خلفية المشروع ونطاقه
ظلت الرياضة لعقود متتابعة تتمتع بأهمية محورية في منطقة الشرق الأوسط سواء بالنسبة للاعبين (المحترفين والهواة)، أو للجمهور والمشجعين، وللمؤثرين فيها والمتأثرين بها في قطاعات صناعية وتجارية متعددة وبالصحافة والإعلام، إلى الأطباء والعاملين بمجال الرعاية الصحية، حتى المعلمين والسياسيين، والمجتمع برمته. إن عمل الرياضة يتخذ عدة أشكال وصيغ للتعبير عن مواقف سياسية والعمل السياسي، والتنمية الاقتصادية، وتشكيل الهوية الوطنية وتأكيدها، إضافة إلى تعزيز العلاقات الدولية والإقليمية. ولكن على الرغم من هذا الفيض من الميادين والمجالات المختلفة لإجراء الأبحاث والدراسات، فلم يكن هناك سوى قدر محدود من الاهتمام الأكاديمي لدراسة الدور الذي لعبته الرياضة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المعاصرة في المنطقة.
على الرغم من التطور الملموس في المجال الرياضي كمكون رئيسي في المجتمعات في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الرغم من زيادة الاقبال على الدراسات الاجتماعية للرياضة في مناطق أخرى من العالم، فليس هناك سوى مواد محدودة من الدراسات التي تتناول الرياضة في منطقة الشرق الأوسط. وتشير المادة النظرية المتاحة حاليا إلى أن الرياضة يمكن أن تكون ميدانا للتفاعل الاجتماعي، وإعادة تشكيل المجتمع والمقاومة. فاستخدام عدسة الرياضة يقدم لنا ميدانا جديدا يمكن من خلاله اختبار القوة، وعدم المساواة الاجتماعية، والحكم والقواعد المنظمة له، العلاقات بين الجنسين، وغيرها من المحددات عن كيفية تشكل المجتمعات.
كما يعتبر الاقتصاد السياسي للرياضة أيضا من المناظير التي تستحق مزيداً من الاهتمام البحثي. فالرياضة لا توجد فقط في إطار الممارسات اليومية للألعاب التي يمارسها الناس كوسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية والتواصل الاجتماعي، ولكن أيضا في نطاق أكثر منافسة كالرياضات الاحترافية والمنظمة على نطاق رسمي. فالمسابقات الرياضية والمنظمات الرياضية قد تجاوزت الحدود السياسية للدول لتصبح جزءا من النظام العالمي المقيد تتناول فيه الدول عن بعض من سيادتها.
تقوم عولمة الرياضة في إطار أعمال معقد ومتعدد الطبقات يتضمن استثمارات مالية وأرباح ضخمة، يتكون من مشاركين متعددين يمثلون قطاعات صناعية متنوعة. عند النظر إلى الرياضة في إطار شرق أوسطي معاصر، سنفتح أفق جديد أكثر عمقا لرؤية العلاقة بين الدولة والمجتمع، والاقتصاد السياسي، و العلاقات الدولية. وفي هذا السياق، يدشن مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية مشروعا بحثيا جديدا يأمل من خلاله إلى استكشاف بعض من المجالات التالية:
• التطور التاريخي للرياضة في الشرق الأوسط• الرياضة والعلاقات الدولية في الشرق الأوسط• الأحداث الرياضية الضخمة، المخاطر التي تهدد السمعة والاسماء والعلامات التجارية• الاقتصاد السياسي للرياضة في الشرق الأوسط• الوطنية، والهوية، والرياضة في الشرق الأوسط• الاحتواء الاجتماعي والجندر في الرياضة في الشرق الأوسط • النزاعات العرقية والقومية والرياضة في الشرق الأوسط• الرياضة والاعلام في الشرق الأوسط• الرياضة والصحة.
سيساهم تناول هذه القضايا البحثية وغيرها في ملء الفجوات وزيادة المادة العلمية المتاحة عن الرياضة في الشرق الأوسط، خصوصا فيما يتعلق بالمناطق السالفة الذكر المقترحة للدراسة. تتناول هذه المبادرة البحثية موضوعا تزداد أهميته بينما لا يظل لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام والدراسة في دراسات الشرق الأوسط. وسيؤدي استخدام نطاق متداخل بين المجالات في ميادين العلوم الاجتماعية، فإن المشروع يزيد من عمق المعارف النظرية والتطبيقية على حد سواء والقدرات التحليلية المتعلقة بدور الرياضة في الشرق الأوسط.
كتب المقال إسلام حسن، الباحث لدى مركز الدراسات الدولية والإقليمية