مها الهنداوي تحاضر عن التعليم الشامل في الخليج
قامت مها الهنداوي أول زميل لمركز الدراسات الدولية والإقليمية من جامعة قطر للعام الدراسي 2012 – 2013 والأستاذ المساعد في التربية الخاصة في كلية التربية في جامعة قطر، بتقديم حلقة نقاش حول “اقتراض السياسات في التعليم: مثال التعليم الشامل في الخليج” وذلك بتاريخ 19 فبراير 2013. بدأت الهنداوي محاضرتها بالإشارة إلى أن اهتمامها بهذا الموضوع ينبع من تجربتها الشخصية كخريجة جامعة أمريكية عادت إلى قطر وهي تفكر في إمكانية تنفيذ بعض السياسات والإجراءات التي تعلمتها والخبرة التي اكتسبتها خلال دراستها في الخارج.
أوضحت الهنداوي مدى حماسها في البداية للعمل على بعض السياسات الأمريكية لدى عودتها إلى قطر. إلا أن التطبيق على أرض الواقع أثبت العكس، فقد بدأت الهنداوي بمواجهة مشاكل جوهرية مع موضوع “اقتراض السياسات”. ومنحها تدخلها المباشر في المدارس المحلية، والمجلس الأعلى للتعليم تصوراً أفضل عن التحديات التي تواجهها بيئة التعليم المحلية والتي لا يمكن لاقتراض السياسات أن يواجهها، بل على العكس، من الممكن أن يؤدي إلى مجموعة جديدة من التحديات غير المتوقعة. لاحظت الهنداوي أن تطبيق بعض السياسات في قطر لم يحقق نسبة نجاح التي حققها في الولايات المتحدة. وتعمل حالياً في البحث عن أسباب هذه التحديات وما الذي يمكن فعله للمساعدة في صياغة توجهات السياسة المستقبلية. تقول الهنداوي: “اخترت بداية إحدى أهم السياسات المطبقة في التربية الخاصة، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، وهي “التعليم الشامل”، لتشكل دراسة حالة أعقبت مسار البحوث التي قام بوضعها باحثون مشهورون في هذا المجال.
يعرف “التعليم الشامل” بأنه دمج الطلاب من ذوي الإعاقات في نظام التعليم العام وتمكينهم من تعلم المنهاج الدراسي العام. ثمة أساليب مختلفة للتعليم الشامل حول العالم، وفي حين تنصح بعض النماذج بإمكانية دمج الطلاب من ذوي الإعاقات البسيطة فقط، تدعو منظمة اليونسكو من جهة أخرى إلى تطبيق “الدمج الكامل” والنظام المدرسي المفتوح حيث يتمكن أي طالب من ذوي الإعاقات، بصرف النظر عن شدة إعاقته، من الوصول إلى نظام التعليم العام. يؤدي هذا التعارض في الآراء حول ما يشكل “التعليم الشامل” إلى العديد من التحديات. فعلى سبيل المثال، اعتمد النظام المدرسي القطري كلاً من الدمج المعدل والدمج الكامل في أوقات مختلفة وبنتائج مختلفة.
تتابع الهنداوي: “تعد العولمة والضغوط الدولية الأسباب الرئيسية لاقتراض السياسة، أو اقتراض سياسة التعليم الشامل”. ومن المهم أن نضع اقتراض السياسة في سياقها الصحيح. “فهنا في الخليج، عندما ظهرت سياسة التعليم الشامل، كانت مرافقة لعملية إصلاح التعليم”، وإعادة تنظيم لكامل النظام المدرسي والمناهج الدراسية. وأكدت الهنداوي أن “التوقيت في غاية الأهمية لأن هذه السياسة قد ظهرت بعد أحداث 9/11، عندما بدأ الغرب بالتشكيك في نظام التعليم العربي بشكل عام وانخرط بشكل مباشر في إصلاحه. تعتبر هذه القضية مثيرة للجدل بشكل كبير وتمت مناقشتها في وسائل الإعلام المحلية في جميع أنحاء الخليج.
“عندما بدأت سياسة الدمج في الغرب، كانت نتيجة لحركات حقوق الإنسان، وخرجت من فكر العدالة الاجتماعية، والإنصاف والمساواة. لذا فقد كانت في واقع الأمر قراراً صاعداً من المستويات الدنيا إلى المستويات العليا” ونما عضوياً من خلال المطالب العامة. أما في دول الخليج فقد تم فرض هذه القرارات السياسية من المستويات العليا على المستويات الدنيا. وفي هذا الصدد، وعلى الرغم من أن هذه السياسات جديرة بالثناء وتعد مثمرة في بلدانها الأصلية، إلا أن الوقت لم يكن كافياً لتصفيتها من خلال البنى الاجتماعية في دول الخليج.
في الختام نبهت الهنداوي من أن اقتراض السياسات يعد مشكلة عندما يتم تطبيقه “كإصلاح سريع” لمعالجة قضية آنية. وتتفاقم هذه المشكلة عندما لا تعتبر هذه السياسات البيئات الاجتماعية، والثقافية، والسياسية الخاصة والتي قد لا تكون متوافقة على الدوام مع التطبيق ومع أهداف السياسة. باختصار، يجب تنفيذ عملية اقتراض السياسة البناء والحذر بأسلوب يأخذ بعين الاعتبار السياقات المحلية لتصبح هذه السياسات منضوية في الدولة التي تعمل بها.
حصلت مها الهنداوي على درجة الدكتوراه في التربية الخاصة وإدارة الإعاقة من جامعة فيرجينيا كومنولث. تشمل اهتماماتها البحثية السياسات التعليمية ومبادرات الإصلاح في المنطقة، والتدخلات الأكاديمية من أجل الأطفال والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة والمعرضين للخطر، وجودة إعداد البرامج التدريبية للمعلمين. وللهنداوي منشورات في مجال التربية الخاصة وكانت ضيفاً متحدثاً في فعاليات وأنشطة مختلفة.
بغية تعزيز إنتاجية البحوث المحلية، وبناء على علاقة الزمالة التي أسسها مركز الدراسات الدولية والإقليمية مع جامعة قطر، فقد أطلق المركز زمالة سنوية تمنح لعضو من أعضاء هيئة التدريس في جامعة قطر. وقد تم اختيار مها الهنداوي لتكون زميل مركز الدراسات الدولية والإقليمية للعام الدراسي 2012 – 2013. سوف تدعم الزمالة الهنداوي في مشاريعها البحثية الهامة، بهدف نشر نتائج هذه البحوث.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.