مهران كمرافا في محاضرة دولية

مهران كمرافا في محاضرة دولية

اضغط هنا لتحميل تسجيل صوتي MP3 لحديث كمرافا

سافر فريق مركز الدراسات الدولية والإقليمية إلى مملكة البحرين لإلقاء محاضرة دولية افتتاحية في 26 أبريل 2010، لتقديم رؤى وتفعييل الحوار مع شعب الدولة الخليجية المجاورة. أكد مركز الدراسات الدولية والإقليمية من خلال برنامج الشؤون العامة الفريد هذا، على هدف توفير منتدى لتبادل الأفكار مع مجتمعات أخرى في منطقة الخليج وخارجها. تم تقديم المتحدث المتميز مهران كمرافا إلى الجمهور من قبل خريجة جامعة جورجتاون في قطر هيا النعيمي.

كمرافا هو العميد المؤقت لكلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون ومدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية. وقد حاضر في موضوع “رؤية 2020 في الشرق الأوسط “، حيث قدم وحلل عدة اتجاهات رئيسية يرى أنها تملك القدرة على تشكيل مستقبل الشرق الأوسط  خلال العشر سنوات القادمة. يقول كمرافا: “كطلاب في الشرق الأوسط، وكمواطنين في المنطقة، في كثير من الأحيان ننشغل بالماضي”.

لتلخيص محاضرة المساء، فإن المجالات الرئيسية الأربع التي ركز عليها كمرافا تتعلق بالآتي: 1) طبيعة الدولة التي توجد حالياً في منطقة الشرق الأوسط، 2) دور وطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والمنطقة، 3) الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، 4) الاتجاهات الجارية في منطقة الخليج، بما في ذلك الأحداث الجارية في إيران والعراق.

بدءاً بمجال النقاش الأول أو “حالة الدولة” في الشرق الأوسط، لفت كمرافا إلى عدد من الديناميات السياسية المختلفة التي تجري حالياً في الساحة السياسية. وإلى عدد من تشكيلات الدولة المختلفة ونماذج الحكم التي تتراوح بين الديمقراطي وغير الديمقراطي، والعديد من النماذج الأخرى بين هذين التشكيلين المتضادين. في الشرق الأوسط، ثمة نماذج ديمقراطية للحكم تختلف في جدواها وتذبذبها، “بعض الديمقراطيات شكلية بعض الشيء، أو على الأقل لديها عوامل سياسية أكثر محدودية بكثير حولها – قد يطلق عليها اسم ديمقراطيات زائفة”، وقال كمرافا إن تركيا وإسرائيل ولبنان أمثلة جيدة عليها.

ثمة العديد من الدول غير الديمقراطية في الشرق الأوسط لأنها تحاول إبعاد الجمهور عن أي مشاركة سياسية من خلال تفعيل الآليات القمعية. وثمة أنظمة سياسية أخرى في المنطقة غير ديمقراطية تماماً، لكنها تحاول الظهور بمظهر الدول الديمقراطية. يقول كمرافا إن العديد من هذه الأنظمة غير الديمقراطية “تحاول أن تكون محتوية وشاملة بقدر ما يهم السكان – حيث أصبحت الشوارع مسارح ديمقراطية”.

ناقش كمرافا علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة قائلاً إنه منذ الحرب العالمية الثانية، كانت هناك أربع ميزات رئيسية وجهت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. وهي تشمل، ضمان سلامة وأمن إسرائيل، وضمان الحصول على نفط الشرق الأوسط بأسعار معقولة، واحتواء التهديدات الإقليمية للمصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، وقال كمرافا “بعد الحرب الباردة – أو عندما قام العراق بغزو الكويت – كان هناك جانب رابع وهو تمركز للقوات العسكرية في المنطقة بشكل مباشر لأن الحلفاء الإقليميين، أو على الأقل بقدر ما رأتهم الولايات المتحدة كذلك، تبين أنه لا يعول عليهم في حسابات السياسة الأمريكية”. وقال موضوحاً الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، إذا نظرنا إلى الخريطة، يبدو واضحاً أن “هناك وجوداً أمريكياً قوي جداً في الشرق الأوسط” على شكل قواعد عسكرية كبيرة وسهلة التعبئة. في هذا الصدد قال كمرافا “السؤال الكبير المطروح هنا هو: هل يبدو في أي وقت في المستقبل المنظور، أو حتى خلال السنوات العشر القادمة، أن الجيش الأمريكي سينسحب  من منطقة الشرق الأوسط؟”

