نبيل فهمي في محاضرة عن العلاقات العربية الأمريكية في ظل عالم متغير
قدم السفير المصري السابق لدى الولايات المتحدة نبيل فهمي تحليله ونظرته للتحديات السياسة الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة والعالم العربي في كلمة ألقاها في النادي الدبلوماسي في الدوحة في 29 أبريل 2009.
شدد فهمي على الترابط الداخلي للتحديات التي تواجه المنطقة، ورأى أن التطورات على المشهدين السياسيين الأمريكي والعربي قد تتيح فرصاً جديدة للتصدي لتلك التحديات.
أشاد فهمي بانتخاب باراك أوباما كمؤشر على أن “الولايات المتحدة تمر بفترة انتقالية” من حيث الطريقة التي ترى بها مكانها في العالم. ففي ظل إدارة كلينتون، عانت الولايات المتحدة، بحسب فهمي، من الأدوار والمسؤوليات الجديدة التي اضطلعت بها إثر انتقالها من قوة عظمى في الحرب الباردة إلى قوة عالمية. في الوقت نفسه، فإن جورج دبليو بوش قد “سوّق سياسته الخارجية للأمريكيين بوصفها وظيفة المخاوف” وسحب المشاركة الأمريكية من المعاهدات الدولية والتعاون مع الأمم المتحدة.
في المقابل، أخبر الرئيس أوباما الأمريكيين أنهم بحاجة للتغيير وقام برفع دور الدبلوماسية في الأدوات الأمريكية الخاصة بالمشاركة الدولية. يقول فهمي إن أوباما “لم يكن يبيع الخوف”، بل إنه دافع عن فكرة أنه بإمكان أمريكا “المشاركة في العالم”.
بما أن العالم العربي يتأثر بشكل كبير من تصرفات أمريكا – حيث أدت الأزمة المالية العالمية، على سبيل المثال، إلى تخفيض بنسبة 10 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في المنطقة – فإنه يشهد أيضاً تحولاً لديه، مدعوماً بانفتاح جديد على وسائل الإعلام وشريحة شبابية تتمتع بمعرفة أكبر وانفتاح على العالم. يرى فهمي في المستقبل أهمية مستمرة للدول التي لعبت دورا تقليدياً رائداً في المنطقة، مثل مصر، فضلاً عن الأهمية المتزايدة لدول الخليج التي لديها فرصة لتنويع استثماراتها وإحراز الشعور بالقوة الاقتصادية التي لا تعتمد كلياً على السماسرة الخارجيين.
يقول فهمي إن العالم العربي يعاني مع ذلك من افتقار للوحدة وهو الأمر الذي خلفته الصراعات على الأولويات الوطنية والمنافسات الصغيرة. بالتالي، فإن فهمي يرى أن العرب بحاجة للتمعن في نموذج الاتحاد الأوروبي و”إيجاد وسيلة للتحدث بصوت واحد حتى لو لم يكن لدينا مواقف متطابقة”. إضافة إلى ذلك، يتوجب على أجندة العرب للسياسة الخارجية أن تكون أكثر وضوحاً واستباقية، لا أن تكون مجرد رد فعل على الأجندات الموضوعة من قبل الجهات الدولية الأخرى.
يقول فهمي إن الولايات المتحدة تنظر إلى مجموعة كاملة من القضايا، بدءاً من العراق وإيران ووصولاً للسلام العربي – الإسرائيلي والإرهاب، وفقاً لترتيب مختلف للأولويات. ومع ذلك فإن الأخبار المشجعة، هي أنه في الكثير من الأحيان يكون للتطورات على جبهة واحدة انعكاسات إيجابية بالنسبة للآخرين، وأن الرئيس أوباما “يريد أن يتعامل مع كل هذه القضايا معاً”.
أما فيما يخص السلام الفلسطيني – الإسرائيلي، أكد السفير فهمي أنه لا يوجد حل سوى حل الدولتين. وأضاف أنه كان قلقاً من تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي. ومع ذلك، إن أوضحت الدول العربية أنها سوف تواصل أهداف سياستها الخارجية بصرف النظر عن الضغط الخارجي، فإن الولايات المتحدة سوف تستجيب وتتعاون لتحقيق السلام، الذي يصب أيضاً في مصلحتها الوطنية، كما فعلت في السبعينيات مع أنور السادات.
أقر فهمي بأن الإرهاب هو التحدي الرئيسي الذي يواجه العالم العربي، لكنه دعا إلى اعتماد منظور تاريخي بشأن هذه المسألة، حيث أشار إلى أن مصر كانت هدفاً للإرهاب والتطرف الديني قبل أمريكا. وذكر أيضاً أن الإرهاب ليس ظاهرة مقتصرة على منطقة الشرق الأوسط. فقد شهدت أوروبا موجات من الإرهاب في الستينيات والسبعينيات، “ولا يمكن للغرب وضع اللوم على الآخرين، لأنهم سبق ومروا بما يمر به”.
وبالنسبة للعراق، أشار فهمي إلى أن مصلحة العالم العربي تتمثل في أن يظل العراق بلداً موحداً، ويجب بذل الجهود لتعزيز الهوية الوطنية فوق الهويات الطائفية العديدة التي ظهرت.
ورداً على سؤال من الجمهور حول الإصلاح السياسي وغياب الديمقراطية في المنطقة، قال فهمي إن “وجود مؤسسات أفضل في العالم العربي يخدم العالم العربي قبل أن يخدم أمريكا”. وشدد مع ذلك على أن الإصلاح هو المشروع الأطول أمداً ويتطلب تنفيذاً معززاً، بدلاً من مناشدة استراتيجيات فورية ولا مبالية.
شغل السفير فهمي الدبلوماسي المحنك، منصب الممثل الرئيسي لمصر لدى الولايات المتحدة لمدة تسع سنوات بدأت عام 1999. وقد شارك في محادثات السلام العربية الإسرائيلية، وشغل عدة مناصب استشارية خلال فترة عمله في وزارة الخارجية. يذكر أن السفير فهمي خبير في الأمن الدولي ونزع السلاح، وأنه تولى منصب رئيس المجلس الاستشاري للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح عام 2001.
الملخص بقلم: ألكس شنك