نور يلمان يحاضر عن تحول الدولة التركية
قدم نور يلمان الأستاذ الفخري للأنثروبولوجيا الاجتماعية ودراسات الشرق الأوسط في قسم الأنثروبولوجيا في جامعة هارفرد، حلقة نقاش في مركز الدراسات الدولية والإقليمية يتاريخ 8 فبراير 2010 حول موضوع “تحول الدولة التركية: الآثار الإقليمية”. وكان يلمان قد دعي إلى الدوحة للمشاركة في مناقشة رسالة الدكتوراه للأستاذ في جامعة جورجتاون مارك فرحة بوصفه مستشاراً للأطروحة، وقد حضر هذه المحاضرة طلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والكادر الإداري في جامعة جورجتاون.
ناقش الأستاذ يلمان العديد من مزايا الدولة التركية التي ساهمت في زيادة أهميتها كلاعب دولي في السنوات الأخيرة. وأوضح أن تعداد السكان في تركيا يشهد نمواً وتزايداً حيث يقدر بما يزيد عن 76 مليون نسمة، وأن الشعب التركي عموماً هو شعب شاب، ما يبشر بالخير لمستفبل اقتصادي منتج. ولفت إلى أن تركيا تتحول إلى دولة صناعية بشكل سريع، وأنها أصبحت قاعدة صناعية للعديد من المنتجات الدولية والمحلية. ذكر يلمان أن العديد من المناطق النائية في الدولة التي بقيت دون كهرباء حتى ثلاثين عاماً من الآن، قد تم وصلها بشبكات الكهرباء وتجهيزها بشكل كامل بأحدث وسائل الراحة والتجهيزات.
روى يلمان كيف تشكلت الجمهورية التركية الحديثة بعد تحالف العثمانيين مع ألمانيا في سبيل عدم فقدان أجزاء من الإمبراطورية العثمانية في مقاطعات البلقان والقوقاز لصالح الجار الروسي العملاق والمتنامي في الشمال، وعلى الرغم من ذلك فقد هزمت الإمبراطورية العثمانية، لكن مصطفى كمال أتاتورك نجح في الحشد ضد قوات الاحتلال من خلال تحريض الحركة الوطنية لتأسيس تركيا الحديثة، “أصبح أتاتورك بطلاً عظيماً، ليس لدى الأتراك فقط، وإنما لدى العالم غير الغربي، وفي الحقيقة فإن عدم مشاركة تركيا في الحرب العالمية الثانية قد منحها فترة من السلام النسبي لتهتم بتطورها منذ عام 1923 حتى يومنا هذا”.
إن حالة التطور المطرد في تركيا والحركة الاقتصادية المتنامية فيها ينبعان من الفلسفة الكامنة وراء “الثورة الثقافية” التركية، التي أسسها أتاتورك، ومع ذلك فإن هذه “الثورة الثقافية” كان لها آثارا مدمرة على السكان المحليين الذين أجبروا على “التشبه بالغرب”، على الأقل في المظاهر الخارجية، وذلك كي تصبح الدولة منافسة للدول الأوروبية، فقد تم حظر جميع الأساليب التقليدية في اللباس واللغة والكتابة والإدراك على نحو فاعل وتم استبدال أساليب أكثر “علمية” وحداثة وتقدمية بها.
مع ذلك، يرى يلمان أن مفاهيم التقدم والتحرر التدريجي للبشر من الدين كانت أفكاراً من القرن التاسع عشر ولم تأخذ بعين الاعتبار التكوينات المجتمعية التقليدية القوية التي كانت متجذرة في المجتمع التركي. ما أدى إلى ردود فعل شعبية سلبية وقوية ضد إصلاحات أتاتورك ضمن سياق حزب العدالة والتنمية، وهو الحزب الحاكم في تركيا اليوم ويعتبر أكثر الأحزاب شعبية وله جذور إسلامية قوية، لقد عبر حزب العدالة والتنمية بقوة عن اهتمامه العميق بالعالم العربي بشكل عام وبالفلسطينيين بشكل خاص، وحافظ في الوقت نفسه على صلته القوية بميراث أتاتورك العلماني.
في الختام ذكر يلمان أنه يوجد الآن في تركيا خطابان قويان متنافسان: الردة الإسلامية، والعلمانية الداعية للحداثة، وقد ولد هذا التقسيم توترات كبيرة من المرجح أن تستمر في المستقبل.
يلمان هو كبير زملاء جمعية زملاء هارفرد. تنصب اهتماماته على جنوب آسيا (سريلانكا والهند)، والشرق الأوسط، واليابان. كما تشمل الاهتمامات البحثية للدكتور يلمان النظرية الاجتماعية المعاصرة وروادها، وأنثروبولوجيا الأديان، والأوضاع الاجتماعية والسياسية في جنوب آسيا والشرق الأوسط. وقد نشر له العديد من الأبحاث على نطاق واسع، بما في ذلك “الدين والحضارة” في حوار الحضارات: جدول أعمال السلام الجديد للألفية الجديدة. طهرانيان ودي.دبليو. تشابل (2002)
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.