عن الثورة الإيرانية عام 1979، والغزو الإسرائيلي للبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، وحرب الخليج عام 1991، وغزو العراق والحرب على أفغانستان عام 2003. ويعد فيسك من الصحفيين الغربيين القلائل الذين قابلوا أسامة بن لادن، حيث التقاه ثلاث مرات. كما أنه مؤلف كتب تعد الأكثر مبيعاً، بما يشمل: الحرب العظمى للحضارة: الفتح من منطقة الشرق الأوسط والشفقة على الأمة: لبنان خلال الحرب. يحمل روبرت فيسك شهادة الدكتوراه في السياسة من كلية ترينيتي في دبلن، فضلاً عن 12 درجة فخرية من جامعات أخرى.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.