الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني في محاضرة عن الجيل الرقمي

الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني في محاضرة عن الجيل الرقمي

ألقى سعادة الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شركة اتصالات قطر (كيوتل)، محاضرة في مركز الدراسات الدولية والإقليمية حول “التكنولوجيا والجيل الرقمي” بتاريخ 7 نوفمبر 2012.

بدأ آل ثاني المحاضرة بعرض لمحة عامة عن كيوتل والتغيرات التي طرأت عليها منذ إعادة هيكلتها عام 2000. باعتبار كيوتل المزود الوطني لخدمات الاتصالات السلكة واللاسلكية، فقد وضعت خططها طويلة الأمد بحيث تتماشى مع الرؤية االوطنية لأمير البلاد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. يقول الشيخ آل ثاني: “يبدأ نجاحنا من القيادة القوية والرؤية الواضحة”. أصبحت المؤسسة التي أعيدت هيكلتها حديثاً لاعباً دولياً منافساً، وتم توسيع مجال عملها لتشمل البيانات والإعلام والتكنولوجيا. لم تعد كيوتل شركة اتصالات محلية وحسب، بل أضحت شركة اتصالات بأجندة دولية. ركزت استراتيجية كيوتل الجديدة على الخدمات اللاسلكية وحزمة النطاق العريض وتوسيع مجال خدماتها في ثلاث مناطق جديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا. وارتفع عدد عملاء كيوتل من 500,000 عميل في سوق واحد إلى 89 مليون عميل في سبعة عشر سوقاً.

يقول آل ثاني: تشمل التوجهات الحالية والتحولات السريعة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية العالمية النمو البطيء وخفض الأسعار والعديد من الابتكارات الجديدة. وتتمثل التهديدت بالمنافسة الشرسة من المنافسين غير التقليديين كوسائل الإعلام وتجار التجزئة ومزودي الخدمات ومصنعي الهواتف الذين يسعون للاستحواذ على حصة في سوق الإعلام الجديد. ومع ذلك، يرى آل ثاني في هذه التحديات وسائل لتحقيق فرص جديدة. يؤكد آل ثاني أنه “بحلول عام 2014، سوف يتجاوز عدد الاتصالات عبر الأجهزة المحمولة عدد سكان العالم. وسوف تعود أربعة من أصل خمسة اتصالات للعالم النامي”. لذلك بإمكان كيوتل، بحسب آل ثاني، أن تكون في طليعة مقدمي خدمات التعليم النوعي والرعاية الصحية والخدمات الاقتصادية لتلك الفئة المتنامية من مستخدمي التكنولوجيا.

بالانتقال من التحديات العالمية إلى المخاوف الإقليمية، أوضح آل ثاني مدى الأثر الذي خلفته وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة على العالم العربي. وأكد على أن وسائل الإعلام الاجتماعية كانت إحدى العوامل الدافعة الأساسية لأحداث الانتفاضات العربية عام 2011. يقول آل ثاني: “ازداد استخدام الفيسبوك في الفترة الواقعة ما بين يناير ومارس 2011، بنسبة تجاوزت 30% في منطقة الشرق الأوسط”. شكلت الإنترنت والتكنولوجيا النقالة عاملاً رئيسياً في تأجيج هذه الحركات الاجتماعية ما حث حكومات مصر وليبيا وسورية على محاولة قطع كل أشكال الوصول إلى تقنيات الإنترنت. يقول آل ثاني: “تزيد التكنولوجيا الرقمية توقعات الشفافية والمساءلة من قبل الجهات والمسؤولين الحكوميين”.

أطلق آل ثاني على هذه الفئة السكانية الجديدة المتقنة لاستخدام التكنولوجيا اسم “الجيل الرقمي العربي” حيث نمت هذه الفئة لتمثل 4% من الفئة النشطة رقمياً على الصعيد العالمي. ووصفها بأنها نشطة سياسية ومتعلمة ومستقلة وذات تفكير تجاري. وأشار إلى أن التأثير الكبير لهؤلاء الشباب على مستقبل العالم العربي. وتابع قائلاً: “على الرغم من أن الجيل الرقمي العربي سوف يعمل على إحداث تغيير جذري في المجتمع العربي، إلا أنه سوف يقوم بذلك مع المحافظة على تقاليدنا وقيمنا الغنية”.

نظراً لأن “وسائل الإعلام الاجتماعي قد أضحت أداة قوية لإحداث التغيير الاجتماعي في الدول العربية”، فقد حدد آل ثاني تحدياً خطراً يهدد المجتمعات العالمية والإقليمي ويتمثل بالهوة بين الجنسين من حيث استخدام التقنيات الحديثة وإمكانية الوصول إليها. “هناك 46 مليون مستخدم عربي للفيسبوك. 70% منهم هم من الفئة العمرية 15 – 29 عاماً، وأغلبيتهم ذكور”. وقد أوضح آل ثاني أسباب هذه الهوة بأنها تتمثل “بالقيود المجمعية والثقافية على النساء، والخصوصية والمخاوف الأمنية، وإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا، وتعلم تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”. تسعى كيوتل من خلال عملياتها العالمية إلى دعم وسائل الإعلام الحديثة كأداة رئيسية للتمكين المجتمعي ومحاولة تضييق الهوة بين الجنسين من خلال توفير خدمات خاصة تساعد النساء على الحصول على أفضل فرص التعليم، وإدارة المشاريع الصغيرة، والرعاية الصحية، ورعاية الأطفال. يقول آل ثاني: “من الممكن أن يؤدي تسهيل وصول النساء إلى أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الهواتف النقالة إلى تحسين نوعية الحياة وتوسيع نطاق النمو الاقتصادي. يمكن لتمكين عدد أكبر من النساء مع هواتف أكثر أن يسرع من عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.

في الختام، أشار آل ثاني إلى أنه على الرغم من التحديات الجديدة التي سببها فضاء الاتصالات المتغير، “فإننا كرواد أعمال ومواطنين وطلاب وحكومات ومؤسسات بحاجة إلى الارتقاء إلى مستوى الحدث واستخدام نفوذنا لتحقيق الإلهام والمشاركة وتوفير الفرص للجيل القادم. وبشكل عام، يجب أن يرى قادة العالم العربي في هذه التغيرات بإيجابية”. أنهى آل ثاني حديثه بالقول بوجوب تمكين الجيل الرقمي العربي من خلال الاتصالات والتكنولوجيا للمساعدة في تشكيل مستقبل الصناعة والمجتمع لضمان استقرار العالم العربي.

سعادة الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني هو رئيس مجل إدارة شركة اتصالات قطر (كيوتل) ومجموعة كيوتل منذ عام 2000. وبحكم منصبه كرئيس لمجلس الإدارة فهو بمرتبة وزير دولة. قاد الشيخ آل ثاني عملية توسع كيوتل في 17 دولة، وعمل على تعزيز مصادر دخلها وحوكمة الشركات فيها بما يتماشى مع الممارسات الدولية.  

شغل الشيخ عبد الله سابقاً عدة مناصب رفيعة في قطر، بما فيها رئيس الديوان الأميري في الفترة الواقعة ما بين 2000 إلى 2005. كما شغل منصب عضو في مجلس التخطيط القطري. وهو مدرب طيران معتمد من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني. وللشيخ خلفية واسعة في الجيش والطيران. بعد تخرجه من مدرسة الطيران من سلاح الجو في الجيش البريطاني، أكمل الشيخ دراسته في الكلية الحربية، في منشأة كارلايل باراكس في الولايات المتحدة الأمريكية.   

المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.