خلفية المشروع ونطاقه
وجد الخبراء والعلماء والأشخاص العاديين على حد سواء أنفسهم، وعلى حين غرةـ، في خضم اضطرابات سياسية مروعة امتدت لتشمل العالم العربي وكأنه مرض معد مع بدايات عام 2011. وعلى الرغم من أن الوضع لا يزال في حالة تغير مستمر ولا يمكننا بعد استخلاص نتائج فيما يتعلق بما سنخلص إليه في نهاية المطاف، فإن الطبيعة غير المتوقعة لهذه الانتفاضات العربية قد أثارت بالتأكيد الجدال حول بعض الافتراضات القائمة حول السياسة الداخلية في المنطقة. على مدار السنوات، تم تطوير مجموعة من المنح ركزت على ديمومة الحكم الاستبدادي في الشرق الأوسط، والمرونة الملحوظة التي تتمتع بها الأنظمة الحاكمة. وقد استند جزء كبير من هذا التحليل على دراسة دقيقة لأنماط السلوك السياسي الاجتماعي في الشرق الأوسط، سواء على المستوى الإقليمي من التحليل أو على مستوى الدول منفردة، وعلى وجه الخصوص على “المساومات الحاكمة” بين الأنظمة ومواطنيها.
تطورت على مدار عقود، في دول الخليج وكذلك في الأنظمة العلمانية العربية، مساومات حاكمة بين الحاكم والمحكوم لتوطيد العلاقات بين الدولة والمجتمع بشكل “مستقر” لحكم استبدادي. تقوم هذه المساومة الضمنية بتحديد الحكم السياسي حيث يتخلى المواطنون عن حقوقهم السياسية والاجتماعية لصالح الحكومة التشاركية، وقبول شرعية النظام الحاكم، لتتم مكافأتهم في المقابل بمجموعة متنوعة من المنافع الاجتماعية والاقتصادية. ويتحدد مدى سخاء الدولة على مواطنيها بقدرتها المالية، ما يجعل المساومة الحاكمة أقوى في بعض الدول وأضعف في دول أخرى.
على الرغم من أن الكثير من المؤلفات الأكاديمية قد خصصت لتناول ديمومة هذه المساومات الحاكمة، إلى أن الأحداث الحالية تشير إلى أن الأسباب المحتملة لتآكلها لم تول الاهتمام الكافي. وقد حان الوقت الآن للتحقيق في بعض الافتراضات التحليلية القائمة وتطوير فهم جديد لدوافع التغيير في الشرق الأوسط.
نطاق المشروع
أطلق مركز الدراسات الدولية والإقليمية، ضمن هذا الإطار، مبادرة بحثية حول تطور المساومات الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط. يهدف هذا المشروع إلى التدقيق في الطرق التي تتطور من خلالها الإجراءات السياسية المحلية في منطقة الشرق الأوسط، وكيف يتم تحدي المساومات الاستبدادية. سوف يجمع هذا المشروع بين عدد من العلماء البارزين لدراسة مجموعة متنوعة من الموضوعات ذات الصلة.
تشمل بعض المجالات التي استهدفتها جهودنا: الحاجة إلى تعديل النماذج النظرية مع شرح المثابرة الاستبدادية في الشرق الأوسط. ودور الجهات الفاعلة الرئيسية والمؤسسات (دور الجيش، والبيروقراطية، والحزب الحاكم، ورموز المعارضة)؛ وتطور مصادر الشرعية السياسية؛ وديناميات الاقتصاد السياسي المحلي والدولي، وتأثير الفشل (أو جهود) إصلاح الاقتصادات المحلية؛ والاضطرابات الاجتماعية التي لعبت دور المحرك لحركات الاحتجاج الأخيرة؛ وتأثير الجماعات والشبكات الاجتماعية المختلفة ومشاركتها مع السياسة الداخلية. وأهمية أو عدم أهمية الإسلام السياسي ودور الإسلام في المعارضة؛ ودور وسائل الإعلام التقليدية، ووسائل الإعلام الجديدة، ووسائل الإعلام الاجتماعية. بالإضافة إلى عدة قضايا أخرى. كما يشمل المشروع دراسة حالات قطرية محددة.