تقرير موجز

تقرير موجز

هذا هو  التقرير الموجز رقم (10) لمركز الدراسات الدولية والإقليمية  حول “التغيير الاجتماعي في إيران -مرحلة ما بعد الخميني ” ويعرض تفاصيل المبادرة البحثية لمركز الدراسات الدولية والإقليمية  حول  “التغير الاجتماعي في إيران -مرحلة ما بعد الخميني ” و يتناول بعمق بعض الموضوعات بالغة الأهمية في إيران المعاصرة، مع التركيز على المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. انقر أدناه لقراءة التقرير باللغتين الإنجليزية و العربية:

وفيما يلي مقتطف من مقدمة كتبها محمود منشيبوري. انقر هنا لقراءة التقرير بالكامل باللغة الإنجليزية.

أدى التحول الكبير في المجتمع الإيراني على مدى العقدين الماضيين إلى تجدد الاهتمام بالطرق التي تطورت بها التفاعلات الاجتماعية والتقاليد الثقافية، و تشهد إيران حاليا عمليات تغيير اجتماعي تراكمي طويلة الأجل قادت إلى أنواع مختلفة من ردود الفعل والتسويات، بما في ذلك السياسات المثيرة للجدل وعزم مجموعة كبيرة  من الحركات الاجتماعية المتنوعة على تحويل المسار الاجتماعي، ولطالما كانت التحديات الداخلية منذ فترة طويلة هي الموجهة لدفة تحديد السلطة وطبيعة العلاقات بين مختلف الفصائل التي تسعى للسيطرة والوصول إلى داخل الجمهورية الإسلامية.

وبالتركيز على تعقيد هذا التغيير وأنماطه المتداخلة، يوضح كريغ كالهون Craig Calhoun أن الاضطرابات الاجتماعية الكبيرة مثل: النمو السكاني، والتحولات الديموغرافية والرأسمالية والاتجاه إلى التصنيع والحداثة، وانتشار تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، يكون لها تداعيات بعيدة المدى.

ونظرا لانتشار هذه العملية، فإن مما لا شك فيه أن  التغير الجذري في أحد جوانب الحياة الاجتماعية يؤدي إلى تغير جوانب أخرى. ومن هذا المنطلق فإن التغيير الاجتماعي قد أدرك الجمهورية الإسلامية، فسرعة وشدة التغيرات التي عصفت بإيران قد تجاوز ت بكثير قدرة الأنظمة والمؤسسات الراسخة على التعامل معها، وعلى الرغم من نجاح الجمهورية الإسلامية في ممارسة الرقابة على طبيعة واتجاه بعض مظاهر التغير الاجتماعي بصورة واضحة، إلا أن نجاح محاولاتها للحد من تدفق المعلومات التي يسرتها تقنيات الاتصال الحديثة كان أقل من ذلك.

إن عدم قدرة معظم الآليات السياسية الإيرانية الرسمية على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي الفعال الطويل الأجل لا تعكس الواقع المتغير فحسب، بل توضح أيضا آثار سوء الإدارة. كما أن الصراع على السلطة بين الفصائل المتنافسة داخل وخارج المؤسسات الحاكمة، وخاصة في مرحلة ما بعد الخميني قد طغى تماما على أي اهتمام منظم وهادف بالتغيرات الاقتصادية والثقافية والدينية، والتكنولوجية التي تشهدها إيران.

وفيما مضى، أدى اعتماد القادة الإيرانيين المستمر على القرارات السياسة الوقيتة والارتجالية إلى حسابات خاطئة وسوء إدارة جسيمة، وعلى نطاق أوسع، فقد أدت هذه العوامل إلى تراكم الشكوك وفشل السياسات في أعقاب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والسياسية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة إلى تزايد صعوبة تحديد وفهم السمات الأوسع للتغيير الاجتماعي والثقافي في إيران.

ومن الجدير بالذكر أن آية الله روح الله الخميني قد صور ثورة 1979 باعتبارها ثورة إسلامية بدلا كونها ثورة إيرانية استثنائية، وهذا ما منحها  مزيدا من الشرعية بوصفها حركة معادية للإمبريالية والغرب وقادرة على الانتشار، وسواء من الناحية الرمزية أو الموضوعية، فقد غذت هذه الخطوة التوجه للوحدة الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، وتزايد الازدراء تجاه النفوذ الأجنبي. ، وكان الشعور بتأثير هذه الثورة فوريا وملحوظا في المنطقة.

