ويكيليكس وإصلاح الاستخبارات

ويكيليكس وإصلاح الاستخبارات

ألقى كارل فورد، مساعد وزير الخارجية ورئيس مكتب وزارة الخارجية الأمريكي للاستخبارات والبحوث في عهد الرئيس جورج بوش، محاضرة في حرم جامعة جورجتاون في قطر حول: “ويكيليكس وإصلاح الاستخبارات” وذلك بتاريخ 25 يناير 2011. يعمل فورد كأستاذ محاضر في برنامج العلوم والشؤون الدولية في جامعة جورجتاون.

استهل فورد النقاش بالحديث عن “افتراض ويكيليكس الأساسي وهو أن الشفافية يجب أن تكون كاملة وأن لكل مواطن الحق بمعرفة كل ما يدور في الحكومة”. ومع هذه المثل المدوية، “يصبح من الصعب أن تقف ضد حق الشعب في المعرفة”، لكن مبادئ حرية التعبير التي ترمي ويكيليكس إلى تعزيزها تعتبر ساذجة وغير عملية في ظل المناخ السياسي الحالي. يقول فورد: إن “الشفافية التامة” مبدأ مثالي هام من الناحية النظرية، لكن لا يمكن الحفاظ عليه أثناء الممارسة العملية. ثمة العديد من الحوادث التي يمكن بل وينبغي استخدام السرية فيها كوسيلة ضغط في المفاوضات السياسية التي تخدم المصلحة الوطنية. “والحقيقة هي أن بعض الأشياء يجب أن تبقى سراً – لا لأننا نريد إخفاءها عن الناس، بل لأن ذلك من الناحية العملية يؤدي لخدمة مصالح الأمن القومي”.

أدت القصة الملحمية لويكيليكس إلى إشعال فتيل المناظرات العامة بمجموعة متنوعة من الأسئلة الجوهرية حول العلاقة بين المجتمعات والحكومات. يقول فورد “تعد هذه القضية في غاية الأهمية والتعقيد. فثمة مبادئ رئيسية على المحك: حرية التعبير، والحريات الصحفية، وقدرة الناس على معرفة ما تفعله حكومتهم”، حيث تعتبر هذه القضايا أساسية للديمقراطية وهي أسس أي دولة ليبرالية، إلا أن فورد يرى أن ويكيليكس قد خطفت تلك المبادئ واستثمرتها كذريعة لاختبار النظام الديمقراطي الأمريكي إلى أقصى حد، وأحدثت أضراراً لا تحصى بخصوص أساليب جمع المعلومات وتبادلها.

يرى فورد أنه على الرغم من احتمال حسن النية لدى ويكيليكس لدى عرض الوثائق الخاصة والسرية، فقد أدت خطتها هذه إلى نتائج عكسية. ويضيف: “سوف تحصل ويكيليكس على أثر يعاكس ما طمحت من خلاله أن تحظى بالدعم الشعبي”. وعلى هذا النحو، فما تقوم به ويكيليكس لا يعدو تدميراً للذات، وسوف يؤدي إلى نتائج عكسية، وستكون ظاهرة ذات عمر قصير وستتسبب بالضرر للشفافية.

يقول فورد: “أنا أضمن لكم” أن ويكيليكس قد حققت بالفعل أثراً كبيراً من حيث تشديد الإجراءات الأمنية وتدفق المعلومات، ليس بالنسبة لصانعي السياسة لدينا وحسب، بل وداخل مجتمع الاستخبارات”. ما يعني أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأخرى قد أصبحت بالضرورة أقل شفافية مما كانت عليه في الماضي. وفي المستقبل، سوف يجد الصحفيون صعوبة في العثور على المصادر وسوف يواجه الأشخاص الذين يعمدون إلى تسريب مواد حساسة اتهامات جنائية.

وفي الختام، إن أي فكرة لإصلاح الاستخبارات في المستقبل لن تشكل إلا نكسة كبيرة. “سوف يكون لويكيليكس تأثير سلبي على المعرفة الخاصة بمجتمع أجهزة الاستخبارات الأمريكية ونوعية تحليلنا. إن المعلومات بحد ذاتها ليست ذات أهمية، فما يهم معظم الأشخاص في مجتمع الاستخبارات هو الضرر الذي سببته للعملية”.

  المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.