خلفية المشروع ونطاقه
تعتبر الثورة الإيرانية من أهم الأحداث التي جرت في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمسين الماضية. فقد حولت الثورة إيران إلى واحدة من أكبر وأكثر الدول تأثيراً في المنطقة، ونتج عنها آثار بعيدة المدى على جيران إيران وكذلك على العالم بأسره. ومنذ السنوات المبكرة في فترة ما بعد الثورة، فقد وجد الباحثون والمحللون أنفسهم في حيرة من أمرهم بخصوص الجمهورية الإسلامي، وعواقبها على المجتمع والتاريخ الإيراني، واتجاهها وتطورها. واليوم، بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الثورة، تم إثبات قدرة الجمهورية الإسلامية بشكل واضح. وقد أبرزت الذكرى الثلاثين أيضاً حقيقة الحاجة الماسة لفهم أكثر دقة حول قدرة النظام على الاحتمال، والتدقيق المعمق بالطبيعة متعددة الأوجه في المجتمع الإيراني المعاصر. على مدار السنوات الثلاثين الماضية كانت هناك تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية هامة وذات مغزى ضمن نطاق الدولة ومجتمعها. تحتاج هذه التغييرات إلى الدراسة بعناية إن كنا نبحث عن فهم شامل لإيران المعاصرة.
أولى الكثير من العلماء اهتماماً بالسياسات الإيرانية الخارجية والإقليمية، وبأهميتها الجيوسياسية والجيوستراتيجية، واستراتيجياتها الأمنية والدفاعية، وتصلبها الأيديولوجي. وقد بذل المحللون السياسيون والخبراء جهوداً مكثفة لتفسير المناورات والدسائس التي تقوم بها القيادة الإيرانية، كما يوفر التدفق المنتظم للأوراق السياسة الجديدة تقييمات مفصلة للأجندات الإقليمية والدولية المزعومة للنظام، والتهديدات التي تشكلها على النظام الدولي. وقد أوليت المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران، وبرنامجها النووي المثير للجدل، والطموح المفترض لتأكيد هيمنتها الإقليمية على جيرانها الكثير من التركيز التحليلي الحالي. كما يقدم سلوك السياسة الخارجية الإيرانية على الدوام باعتباره يشكل تهديداً فعلياً لجيرانها وللعالم بأسره. وعلى هذه الخلفية من تزايد الاهتمام العالمي بعلاقات إيران الدولية، يكمن الذم الناتج على قصر النظر والخطاب القائم على الأمن، وغالباً ما تحتل استكشافات الأداء المحلي أو الداخلي لإيران مكانة ثانوية.
كثيراً ما تركز الجهود الأكاديمية لدراسة الأوضاع الداخلية في إيران بشكل خاص على قضايا الخلافة السياسية، والتنافس بين أصحاب المصلحة والفصائل السياسية المتخاصمة، ودور الجهات الحكومية المختلفة، ونجاح أو فشل سياسات الدولة المختلفة، وإمكانية الإصلاح. مع انتخابات عام 2009 المتنازع عليها والحركات الاحتجاجية التي تلت ذلك، تم لفت انتباه المجتمع الدولي مرة أخرى لدراسة التطورات السياسية الداخلية في إيران، وذلك بهدف تقييم مدى التصدع الاجتماعي والسياسي داخل الدولة، واحتمالات تعرض النظام لتهديد شديد من قبل المعارضة العلنية. على الرغم من استمرار انبهار كل من الأوساط السياسية والأكاديمية بإيران، ثمة عدد قليل من الدراسات المتعمقة حول التطورات الاجتماعية والثقافية في هذا البلد.
تم بذل القليل من الجهود مؤخراً من قبل العلماء للانخراط في بحث معمق عن التنمية المحلية في إيران. وتماشياً مع حجم هذه المنحة الوليدة، فإن مركز الدراسات الدولية والإقليمية بصدد إطلاق مبادرة بحثية جديدة على أساس تجريبي تهدف إلى دراسة مجموعة متنوعة من التغيرات والتطورات الجارية حالياً في المجتمع الإيراني. سوف يتناول التغيير الاجتماعي لإيران في مرحلة ما بعد الخميني بالفحص الدقيق بعض أكثر المواضيع أهمية داخل إيران المعاصرة، مع التركيز على المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. نهدف من خلال هذه المبادرة البحثية متعددة التخصصات والقائمة على أساس تجريبي، إلى تقديم دراسة شاملة عن المجتمع الإيراني المعاصر. تشمل بعض مجالات الاستكشاف:
- إيران اليوم: التفكر في الثورة بعد أن شارف عمرها على منتصف الثلاثينات
- الحداثة والدولة
- رجال الدولة: النخبة القوية الجديدة في الجمهورية الإسلامية
- من الخميني إلى خامنئي: المؤسسات المتغيرة في ولاية الفقيه
- الاتجاهات الفكرية في إيران في مرحلة ما بعد الخميني
- حقوق الإنسان في إيران بين النظرية والممارسة
- الوظائف الاجتماعية والسياسية للمساجد
- ما الذي يفكر به الإيرانيون؟ الرأي العام واستطلاعات الرأي في إيران
- التحضر منذ ثورة عام 1979
- التلوث والتدهور البيئي في كبرى المدن الإيرانية
- الدولة والتعليم العالي
- الدولة والخدمات الاجتماعية لقدامى المحاربين والمعوقين
- الأعمال وتنمية المشاريع في إيران اليوم
- فقراء الريف والحضر في إيران المعاصرة
- النمو السكاني وتضخم أعداد الشباب
- المرأة والقانون في إيران في مرحلة ما بعد الخميني
- سياسة الشباب الإيراني والثقافة الثانوية
- العقوبات الغربية والصناعة المحلية والاستهلاك في إيران
- أصحاب المصالح الاقتصادية في إيران: السلطة والسياسة في “البونيادات” الخيرية
- أدب ما بعد الثورة
- تعاطي المخدرات والإدمان في إيران المعاصرة
- سياسة الرعاية الصحية والسياسة الصحية
- الفنون البصرية
- وسائل الإعلام الاجتماعية وتكنولوجيا الاتصالات
- الفيلم الإيراني والهوية الإيرانية
- الضبط والاتصال بالوطن الأم: الشتات الإيراني في الخارج
المقال بقلم زهرة بابار، مدير البحث المساعد في مركز الدراسات الدولية والإقليمية