طغت الحرب بين العراق وإيران (1980-1988) التي قامت على اعتقاد نظام صدام حسين أن إيران الثورية كان تسعى إلى إشعال انتفاضة شيعية في العراق على اتجاهات التغييرات الاجتماعية الاقتصادية والثقافية في البلاد، فلم يسمح الدمار الذي خلفته الحرب إلا بمساحة صغيرة للحياة الطبيعية عند معظم الإيرانيين الذين تضرروا بشدة من جراء الركود الاقتصادي والقيود الاجتماعية والثقافية التي خلفتها الحرب. لقد ألقت الآثار طويلة الأجل لهذا الصراع الدامي والمدمر بظلال قاتمة على العديد من الإيرانيين على مدى السنوات التي تلته، وأدت وفاة الخميني في يونيو 1989 إلى حقبة جديدة للسياسة الإيرانية، إذ تم استبدال الحماسة الثورية بالحاجة الماسة والملحة لإعادة البناء الوطني والتنمية الاقتصادية.

وهكذا فإن حقبة ما بعد الخميني تتسم بالتغير العميق للمشهد الاجتماعي السياسي في إيران، ومنذ عام 1989، أدت الديناميات الداخلية للتغيير في إيران والتي تشمل مجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمؤسسية والديموغرافية والسلوكية إلى انتقال مزق البنى المجتمعية والحكومية للسلطة على حد سواء ، فضلا عن الطرق التي الإيرانيين اضطر الإيرانيون إلى إتباعها في ظل الظروف المتغيرة في مجتمعهم. وقد أسهمت لاتجاهات العالمية في توسيع الاتصالات والمعلومات في تسريع المطالبة بحقوق المرأة والحريات الفردية، وأدت إلى تفاقم التوترات حول السياسة الثقافية. إن هذه الحقائق هي ما جعلت إيران بلد التغييرات المتناقضة وغير المسبوقة في بعض الأحيان.

يهدف هذا الكتاب إلى فتح طرق جديدة للنظر إلى إيران من خلال طرح موسع منفتح عن الشكوك التي تكتنف المجتمع الإيراني، والدولة، والثقافة، والاقتصاد. إن هدفنا هو تعزيز المشاركة النقدية للتغيير الاجتماعي في إيران الحديثة، واضعين نصب أعيننا التعمق في التحليل المعياري واستخلاص الإجراءات والنتائج، ويأتي تقسيم هذا الكتاب في خمسة أجزء. يتناول الجزء الأول منه مفاهيم القوة والسلطة السياسية، فضلا عن تطور بناء الهوية وصعود القيادة التكنوقراطية. ويقدم الجزء الثاني من الكتاب تقييما لدور المرأة في دفع إصلاحات القانون، والانخراط في النضال من أجل الحريات السياسية من خلال الفنون والثقافة، ومواجهة التحولات العميقة في بنية الأسرة نتيجة للتغير الاجتماعي والاقتصادي.

في الجزء الثالث، يناقش الباحثون المشاركون تطوير مجتمع مدني أوسع في إيران، فضلا عن نمو المجتمع المدني في مجتمعات الشتات، وخاصة عند الجيلين الثاني والثالث من الأمريكيين ذوي الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة. أما في الجزء الرابع فقد أولى الباحثون المشاركون اهتماما خاصا للدور الذي لعبته السينما، وموسيقى البوب، والفن بشكل عام في نشر الأفكار الجديدة في السنوات الأخيرة والتي كانت تمثل في بعض الأحيان تحديا خاصا للتغيير، وتتفق في أحيان أخرى مع التعاليم الإسلامية والمبادئ والمعايير المحلية، وفي الختام يأتي الجزء الخامس ليتناول التأثير المتزايد للقطاع الاقتصادي والمؤسسات المالية الدينية “البنياد” والشركات التجارية في إيران جنبا إلى جنب مع جهاز السلطة على التنمية الاقتصادية للبلاد والتغيير الاجتماعي.