يقول كمرافا، لميزات السياسة الخارجية الأمريكية هذه دور فاعل لثالث مجالات النقاش بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. “يعتبر تحالف أمريكا مع إسرائيل أمراً أساسياً في الطريقة التي تجلى بها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تاريخياً وحالياً أيضاً”. قال كمرافا مبرزاً وجهة نظره بشأن هذا الوضع “فيما نمضي قدماً، يمكننا أن نرى استمراراً لا ينتهي “لعملية السلام”، خاصة في ضوء تجاوزات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية والزيادة السريعة في النمو السكاني. مع وضع هذه المعرفة في الاعتبار، وبالنظر إلى الحقائق الجدية على الأرض، طرح كمرافا سؤالاً لم يكن مريحاً على الجمهور: “هل ما زال هناك معنى للحديث عن فلسطين؟”

بشأن التطلع نحو المستقبل، طرح كمرافا ثلاثة نماذج  ممكنه للسياسة المستقبلية  بالنسبة لفلسطين. أولها هو “نموذج التيبت”، حيث أن هدف فلسطين هو أن تكون دولة ذات سيادة ومعترف بها بشكل كامل رسمياً، لكن هذا يختفي عندما تندرج تحت إسرائيل. في هذا النموذج، “على الرغم من وجود هوية فلسطينية، لن تكون هناك دولة فلسطينية”، وتابع  كمرافا  موضحاً، الاحتمال الثاني هو أن تتبع  فلسطين نموذج “أوروبا الشرقية” أو “آسيا الوسطى” لكي تظهر كدولة متميزة في المستقبل. أما النموذج الثالث والأخير، فهو أن تصبح فلسطين مزيجاً متبايناً من التحفظات والكيانات الداخلية والمعزولة عن بعضها البعض مع قوة اقتصادية وسياسية ضعيفة.

أخيراً وبالتحول إلى منطقة الخليج، توقع كمرافا سياسياً “ألا يتغير الكثير، على الأقل بقدر ما تهتم الدول” في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لكن من الصعب جداً التكهن بما سيجري في إيران خلال السنوات القليلة القادمة. وأضاف بأن “القوى العظمى الإقليمية (إيران، والمملكة العربية السعودية، ومصر) لن تكون مهيمنة لإملاء السياسة الخارجية الإقليمية”. وفي الواقع “سنشهد صعوداً مستمراً في اقتصادات منطقة الخليج، وبشكل خاص للدول الصغيرة مثل البحرين وقطر”. وسوف تشهد المنطقة مجموعة جديدة من القوى التي وبسبب ثروتها الاقتصادية، ومرونة سياستها، وتماسكها النخبوي، ستصبح أكثر بروزاً في تشكيل مستقبل دول مجلس التعاون، والشرق الأوسط وخارجه.

في الختام، لخص كمرافا توقعاته بشأن الشرق الأوسط في 2020 بالقول: “ما سنستمر في رؤيته في الشرق الأوسط هو  آثار أقدام” أمريكية على شكل قواعد عسكرية أمريكية، و”استمرار هيمنة إسرائيل”. كما أشار إلى أنه “لا يعتقد أن موجة من الديمقراطية سوف تجتاح المنطقة وهذا لأن الاقتصادات القائمة على النفط سوف تستمر بالوجود في جميع أنحاء المنطقة”. وكفكرة أخيرة، قال كمرافا إنه كان متفائلاً بأننا سنرى “ثراءاً مستمراً في القدرات البشرية ورأس المال البشري في كل دولة من دول الشرق الأوسط”.

الدكتور مهران كمرافا هو العميد المؤقت لكلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر ومدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجورجتاون. وهو خبير في السياسة المقارنة، والتنمية السياسية، والسياسة في منطقة الشرق الأوسط. وله تسعة مؤلفات، كان آخرها: الثورة الفكرية الإيرانية والشرق الأوسط الحديث: التاريخ السياسي منذ الحرب العالمية الأولى.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.