مهران كمرافا
تحدث الدكتور مهران كمرافا مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون بتاريخ 10 سبتمبر 2007 إلى حشد غفير في النادي الدبلوماسي في الدوحة. وقد استهل حديثه، بعنوان “الولايات المتحدة وإيران: صراع خطير لكنه محتمل“، مشيرا إلى سحابة من الشكوك تخيم على المنطقة. حيث أصبح الناس مجبرين كل صباح للتحقق فيما إذا كانت الحرب قد اندلعت في الليلة السابقة أم لا. ووصف الدكتور كمرافا الحالة الراهنة للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بأنها محبطة للغاية، ويبدو أن الخلافات العميقة بين البلدين على صعيد السياسة الخارجية والأهداف الاستراتيجية تدفع البلدين نحو صراع مفتوح.
الرسم من خلال ضربات تاريخية واسعة، هكذا أوجز الدكتور كمرافا المبادئ التوجيهية أو “المنطقية” المحركة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، والمتضمنة الحصول على النفط، وأمن دولة إسرائيل، واحتواء التهديدات الموجهة للمصالح الأمريكية. إن الطموح الاستراتيجي الإيراني لكي تصبح قوة إقليمية عظمى، والذي تضمن عمل وكلاء لإيران داخل العراق ولبنان ليكفلوا أمنها، وفضلا عن إصرار طهران على برنامجها النووي، كل هذا يمهد الطريق لصراع مصالح يستعصي حله بين الولايات المتحدة وإيران.
دمج الدكتور كمرافا تحليله مع الأخذ في الحسبان دور القيادة والشخصيات، حيث وصف الإدارات الأميركية والإيرانية الحالية بأنها يشغلها زعماء مقيدون بشكل صارم بمبادئ عقائدية من شأنها أن تفاقم الوضع أكثر مما هو عليه، وأشار الدكتور كمرافا إلى أن ما كان سابقاً يجعل السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على الواقعية السياسية، تم استبداله بما وصفه مشروع القرن الأمريكي الجديد وبأنه “سياسة ريغان من القوة العسكرية والوضوح الأخلاقي”، وهذا ما يتضح من عقيدة المحافظين الجدد “الدفاع إلى الأمام”، وإن المفاهيم المثالية مثل “الحرية” و “كرامة الإنسان” النابعة من واشنطن، لم تكن مجرد شعارات، بل هي خطابات منمقة من قبل “شخصيات الرئاسة”. وقد وجد هؤلاء العقائديون نظراءهم من الجانب الإيراني، حيث ذهب الدكتور كمرافا بعيداً إلى حد وصف أحمدي نجاد بأنه “بوش الإيراني”.
مع ذلك، فقد حذر الدكتور كمرافا من المبالغة في مواقف القادة السياسيين الأمريكيين والإيرانيين، فالضغوط المحلية ستظل عاملاً مجهولاً وحاسماً للمضي قدماً في هذه المواقف، فكلا الحكومتين تواجهان سخطاً متنامياً وانقساماً بين الفئات الشعبية فضلاً عن فئات النخبة في البلدين. وقد تكهن الدكتور كمرافا أن يستمر هذا الغموض مخيماً على المنطقة على المدى القصير.، ومع ذلك، قال كمرافا إن وجود بعض المنافذ الآليات التي سماها “المنطق”، يمكن أن تمنع من تحول المأزق الراهن إلى حرب.
اختتم الدكتور كمرافا حديثه بتقديم ثلاثة سيناريوهات محتملة في المستقبل، أولها استمرار الوضع القائم الذي يمكن الدفاع عنه والذي تسوده التوترات صعبة الحل والعداء بين إيران والولايات المتحدة، وصولا إلى – السيناريو الثاني – وهو الصراع المفتوح، وقد أكد الدكتور كمرافا أن حرباً كهذه من شأنها أن تكون كارثية على كلا الطرفين. ويوجد بصيص أمل يكمن في ممر ضيق للمصالحة، وهو يسير بين السيناريوهين الأول والثاني. وبالعودة إلى موضوعه في وقت سابق، دعا الدكتور كمرافا إلى تعاملاً مشروطاً بين البلدين من خلال ما يسمى “مسار بغداد” كوسيلة للولايات المتحدة وإيران لتسوية خلافاتهما.
أعد الملخص: شيرفن مالكزاده، المعيد في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر.