مهران كمرافا في محاضرة حول إعادة تنظيم الطاقة الدولية في الخليج
قدم الحوار الشهري في 10 مارس 2009، بعنوان “إعادة تنظيم الطاقة الدولية في الخليج” وذلك من قبل مهران كمرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية والخبير في شؤون إيران والخليج الفارسي. حضر الحوار هيئة التدريس والطلاب والموظفون في جامعة جورجتاون بالإضافة إلى عدد من الضيوف.
أطلع كمرافا الجمهور من خلال الحوار الشهري الذي قدمه “كيف أن تغيير ديناميات في الخليج قد أدى إلى ظهور دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارهما لاعبين أساسيين في المنطقة وخارجها”. وناقش كمرافا أننا نشهد تحولاً في تحالفات القوى في منطقة الخليج حيث أن دولاً صغيرة، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، تظهر أداءاً قوياً في المنطقة وكذلك على الساحة الدولية. في المقابل، فإن موقع “القوى الكبرى” التقليدية في المنطقة مثل إيران والعراق، ينخفض تدريجياً واستراتيجياً.
يرى كمرافا أن إعادة اصطفاف القوة هام من ناحيتين. أولاً، نظرية كمرافا بشأن منطقة الخليج هو اعتبار قطر والإمارات العربية المتحدة غير عاديتين لكونهما من “الدول الصغيرة” ومع ذلك فهما لاعبان قويان تمكنا من تغيير العلاقات الدولية في المنطقة. يقول كمرافا: “لا تتناسب هذه الدول الصغيرة أي قطر والإمارات العربية المتحدة، في نواح كثيرة، مع النموذج المحدد. في الواقع، فإنهما في كثير من الأحيان يعاكسان النموذج المحدد لكيفية تصرف الدول الصغيرة في الساحة الدولية” وذلك وفقاً لمختلف نظريات العلاقات الدولية. فهما يظهران مجموعة غير عادية من السمات وينخرطان في سلوكيات تعتبر غير نمطية أساساً.
أشار كمرافا إلى أن هذه الدول تعتمد على دعم وحماية القوى العظمى العالمية، فقطر هي موطن إحدى أكبر القواعد الجوية للولايات المتحدة. كما تنفق هذه الدول كميات هائلة من الموارد بهدف إقامة عدد من التحالفات مع الدول الكبرى. تقليدياً، تكتفي الدول الصغيرة بالتعامل مع محيطها الجغرافي المباشر، لكن قطر أظهرت ميلاً للمساعدة على التفاوض في الصراع الإقليمي والمدني للدول الأخرى. تظهر هذه الدول الصغيرة ثقة متزايدة بالنفس والنفوذ وقد أصبحت “صناع معايير” حيث أنهم يؤثرون في الآخرين من خلال نمطهم الخاص في العلاقات الدولية ، وهم بذلك “يغيرون قواعد اللعبة”.
أشار كمرافا أن قوة هذه الدول الصغيرة تتضح في ثلاثة مجالات مختلفة:
- لم تنجر كل من قطر والإمارات العربية المتحدة بصورة عمياء على خطى الرياض كما فعلتا تاريخياً، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات والسياسات التجارية.
- أظهرت كل من هاتين الدولتين بعض الخوف من العلاقة مع إيران، مع التأكيد على نضالهما في قضية الجزر الثلاث. كما استعادت كل من هاتين الدولتين سيادتها الرمزية عن طريق إعادة تسمية المنطقة بالخليج “العربي” بدلاً من تأكيد ما هو معروف تاريخياً باسم الخليج “الفارسي”.
- مع تراجع النفوذ الإقليمي للعراق، ظهرت هاتان الدولتان كقوتين إقليميتين أساسيتين.
إن إحدى أهم القضايا المتعلقة بهذه الدول الصغيرة، بحسب كمرافا، هي أن هذه الدول لا تقوم فقط بتغير دينامييات القوى في المنطقة، لكنها مفيدة في تغيير مفهومنا المتجذر حول ما يشكل القوة في المقام الأول. تقول المدرسة التقليدية إن هناك نوعين من القوة: القوة الصلبة والقوة الناعمة. “فالقوة الصلبة” هي قدرة البلاد على كسب النفوذ وإخضاع الآخرين من خلال القوة العسكرية أو الوسائل القوية، أما “القوة الناعمة” فهي كيفية كسب الدول للنفوذ من خلال جاذبية قوية وعبر جذب الآخرين إلى نظم ومعايير قيم خاصة بها.
اختتم كمرافا الحديث بالإشارة إلى أن أياً من قطر والإمارات العربية المتحدة لم تظهر شيئاً من هذه القوى، ومع ذلك، فهما دولتان مؤثرتان وناجحتان للغاية. يقول كمرافا إن هذه الدول الصغيرة تقوم بما أسماه “القوة المدنية”، التي تعتبر مزيجاً من الثروة الشخصية والحكومية والاستقرار إلى جانب الاستخدام الاستراتيجي والذكي لهذه الخصائص. تمتلك هذه الدول صناديق ثروة سيادية ضخمة سمحت لقطر والإمارات العربية المتحدة بأن تكونا محميتان جزئياً من ضرر الأزمة الاقتصادية العالمية الذي أصاب بقية العالم، ومنح هذه الدول الصغيرة “قوة كبيرة”.
الدكتور مهران كمرافا: مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر. حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية والسياسية من جامعة كامبريدج. تشمل اختصاصاته التنمية السياسية والسياسة المقارنة، ودراسات الشرق الأوسط.
إضافة إلى عدد من المقالات الصحفية، فإن كمرافا هو مؤلف: الثورة في إيران: جذور الاضطرابات (1990)، التاريخ السياسي لإيران الحديثة: من القبلية إلى الحكم الديني (1992)، السياسة الثورية (1992)، السياسة والمجتمع في العالم الثالث (1993)، فهم السياسة المقارنة: إطار تحليلي (1996)، الديمقراطية في الميزان: الثقافة والمجتمع في الشرق الأوسط (1998)، السياسات الثقافية في العالم الثالث (1999)، السياسة والمجتمع في العالم النامي، الطبعة الثانية (2000)، الشرق الأوسط الحديث: التاريخ السياسي منذ الحرب العالمية الأولى (2005)، الثورة الفكرية الإيرانية (2008). كما قام أيضاً بتحرير كتاب أصوات الإسلام الجديدة: إعادة النظر في السياسة والحداثة (2006) وهو محرر مشارك في العمل على مجلدين حول إيران اليوم: الحياة في الجمهورية الإسلامية.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.