حوار مع جورج أوزبورن
دعا مركز الدراسات الدولية والإقليمية السيد جورج أوزبورن، السياسي السابق في حزب المحافظين البريطاني والمحرر الحالي لصحيفة “London Evening Standard”، في 28 مارس 2018 للمشاركة في جلسة “النقاش المكثف” التي تحدث فيها لأعضاء هيئة تدريس جامعة جورجتاون في قطر، ومنسوبيها من موظفين وطلاب عن أوضاع السياسة الدولية التي تزداد تأزمًا بصورة مطردة. بدأ الحوار بالإشارة إلى “انتشار حالة من التشاؤم العميق إزاء المنحى الذي يسلكه العالم في وقتنا الراهن. “ثمّة أسباب عدة وراء انعدام الثقة بصورة عامة في السياسة الدولية، من بينها وجود “رئيس غريب الأطوار” على سدّة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبزوغ نظام روسي ذو ميول توسعية عنيفة تمتد أذرعه إلى أوكرانيا وجورجيا، وذيوع شكوك حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وترنح أوروبا نحو التفتت التدريجي مع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في العديد من دولها. وأضاف قائلًا: “فنجد أنّ الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وصندوق النقد الدولي، وجميعها مؤسسات أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدت وكأنها تناضل من أجل البقاء، وقد تخفق، فيما يبدو، في مسعاها”. أمّا في الشرق الأوسط، فما زالت المشكلات تبرز على ساحته، في ظل صراع سوري تزداد وتيرته، ومخاوف من تصعيد في الأعمال العدائية بين إيران والمملكة العربية السعودية.
وفي هذا الصدد، أفاد أوزبورن، قائلًا: “هذه الأمور في مجموعها تجعل المشهد العالمي غاية في الكآبة”، ولكن رغم هذه الرؤية السلبية المستمرة، يقدم لنا أوزبورن “ثلاثة أسباب تدعونا للتفاؤل” حيال المناخ السياسي القائم. أولها، أنّ الرئيس ترامب لم يحدث تغييرات جوهرية في السياسة رغم ما يتردد على لسانه من خطابات ملتهبة، فنجده قد اتخذ موقفًا تقليديًا يدعو للدهشة تجاه الشرق الأوسط، فاق فيه كلًا من بوش وأوباما الذين سبقاه. فيرى أوزبورن أنّه رغم تحدث رئيس الولايات المتحدة عن “سياسات مقلقة إلى حدّ ما، فإنّها لم تشكّل تهديدًا كبيرًا كما تصورنا”.
واستطرد أوزبورن، قائلًا: “بذلت ما في وسعي للحيلولة دون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، إلّا أنّه عاد ليؤكد أنّ السبب الثاني الداعي للتفاؤل هو أنّه رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإنّها ستظل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا به، ولن تعزل عنه على نحو تام.
أمّا السبب الثالث والأخير الداعي للتفاؤل من وجهة نظر أوزبورن، فيتمثل في نهضة الصين التي تتخذ مسارًا ثابتًا ومدروسًا في الوقت ذاته. فرغم أنّ المنحنى الصاعد الذي شهدته الصين قد تسبب في قلق بعض الحكومات، يشير أوزبورن إلى أنّ “الصين حريصة على الحفاظ على حقوقها، ولكنّها تحرص على تحقيق ذلك عبر القنوات الدولية”. قد يكون لدى الصين أهدافًا قومية راسخة، ولكنّها لن تتحقق على حساب السلام، وهو ما أكده أوزبورن بقوله: ” على مدار سنوات طويلة، عرفت عن الصينيين حقيقة راسخة، ألا وهي حرصهم على الاستقرار قبل أيّ شيء آخر”.
أنهى أوزبورن كلمته ببعض الإحصاءات التي تدعم استنتاجاته المتفائلة، إذ يقول أنّه بالرغم من الوضع الحالي للشؤون العالمية، فقد شهد عام 2017 انخفاض أعداد ضحايا الجوع والأمراض والعنف مقارنة بجميع السنوات السابقة في التاريخ البشري، ورغم المشكلات والصراعات والتحديات العديدة التي نواجهها في العصر الحالي فإنّ “شيئًا ما يجدي نفعًا”.
جورج أوزبورن شغل عضوية البرلمان البريطاني عن دائرة تاتون في المملكة المتحدة خلال الفترة بين عامي 2001 و2017، كما شغل منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلال الفترة بين عامي 2010 و2016، حيث خدم أيضًا في مجلس الأمن القومي. كما شغل منصب وزير الدولة الأول في بريطانيا بين عامي 2015 و2016. ويرأس أوزبورن حاليًا منظمة “Northern Powerhouse Partnership” غير الربحية التي أنشأها لتعزيز التنمية الاقتصادية في شمال إنجلترا.
مقال بقلم خنساء ماريا، مساعد شؤون الطلاب، مركز الدراسات الدولية والإقليمية