تقرير موجز

تقرير موجز

يسرد التقرير الموجز حول الاقتصاد السياسي في منطقة الخليج تفاصيل البحوث التي أجريت من قبل مركز الدراسات الدولية والإقليمية خلال اجتماعات فريق عمل “الاقتصاد السياسي في منطقة الخليج” التي عقدت في الدوحة على مدار عامين. اضغط على الروابط أدناه لقراءة التقرير كاملاً بالإنجليزية أو العربية:

وفيما يلي مقتطفات من المقدمة التي أعدها مهران كمرافا. انقر هنا لقراءة التقرير كاملاً

تحول عام 2011 إلى عام تاريخي للشرق الأوسط، كما أنه كان عاماً حافلاً بالأحداث التي قد تظهر آثارها في غضون سنوات أو عقود من الزمن. من غير الواضح التنبؤ في المستقبل القريب فيما إذا كان “الربيع العربي” سوف يقود إلى موجة من التحول الديمقراطي والتغيير الجذري في طبيعة التفاعلات بين الدولة والمجتمع في الشرق الأوسط، كما فعلت الثورة المخملية في شرق ووسط أوروبا عام 1989، أم أن الأمر سينتهي بإعادة أنماط الحكم غير الديمقراطي القديمة لكن بأشكال جديدة. ما يبدو جلياً هو أن الثورات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط من المغرب إلى الجزائر في الغرب والبحرين وعمان في الشرق، كانت لها جذور في التناقضات الأساسية في سياسات المنطقة واقتصاداتها. يستكشف الكتاب هذه التناقضات وعلاقتها بنظام فرعي في الشرق الأوسط، أي منطقة الخليج.

يمكن تصنيف الاقتصاد السياسي لمنطقة الخليج على نطاق أوسع إلى ثلاث مجموعات تطويرية عامة. أولاً: تعمل دول الخليج بوجه عام على إحداث نمو اقتصادي سريع وبذل مجهودات لتعزيز تطورات هيكلية كبيرة. في عام 2011، كان من المخطط أن يزداد معدل النمول بدول مجلس التعاون إلى 7.8%، حيث كان من المتوقع أن يزداد فائض الحسابات الجارية الخارجية بها من 136 مليار دولار أمريكي إلى 304 مليارات دولار أمريكي عند عودة أسعار النفط إلى الارتفاع. وكما هو الحال في العقدين الماضيين، استخدمت جميع الحكومات الأرباح غير المتوقعة للاستثمار في مشاريع البنية التحتية بشكل كبير.

ثانياً: بالنسبة لجميع بلدان المنطقة، -وعلى الرغم من نجاح ذلك الأمر مع بعض الدول أكثر من غيرها باستثناء إيران- فقد كان من الممكن بذل جهود تنموية جبارة في ظل وجودة مستويات عالية نسبياً من العولمة والاندماج في الاقتصاد العالمي، خاصة عند مقارنتها مع مناطق أخرى في الشرق الأوسط. ومن الأمور ذات الدلالة، تأسيس قادة دول مجلس التعاون لعولمة تتوافق مع المفاهيم المتطورة للقومية. وبصورة أكثر تحديداً، قاموا بتقديم المشاركة الاقتصادية العالمية على أنها جانب متمم للمشروع القومي. وقد صرحوا بأنه ليس من الضروري امتلاك عملية إنتاج الموارد الطبيعية وتسويقها – الغاز والنفط – بل امتلاك أرباح بيع هذه الموارد الطبيعية وتسويقها. وتتناقض صياغة هذا الموقف القومي بشكل كبير مع تصورات القوميين في الأعوام الماضية مثل عبد الناصر، أو الثوريين كالقذافي والخميني، الذي رأوا أن الانفتاح الاقتصادي على الأطراف الخارجية يعد بمثابة دعوة للقوى الاستعمارية الجديدة لاستغلالهم. وكانت النتيجة ظهور مستويات مرتفعة نسبياً من الشراكة الاقتصادية العالمية بين دول مجلس التعاون. وينجذب المستثمرون من جميع دول العالم إلى منطقة الخليج التي تعد إحدى أكثر “مناطق الطاقة” إدراراً للربح في العالم، نظراً لتوفر بيئات سياسية ومحلية في المنطقة تتناسب مع الأعمال التجارية. ومن جانبها تبحث دول مجلس التعاون الخليجي في الغرب عن أسواق جديدة تعود عليها بالربح لاستثمار صناديق الثروات السيادية الضخمة الخاصة بها.

