جون إسبوزيتو في محاضرة عن: ما الذي يجول بأذهان مليار مسلم حقاً
تحدث الباحث الشهير وصاحب المؤلفات الكثيرة جون إسبوزيتو لجمهور قدر بنحو 400 ضيف في 17 فبراير 2008 في النادي الدبلوماسي في الدوحة. كشف أستاذ العلوم الدينية والعلاقات الدولية في جامعة جورجتاون خلال المحاضرة عن نتائج كتابه الأخير، من يتحدث باسم الإسلام: ما الذي يجول بأذهان مليار مسلم حقاً.
بصفته المدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي – المسيحي في مدرسة والش للشؤون الدولية في جامعة جورجتاون، أكد إسبوزيتو أنه طوال مسيرته كان يسأل مراراً وتكراراً نفس الأسئلة المتعلقة بالإسلام: هل يتوافق الإسلام مع الديمقراطية؟ ما هي العلاقة بين الإسلام والحداثة؟ وماذا عن اتصاف الإسلام بالعنف؟ وفقاً لإسبوزيتو، فإن هذه الأسئلة تؤكد على الصدام الواضح بين مفاهيم الغرب والعالم الإسلامي، والمشكلة كما يقول أسبوزيتو هي أنه كثيراً ما يتم تضخيم قضايا المتطرفين والإرهاب في وسائل الإعلام، ليطغى ذلك على الآمال والمخاوف والاستياء والحقائق عن مليار مسلم في العالم. وبدلاً من منح المصداقية لأقلية متطرفة، قرر إسبوزيتو مع مركز غالوب للدراسات الإسلامية تجميع البيانات وإبراز صوت الأغلبية الصامتة ما سوف يساعد الرأي العام لتجاوز الأيديولوجيات والجهل بالإسلام.
يستند كتاب “من يتحدث باسم الإسلام: ما الذي يجول في أذهان مليار مسلم حقاً” إلى ست سنوات من البحوث وأكثر من خمسين ألف مقابلة تمثل 1.3 مليار مسلم يقيمون في أكثر من 35 دولة أغلبية سكانها من المسلمين. ويمثل هذا الاستطلاع أكثر من 90٪ من المجتمع المسلم في العالم، بالتالي يعد أكثر دراسة شاملة من نوعها.
ركز حديث إسبوزيتو على النتائج الرئيسية للمسح كون هذه النتائج متصلة بصراع المفاهيم والمعايير المزدوجة للسياسة الخارجية الأمريكية، وتتعلق بالحاجة إلى تعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في العالم الإسلامي. وقبل الخوض في ظلمات السياسة، ألقى إسبوزيتو الضوء على مشكلة الإدراك ووضح أنها الفرق الصارخ بين ما يعجب به المسلمون في الغرب، وما يعجب به الغربيون بخصوص العالم الإسلامي. فقد ذكر أغلب المسلمين الذين تمت مقابلتهم إعجابهم بالمثالية الغربية للديمقراطية، وسيادة القانون، والمشاركة السياسية، والمساءلة، والنمو الاقتصادي، والتكنولوجيا. مع ذلك، وعلى الرغم من تزايد الوعي حول الإسلام والمسلمين في الغرب في مرحلة ما بعد 11/9، فقد ذكر 57٪ من الغربيين الذين استطلعت آراؤهم أنهم غير معجبون بشيء أو لا يمكنهم التفكير في أي شيء قد يعجبهم في العالم الإسلامي. وهنا يصبح صراع المفاهيم واضحاً، حيث تترجم الحرب ضد الإرهاب إلى حرب ضد الإسلام.
يقول إسبوزيتو إن هذا رسم تصويري هش، لأن الكثير من المسلمين يرى الحرب ضد الإرهاب كذريعة لإعادة رسم خريطة العالم الإسلامي، ومع التشويه المستمر للإسلام والمسلمين، فإن كثيراً من المسلمين يشعرون بالقلق الشديد من أن الغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص لديهم معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي الواسع. ويقول إسبوزيتو عندما ننظر إلى عواقب 9/11، نرى أن العديد من البلدان في العالم الإسلامي أصبحت أكثر سلطوية، بالتالي فقد أحبط ذلك التحرك نحو الديمقراطية، وبالتالي فإن هذا يقف في تناقض مع دفع الإدارة الأمريكية للديمقراطية في المنطقة. وأضاف إسبوزيتو أن سياسة تعزيز الديمقراطية التي تريدها الولايات المتحدة للمنطقة هي “ليست لتصدير الديمقراطية في تقرير المصير، لكنها لتصدير نوعية معينة من الديمقراطية”. علاوة على ذلك، لا يريد المسلمون مزيداً من الديمقراطية في بلدانهم فقط، بل “يرغب الشباب المسلم بالحصول على العمل وليس الجهاد”. لذلك لا يقتصر الأمر على المسلمين فقط عند الشعور بالإحباط من سياسات بلدانهم المحلية مع السياسة الخارجية الأمريكية، لكنهم يشعرون وبصورة مؤثرة أكثر، بخيبة أمل إزاء عدم وجود فرص وعدم وجود حراك اقتصادي في بلدانهم.
أوصى إسبوزيتو أن الطريق إلى الأمام بالنسبة للغرب والولايات المتحدة هو بالتأكيد على القوة الناعمة بدلاً من القوة العسكرية، وعند الحديث عن دور أميركا في العالم الإسلامي أوصى بأنه يتوجب على الولايات المتحدة استخدام سياسة العصا والجزرة. وبشكل أكثر تحديداً، على الولايات المتحدة والغرب تعزيز الحرية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في البلدان التي تقدم لها المساعدات والدعم بصدق، فأمام هذه الدول الكثير لتفعله عند مخاطبة الحكومات التي تهمش شعوبها.
ووفقا لبحث غالوب، فإن كلاً من الغرب والعالم الإسلامي يهتمان بالمستقبل، لكن كلاً منهما يعتقد أن الطرف الآخر لا يهتم، وكلاهما يتفقان على أن هناك حاجة إلى مزيد من التفاعل والتبادل والتعليم، ويجب أن يكون الاحترام والشراكة أمراً مركزياً للسياسات الخارجية الغربية والإسلامية، فالأمر يتعلق بالسياسة أكثر منه بالمبادئ. وعندما تحجب عناوين الأخبار المثيرة التفاهم المتبادل بين المجتمعات الغربية والإسلامية وتقوضها، من الضروري عندئذ البدء في حوار وخطاب هادفين.
أخبر إسبوزيتو جمهوره أنه “يرى ضوءاً في نهاية النفق، وسوف يستغرق الأمر سنوات بالنسبة لنا للخروج مما نحن فيه”.
أعد الملخص من قبل علاء أبو زقوق، مسؤول شؤون الطلاب في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر.