مركز الدراسات الدولية والإقليمية والجامعة الأميركية في بيروت يستضيفان حلقة نقاش حول ترجمة المعرفة

مركز الدراسات الدولية والإقليمية والجامعة الأميركية في بيروت يستضيفان حلقة نقاش حول ترجمة المعرفة

تحت رعاية اتحاد معاهد أبحاث السياسات العربية في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، ومركز ترجمة المعرفة إلى السياسات الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، استضاف مركز الدراسات الدولية والإقليمية ورشة عمل في 12 سبتمبر 2013، بعنوان: ” ترجمة المعرفة: رأب الصدع بين البحوث والسياسات 2″. جمعت هذه الفعالية التي أقيمت على مدار يوم واحد أكاديميين، وممثلين عن معاهد البحوث، ومحللي سياسات، وناشطين من مختلف أنحاء المنطقة لفهم العلاقة بين إنتاج المعرفة وصنع السياسات في العالم العربي.

ظهر في الآونة الأخيرة العديد من مراكز البحوث وبخاصة معاهد بحوث السياسات وانتشرت في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى المؤسسات المستقلة، ركزت جامعات عديدة جهودها نحو البحوث إقراراً منها بقيمة الإنتاج المعرفي ومساهمته الحيوية في الابتكار والدفاع المبني على الأدلة. علاوة على ذلك، لاحظ الخبراء في مركز ترجمة المعرفة إلى السياسات الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت تطور نظام الحوافز بخصوص الأبحاث في المنطقة، حيث تشترك مراكز البحوث والجامعات على نحو متزايد في مجالات تقصي الحقائق ذات العلاقة بالسياسات. وبما أن غالبية معاهد بحوث السياسات في المنطقة لا تزال في بداياتها، فإنها تواجه بعض التحديات الكبيرة. أولها، محدودية تقبل واضعي السياسات لعمل الباحثين فنادراً ما يفسحون المجال أمام الإفادة من الأدلة البحثية في عملية صنع السياسات. ثانياً، ينظر للأبحاث المحلية في الدول العربية بأنها ذات مصداقية محدودة، ويفضل مسؤولو الحكومات المحلية مواصلة الاعتماد على استشاريين دوليين.

تم تقديم توصيات للتخفيف من حدة تلك التحديات من قبل خبراء معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، مقترحين بداية أن تعمل مراكز البحوث على تأكيد مصداقيتها في مجالات محددة وعلى مدار عدد من السنوات. ثانياً، يتوجب على الباحثين التفاعل مع صناع القرار والمسؤولين في الدولة ليتمكنوا من فهم احتياجاتهم بطريقة أفضل ولإبقائهم على اطلاع على نتائح بحوثهم.

مع وجود أكثر من 240 مركز بحوث سياسات في المنطقة، تبحث معاهد مثل اتحاد معاهد أبحاث السياسات العربية سبل تعزيز استراتيجيات التواصل في مراكز البحوث لتعزيز فاعليتها في مجال السياسات المستهدفة. عرض المشاركون في ورشة العمل تجاربهم في مجال ربط البحوث بالنشاط الدفاعي للتأثير في تغيير السياسات. وطرحت مبادرة التحرر من التبغ في لبنان كحالة للدراسة، حيث عملت منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع باحثين في الجامعة الأميركية في بيروت على تحقيق هدفين. أولاً، تعبئة العامة من خلال نقل معلومات حول مخاطر التدخين وثانياً، دافعوا عن قضيتهم أمام صانعي السياسات وذلك بإطلاعهم على مستوى الدعم  الذي تلقوه من دوائرهم الانتخابية للعمل على تغيير السياسات. تم تسليط الضوء خلال هذه العملية، على حاجة البحوث لإعادة تجميعها وتحويلها إلى شيء يمكن إيصاله بسهولة بغية زيادة تقبلها. وتم التركيز على أهمية عمل وسائل الإعلام بين النشطاء وجمهورهم المستهدف، في حشد الدعم من المواطنين وفي التأثير على صانعي السياسات لتحقيق التغيير.

على الرغم من أن مبادرة التحرر من التبغ في لبنان تمثل قصة نجاح، فقد أشار المشاركون في ورشة العمل إلى الحاجة إلى ضرورة استخدام خطط مختلفة في أوضاع سياسية أخرى. ففي الدول العربية التي تحكم من قبل نظم أكثر استبدادية، وحيث لا يمكن استخدام الأصوات كوسيلة ضغط، يواجه المدافعون عن السياسات تحدي إيجاد وسائل بإمكانها التأثير على صناع السياسات. علاوة على ذلك، ففي الوقت الذي تشكل فيه وسائل الإعلام قوة حيوية لتعزيز التغيير في بعض المجتمعات، فإن استخدامها من قبل الناشطين في بلدان أخرى قد يأتي بنتائج عكسية.

ولوحظ في بعض الدول أن صانعي السياسات وأعضاء النظام الحاكم قد ينظرون إلى هذا الشكل العام من الدفاع عن السياسات بشكل سلبي، وقد يعتبرون ذلك كمحاولة لزعزعة استقرار الدولة. لذلك، ففي أوضاع أكثر استبدادية، يخشى صناع السياسة الإعداد المسبق حيث يمكن لوسائل الإعلام أن تقود السياسات، لذلك قاوموا تغيرات السياسات المعممة. تم تحديد نقطة أخرى للخروج من دراسة الحالة اللبنانية تمثلت بالتواجد المحدود للمنظمات غير الحكومية أو منظمات المجتمع المدني في دول منطقة الشرق الأوسط الأخرى. وكما نوقش خلال ورشة العمل، فإن لما سبق تأثير كبير على ربط الإنتاج المعرفي بصنع السياسات. أولاً، تحول الدفاع عن القضايا السياسية إلى عملية تنتقل من المستويات العليا إلى المستويات الدنيا، حيث يعرض النشطاء المبادرات على أصحاب السلطة بدلاً من محاولة حشد الرأي العام تجاه قضيتهم. ثانياً، نظراً للتواجد المحدود لمنظمات المجتمع المدني، تقع على عاتق الباحثين مهمة إنتاج البحوث، ونشر المعرفة، وصياغة السياسات المبنية على الأدلة، والانخراط في الدفاع عن السياسات. ويتماشى الأمر الأخير مع تطور الدور الجديد للباحثين والجامعات من حيث تزايد تواصلهم مع صناع القرار والتأثير على السياسات.

خلص المشاركون في ورشة العمل إلى أنه في الوقت الذي تعد فيه عملية بناء قدرات الباحثين لإعادة تجميع المعرفة للعالم السياسي عملية تقنية، فإن تطوير الثقافة بشكل يفضي إلى سياسات قائمة على أساس البحوث يتطلب اتفاقاً اجتماعياً وسياسياً شاملاً.

انظر جدول أعمال الورشة

اقرأ السير الذاتية للمشاركين

المقال بقلم: دعاء عثمان، باحثة ومحللة في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.