ثمة اتجاه ثالث يميز الاقتصاد السياسي في معظم دول الخليج، ويتمثل بإرساء أسس التنمية المستدامة عند انتهاء عصر النفط وعدم قدرة صادرات النفط والغاز على تمويل مشاريع التنمية بسرعة فائقة. للقيام بذلك، تسعى معظم دول المنطقة ولاسيما أكثرها ثراء إلى تشجيع الاقتصادات القائمة على المعرفة.

على الرغم مما سبق، يتطلب تعزيز الاقتصادات القائمة على المعرفة أكثر من مجرد بناء صروح رائعة وإيجاد محاور أو مناطق تعليمية معزولة، كما أنه يتطلب إجراء تعديلات هيكلية في القطاعات الاقتصادية ذات الصلة، فضلاً عما يصاحب ذلك من تحولات في القيم والأعراف الثقافية. يصعب أيضاً الحصول على بيانات تجريبية دقيقة حول هذه الظاهرة.

لقد كان من الحتمي أن تتصدى المجهودات الإنمائية الثلاثة الواسعة التي تميز الاقتصاد السياسي في منطقة الخليج – المتمثلة بالنمو الاقتصادي السريع وتطوير البنية التحتية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، واستحداث اقتصادات قائمة على المعرفة – بثلاث سمات هيكلية مستوطنة في الاقتصادات السياسية لجميع دول المنطقة. تشمل هذه السمات الريعية وما يترتب عليها من تبعات، وضغوط ديموغرافية، وأوجه القصور الهيكلية الأخرى التي تمارس ضغوطاً سلبية وتدفع باتجاه مغاير للأهداف التنموية. ومنذ بداية عصر النفط في منطقة الخليج، شهدت المنطقة تطوراً لمفهوم الريعية في ظل النتائج المتناقضة، ففي الوقت الذي مكنت فيه الريعية الدولة من توجيه عائدات النفط والغاز إلى المجتمع وتأمين قدر من الرضوخ السياسي، فقد ساهمت أيضاً في جعل الدولة متعلقة بالحفاظ على موقفها الراعي تحسباً لأية عواقب سلبية. وبقدر أهمية الدور الذي تلعبه الضغوط الديموغرافية، فإن دول المنطقة إما أن تكون كثيفة السكان مقارنة بمواردها وسعة بنيتها التحتية، أو أن تعتمد من ناحية أخرى بشك كبير على العمالة الوافدة لتنفيذ برامجها التنموية.

أخيراً، يمكن أن يتسبب الاستهلاك المفرط للثروة النفطية من جانب السكان والدولة في أن يخفي وراءه الضعف الهيكلي الناجم عن الاعتماد على صادرات النفط والغاز. يظهر النمو الاقتصادي المتقلب في منطقة الخليج من ثمانينيات القرن العشرين حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والذي يعتبر نموذجاً لبقية دول الشرق الأوسط، سرعة تأثر هذه البلدان بالتوجهات الدخيلة ويعكس بشكل مباشر الاضطراب المتعاقب لسوق النفط الدولية.

لقد أصبحت معظم الدول الإقليمية تشارك بدور رئيسي في الاقتصاد العالمي، ويرى الكثيرون أن التدفق الكبير لعائدات النفط في الاقتصاد قد ساهم بشكل جزئي في إخفاء – وفي بعض الأوقات دون إحراز تقدم ملحوظ – مواطن الضعف الهيكلية التي لا تزال تميز اقتصادات تلك الدول.