تقرير موجز
يبرز هذا التقرير الموجز مناقشات المشاركين حول التوازن بين الحاجة إلى التكنولوجيا النووية المدنية مقابل المخاوف من برامج التسلح. اضغط على الروابط أدناه لقراءة التقرير كاملاً بالإنجليزية أو العربية:
وفيما يلي مقتطفات من الفصل التمهيدي الذي أعده مهران كمرافا. انقر هنا لقراءة التقرير كاملاً.
تتمحور معظم المناقشات والسياسات ذات الصلة بالبرامج النووية –سواء المدنية أو العسكرية –حول مسألتي الانتشار وعدم الانتشار النووي. لماذا ومتى تتجه الدول نحو خيار الانتشار النووي أو تمتنع عن هذا الخيار؟ وما هي الديناميات المؤثرة في هذا الأمر على الصعيدين المحلي والدولي؟ وما هي العلاقات المحتملة بين البرامج النووية المدنية والعسكرية؟ وما هي التداخلات الدقيقة في القرارات الفردية والقوى المؤسساتية التي ينتج عنها نتائج محددة لمسألتي الانتشار وعدم الانتشار؟ احتلت هذه الأسئلة وأسئلة أخرى مشابهة مكانة كبيرة في المناقشات المعاصرة حول الدراسات النووية.
تعد مناقب الطاقة النووية كمصادر طاقة صديقة للبيئة موثوق بها جاءت متزامنة مع التركيز على مسألة الانتشار ومؤكدة لها بمثابة إعادة اكتشاف خلال العقد المنصرم أو نحو ذلك. وكان العالم يشهد “نهضة نووية” وصلت إلى كافة أرجاء المعمورة، وخاصة قبيل وقوع الزلزال المدمر في اليابان في شهر مارس 2011، والذي سرعان ما أسفر عنه سلسلة من الانفجارات في بعض محطات الطاقة النووية وتسريبات المواد المشعة في الهواء ومياه البحر. ولم يكن الشرق الأوسط بمنأى عن هذا، حيث قررت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في عام 2007 توسيع نطاق الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية من أجل تلبية احتياجاتها المتنوعة من الطاقة بصورة مستدامة.
نظراً إلى إعادة اكتشاف مناقب الطاقة النووية حول العالم، فمن المهم التفريق بين ظاهرتين متصلتين هما: النمو المتوقع في إنتاج الطاقة النووية من قبل الدول التي تمتلك منشآت مسبقة لإنتاج الطاقة النووية، والانتشار المتوقع لمحطات الطاقة النووية والمنشآت ذات الصلة في البلدان المنضمة حديثاً “لنادي الطاقة النووية”. وللتخفيف من حدة المخاوف بشأن الانتشار النووي، ازدادت شعبية الترتيبات النووية متعددة الأطراف كوسيلة لتعزيز نظام عدم الانتشار النووي عبر “خصخصة” منشآت دورة الوقود الحساسة في البلدان غير الحائزة للأسلحة النووية. ومن المعلوم أن حصول الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على تكنولوجيا الطاقة النووية يثير حتماً مخاوف تتعلق بحيازة الأسلحة النووية، حيث أن كلا الأسلحة النووية والطاقة النووية يتطلبان امتلاك مهارات وتقنيات متماثلة، من أهمها تخصيب اليورانيوم وإمكانات إعادة معالجة البلوتينيوم. ثمة مكونان رئيسيان لصنع الأسلحة النووية: البلوتينيوم المنفصل واليورانيوم عالي التخصيب. وتنتج محطات الطاقة النووية المدنية اليورانيوم منخفض التخصيب، وتتيح للدول الحصول على البلوتينيوم المنفصل لأغراض مدنية. إلا أن القدرة على تحويل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى يورانيوم عالي التخصيب يمكن أن تزيد بشكل كبير من احتمالية الانتشار النووي الكامن وتحرر القدرات التي يمكن عن طريقها إنتاج المواد الانشطارية بغرض استخدامها في تصنيع الأسلحة بسرعة كبيرة، وربما بشكل علني أيضاً.
إن المخاوف ذات الصلة بالانتشار النووي في تزايد. وفي الوقت نفسه، ينتاب الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية غضب حقيقي عندما تضغط عليها الدول الحائزة للأسلحة النووية للالتزام بنظام عدم الانتشار النووي، في حين لا تبدي تلك الدول استعداداً للالتزام به. غالباً ما ينظر إلى المادتين الرابعة والسادسة من معاهدة عدم الانتشار، واللتين تحددان الحقوق والواجبات فيما يتعلق بالاستخدام السلمي للطاقة النووية ونزع الأسلحة النووية على الترتيب، على أنهما تصبان بصورة تفصيلية في مصلحة المورد، أو الدولة الحائزة على الأسلحة النووية. يمكن – إذا ما أتيحت الفرصة – لمعظم دول الشرق الأوسط الدخول في شراكات لإنشاء محطات طاقة نووية متقدمة نسبياً أو شرائها مباشرة. لكن انعدام الثقة المتبادلة والمنافسة الصريحة، كما يتضح من دراسة حالة دول مجلس التعاون قد بدد احتمالية ظهور مثل هذه الشراكات في منطقة الخليج العربي. وحتى التوزيع الحالي للقوة في المجتمع الدولي يبدو أكثر تبعية، لاسيما بالنظر إلى الأدوار التي تلعبها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، فإنه من غير المرجح على الإطلاق أن تظهر ترتيبات نووية تعاونية في مجل مجلس التعاون أو غيرها من دول الشرق الأوسط بسبب إمكانية التحول المفاجئ واحتمالات الانتشار النووي.
شهد الشرق الأوسط انقلابات داخلية بنسب غير مسبوقة، ومن غير الواضح فيما إذا سيكون لما يعرف بالربيع العربي نتائج مستدامة وذات قيمة على سياسات المنطقة على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث أن الابتهاج الأولي الذي انتاب حركات التحول الديمقراطي عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط كان قد مهد الطريق لاستمرار الاستبدادية الوحشية، كما اتضح بشكل مأساوي في ليبيا وسورية والبحرين، فقد عاد الجدل الدائر حول حتمية بقاء النظام متمسكاً بمساعي السياسة الداخلية والخارجية. وبصرف النظر عن التوجه الذي يقرر القادة في الشرق الأوسط اتباعه بشأن المسألة النووية، فإنه سوف يعتمد بالمثل على حسابات بقاء النظام. ففي الوقت الحالي، لا توضح المؤشرات الأولية تحولات جذرية في المنطقة. وكي لا تتخلف عن الركب وكنوع من الاستجابة لاحتياجاتها الخاصة، من المرجح أن تتبنى دول مجلس التعاون مسارات مشابهة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المرجح أيضاً أن يستمر حلفاء تركيا الغربيين في النظر إلى تطلعاتها النووية بعين الريبة، وأن يستمر القادة الإيرانيون في لعبتهم الخطرة في التغطية النووية، لكنه من غير المرجح أن تتخلى إسرائيل عن سياسة التعتيم الحذرة في القريب العاجل. ولا تزال الظروف الإقليمية وتفضيلات السياسة الداخلية تقوض الشروط اللازمة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية. بعبارة أخرى، من غير المرجح أن ينتهي القلق والضغوط بشأن المسألة النووية في الشرق الأوسط في القريب العاجل.