بيتر بيرجن يحاضر عن إعادة تشكيل الشرق الأوسط

بيتر بيرجن يحاضر عن إعادة تشكيل الشرق الأوسط

ألقى بيتر بيرجن بتاريخ 13 فبراير 2012 أميز محاضرات عام 2011 – 2012 في مركز الدراسات الدولية والإقليمية بعنوان: “الصحوة: كيف قام الثوار وباراك أوباما والمسلمون العاديون بإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط”. يذكر أن بيرجن هو أحد المحللين الأمنيين في قناة سي إن إن، وهو زميل شوارتز في مؤسسة نيو أمريكا فضلاً عن كونه محاضراً مساعداً في شؤون السياسة العامة في كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد. تم تقديم بيرجن للجمهور من قبل ويل تشا، رئيس حكومة الطلاب في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر.

ناقش بيرجن خمسة موضوعات مختلفة إلا أنها مترابطة، وقد قسمها على النحو الآتي: “القاعدة، الإرهاب، أفغانستان/ باكستان، الربيع العربي، تأثير الرئيس أوباما على بعض القضايا”. فيما يتعلق بموضوعي القاعدة والإرهاب، أوضح بيرجن كيف كان أحد الغربيين القلائل الذين التقوا بأكثر رجل مطلوب في العالم، أسامة بن لادن، حيث التقاه وجهاً لوجه عام 1997 في شرق أفغانستان. خلال تلك المقابلة، صرح بن لادن بحربه على الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل، والعقوبات التي فرضتها على العراق، فضلاً عن انتقادات أخرى لسياستها الخارجية. كما نعت بن لادن الولايات المتحدة بالضعف والخوف من حروبها السابقة الفاشلة وانسحاباتها من فيتنام وبيروت ومقديشو. يعد هذا التحليل لضعف الولايات المتحدة برأي بيرجن فكرة هامة تبرر ما حدث في 9/11، لأن ذلك أظهر أن بن لادن اعتقد أنه بإمكانه الضغط على الولايات المتحدة لتنسحب بشكل مماثل من منطقة الشرق الأوسط. مع ذلك فقد اتضح بعدئذ أن “أحداث 9/11 كانت خطأ استراتيجياً كبيراً لتنظيم القاعدة، وذلك لأن التنظيم خسر قاعدته في أفغانستان”. لذلك، بدلاً من أن يتم الضغط على الولايات المتحدة للخروج من منطقة الشرق الأوسط، حدث العكس، ونتيجة لذلك، فقد ازداد الآن وجود الولايات المتحدة على الأرض في العديد من دول العالم العربي. تابع بيرجن حديثه قائلاً: “شكلت هجمات 9/11 فشلاً استراتيجياً، لا لأنها لم تحقق الهدف الذي سعى له بن لادن وحسب، بل لأنها أدت في نهاية المطاف إلى هزيمة تنظيم القاعدة، وموت بن لادن مؤخراً”.

يقول بيرجن: “كانت القاعدة تخسر حرب الأفكار في العالم الإسلامي”، لا لأن الولايات المتحدة والغرب كانا يربحان، بل لأن القاعدة كانت تخسر كل الدعم الذي كانت تحظى به بسبب مطالباتها وتصرفاتها المؤذية. ويضيف: “ينصب تنظيم القاعدة والجماعات المشابهة أنفسهم كمدافعين عن الإسلام الحق، إلا أن المسلمين قد بدؤوا بملاحظة أن الكم الهائل من ضحايا القاعدة كانوا في حقيقة الأمر مسلمين”، في العراق وأندونيسيا والأردن ومناطق أخرى في العالم، ما حول المؤيدين والمتعاطفين في الماضي إلى أعداء ومعارضين صريحين لتنظيم القاعدة. ونظراً لأن “بن لادن لم يفصح عن أي رؤية إيجابية لمنطقة الشرق الأوسط”، من حيث السياسات الاقتصادية والتنموية وسياسات البنية التحتية، لم يكن لديه ما يقدمه للمسلمين سوى الدمار الذي لا يعد أمراً مثيراً للإعجاب عند التفكير بالحكم المستقبلي. يقول بيرجن: “لم يكن بالإمكان تخيل فكرة مشفى تنظيم القاعدة، أو مدرسة تنظيم القاعدة”.

ناقش بيرجن أن الربيع العربي شكل خلفية مثيرة للاهتمام لإدراك مدى ضعف وابتعاد تنظيم القاعدة عن المجتمعات العربية في أنحاء العالم الإسلامي. ويعد سقوط أنظمة عربية أحد أهم الأحداث التي جرت في المنطقة منذ عقود، ومع ذلك، فقد التزم بن لادن الصمت بشأن هذه القضايا، على الرغم من ميله على مر السنين الماضية للتعليق على الأحداث العالمية الهامة. انطلق الآلاف في مظاهرات في مدن مصر وتونس وليبيا، إلا أن أياً منهم لم يعبر عن انتمائه لأيديولوجيات تنظيم القاعدة المعادية للغرب. “كانت أفكار بن لادن وآثار جنوده غائبة تماماً في أحداث الربيع العربي”.

لوصف شكل الحكم المستقبلي الذي يراه في منطقة الشرق الأوسط، قال بيرجن: “تبدو الملكيات في الشرق الأوسط، ونظراً لمجموعة متنوعة من الأسباب، قادرة على تحمل تبعات الربيع العربي بشكل جيد”، وذلك لأنه بإمكان الملكيات التحول من نظم حكم مطلقة إلى دستورية، بعكس نظم الحكم الديكتاتورية التي تعرف على أنها نظم حكم مطلقة.

بالانتقال إلى مكان آخر في المنطقة المحيطة، وعلى الرغم من الزيادة السريعة في عدد السكان والنمو الاقتصادي البالغ 2% في باكستان، لا تزال هناك بعض النقاط الإيجابية الناتجة بفضل قوة واستقلالية الإعلام والقضاء ومنظمات المجتمع المدني. بشكل مماثل في أفغانستان، لوحظت بعض التطورات الإيجابية لا سيما في التعليم وانخفاض معدل وفيات الرضع وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحسين البنية التحتية وتوافق عام في الآراء أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. مع ذلك، فقد حذر بيرجن من أن المشكلة التي قد تطفو على السطح في المستقبل تتمثل بسحب دعم الولايات المتحدة المالي، وما سيتبعه من أزمة اقتصادية.

في الختام، أشار بيرجن إلى أن شعبية الرئيس أوباما في الشرق الأوسط كانت تتراجع بشكل ثابت، وذلك بسبب “افتقار إدارة أوباما لبذل جهد حقيقي في المفاوضات الفلسطينية/ الإسرائيلية”. يعتقد الكثيرون أن أوباما سيكون “الرئيس المعادي للحرب”، لكنه فاجئ الجميع بقراراته المتشددة حين يتعلق الأمر بالأمن القومي وأنه أقحم الولايات المتحدة في العديد من الحروب السرية والعلنية في جميع أنحاء العالم.

سافر بيتر بيرجن على مدار 15 عاماً ونيف إلى أنحاء متفرقة من أفغانستان وباكستان ومصر والمملكة العربية السعودية ومؤخراً العراق، لتقديم تقارير عن الأمن القومي وشبكة القاعدة. ويمكن الاطلاع على أعماله في العديد من المطبوعات الهامة كصحيفة نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وفانيتي فير، ووول ستريت جورنال، وإنترناشونال هيرالد تريبيون.

 

المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.