مملكة متغيرة: المملكة العربية السعودية عام 2030

مملكة متغيرة: المملكة العربية السعودية عام 2030

تلبية للدعوة التي تلقاها توماس و. ليبمان، رئيس مكتب الشرق الأوسط الأسبق في صحيفة واشنطن بوست، والزميل المساعد البارز في مجلس العلاقات الخارجية ومعهد الشرق الأوسط، فقد حضر إلى الدوحة للمشاركة في لقاء مجموعة عمل مركز الدراسات الدولية والإقليمية بخصوص “المسألة النووية في الشرق الأوسط”. بالتزامن مع الاجتماع، ألقى ليبمان محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية التي يقيمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية، وذلك بتاريخ 10 يناير 2011، حول “مملكة متغيرة: المملكة العربية السعودية عام 2030”.

تناولت محاضرة ليبمان التغيرات المستقبلية المحتملة للمبادئ الدينية والاستراتيجية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية. فقد تم تأليف الكثير عن المملكة، خاصة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، إلا أن غالبية ما كتب، بحسب ليبمان، لم يتجاوز ذكر مبالغات حول الإسلام الراديكالي والتطرف. يدعو ليبمان في كتابه الجديد “المملكة العربية السعودية على الحافة: المستقبل المحفوف بالمخاطر للحليف الأمريكي” إلى انتهاج أسلوب أكثر واقعية في النظر لمستقبل البلاد بدلاً من التوقف عند أحداث الماضي. يقول ليبمان إن تغيرات ديموغرافية واقتصادية ستلازم العقدين القادمين لتؤثر على مختلف جوانب الحياة في المملكة، ويضيف: “يجب على المملكة العربية السعودية اتخاذ قرارات في غاية الصعوبة فضلاً عن كلفتها المرتفعة للمحافظة على النمو الاقتصادي ومستوى المعيشة التي يتمتع بها شعبها”.

سرد ليبمان بعض التغيرات الديموغرافية والاقتصادية المحتمل حدوثها، مشيراً إلى أن “عدد السكان سوف ينمو على الأرجح بزيادة مقدارها 70%، لكنه سوف ينمو بمعدل أبطأ مما كان في الماضي”. وعزا السبب في ذلك إلى أن “النساء قد أصبحن بشكل جماعي أفضل تعليماً من أي جيل سابق وفي المملكة العربية السعودية، كما في أي مكان آخر من الدول النامية، يتأخر سن الزواج بالنسبة للنساء الأفضل تعلماً، كما أنهن ينجبن عدداً أقل من الأطفال”. ولأن المزيد من النساء سوف يلتحقن بالقوى العاملة، تحتاج المرأة العاملة إلى درجة معينة من سهولة التحرك الشخصية وستكون بحاجة إلى القدرة على القيادة بشكل قانوني. يقول ليبمان: على المدى الطويل، لن تتمكن المملكة العربية السعودية من تحمل كلفة تعليم جميع أولئك النسوة كما تفعل الآن بكلفة عالية، ما لم تحصل على مردود اقتصادي من ذلك الاستثمار”.

علاوة على ذلك، فإن تكاليف المعيشة في المملكة العربية السعودية مرتفعة للغاية، وسوف تواصل ارتفاعها على مدار السنوات القليلة القادمة. وبذلك سيكون من الصعب على نحو متزايد تلبية احتياجات العائلات الكبيرة في بيئة تضخمية كهذه. على الرغم من أن المملكة العربية السعودية غنية بالنفط، “إلا أن الزيادة السكانية فيها ترتفع بشكل أسرع من الناتج المحلي الإجمالي. وبذلك، بحسب ليبمان، “فإن البلاد ستواجه بدايات ما سيكون صراعاً صعباً ومكلفاً لتزويد السكان بالاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والسكن والكهرباء”. ولعل إحدى نتائج نقص السكن هو تغير الطريقة التقليدية للحياة بأكملها في المملكة العربية السعودية، والتي من المعروف أنها “تقوم على العيش في مجمع العائلة، أو في القرية”، حيث سنشهد اتجاه المزيد من الناس للعيش في المباني السكنية العالية في المناطق الحضرية.

توقع ليبمان أنه وعلى أساس الاتجاهات التي ناقشها “أن المملكة العربية السعودية في غضون عشرين عاماً، أو على الأقل بحلول منتصف القرن الحالي، سوف تصبح دولة أكثر انفتاحاً واعتدالاً وتعليماً. سوف تكون أشبه ببقية العالم المتقدم”. يمكن اعتبار ذلك صحيحاً خاصة أن “أعظم اختبار للحكومة وطموحاتها كان نهوض تنظيم القاعدة” وفشله المطلق نظراً لانعدام البيئة الشعبية الداعمة.

في الختام، حذر ليبمان أنه ما لم يتم إجراء بعض التغيرات الجدية، فإن المملكة العربية السعودية سوف تغرق في الديموغرافيا والاقتصاد والمناخ الخاص بها. ولن تكون هذه التغيرات اختيارية بالمطلق، “سوف تتحول طريقة التفكير كلها فيما يخص الحياة والتنمية الحضرية من خلال قوى الديموغرافيا والاقتصاد في المملكة العربية السعودية”.

عكف ليبمان على دراسة الشرق الأوسط والكتابة عن شؤونه على مدار خمسة وثلاثين عاماً. وهو ضيف ومعلق تلفزيوني في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وهو أيضاً مؤلف خمسة كتب عن العالم العربي، والإسلام والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، فضلاً عن العديد من المقالات الصحفية حول المواضيع ذات الصلة.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.