محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية لجوستين جينجلر

محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية لجوستين جينجلر

ألقى جوستين جينجلر كبير الباحثين في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية (SESRI) في جامعة قطر محاضرة بعنوان “دراسة الرأي العام في قطر” وذلك بتاريخ 13 أكتوبر 2014، ضمن سلسلة الحوارات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية. يجري معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية استطلاعات أسرية علمية على الصعيد الوطني لمختلف الفئات الاجتماعية المقيمة في قطر، بما يشمل السكان المحليين، الخبراء الأجانب، والعمال المهاجرين. وإثر إعطاء بعض المعلومات الأساسية حول وضع البحوث المسحية في قطر، أشار جينجلر أن الدراسات المعمقة على مستوى الأمة حول الرأي العام في منطقة الخليج لا تزال في مهدها. وأضاف أنه ضمن هذا السياق من المهم أن نفكر “فيما نعنيه بالرأي العام أو بدراسة الرأي العام في منطقة الخليج – وخاصة في مكان قد لا يعتبر الناس فيه المواقف الجماعية جزءاً من عملية صنع القرار”.

وقد طرح جينجلر أمثلة محددة حول إمكانية اختلاف الردود وفقاً للسياق ومع مرور الوقت، وقال: ثمة ثلاثة مستويات عامة عند التعامل مع البيانات التي تم جمعها. فالمستوى الأولي لتحليل البيانات هو المستوى “الوصفي” للإبلاغ عن توزع الردود على سؤال محدد. أما المستوى الثانوي من تحليل البيانات فيوفر أساساً مؤقتاً وأشمل مجتمعياً للمقارنة، وبالتالي يقدم قيمة تحليلية غنية. في حين يغوص المستوى الثالث من تحليل البيانات في نتائج المسح ليتعدى تموضع البيانات في السياق، ويتجاوز السؤال “ماذا” لشرح “لماذا” في نتائج المسح.

ولإيضاح أسباب وكيفية اختلاف الردود، عرض جينجلر نتائج السؤال الاستطلاعي: “أي الدول تشكل التحدي الأكبر أمام قطر؟” ففي صيف عام 2010، حدد ما يقارب 19 بالمائة من القطريين المستطلعة آراؤهم إسرائيل بوصفها تمثل التحدي الأكبر. لا تمنحنا هذه النتيجة الكثير من المعاني ما لم تتم مقارنتها بنتائج السنوات الأخرى فضلاً عن الأحداث التي وقعت خلال الفترات الزمنية ذات الصلة. ويقول جينجلر: “إثر أحداث عام 2011، وصعود الخطاب والشعور الطائفي في منطقة الخليج، نرى أن التصورات المرتبطة بالتهديد قد تغيرت بطريقة متوقعة ومنهجية للغاية، فقد برزت إيران لتشكل تهديداً أكبر في المخيلة العامة”. بالإضافة إلى أن الإجابات القطرية على السؤال نفسه عام 2011 قد اختلفت بشدة، فقد تجاوزت نسبة المواطنين الذين اعتبروا أن إيران تشكل التحدي الأكبر الضعف مقارنة بالعام الفائت. ويقول جينجلر: “فيما يتعلق بالبيانات المتموضعة في سياق مؤقت أو مجتمعي، لا نعول كثيراً على الردود على سؤال محدد، بل على العلاقة بين الردود وغيرها من المتغيرات”.

ويتمثل المستوى النهائي من تحليل البيانات بالنظر إلى التفاعل بين من يجري المقابلة والمجيب. وهو أمر هام للغاية بالنسبة للبيانات التي تم جمعها في قطر وغيرها في منطقة الخليج. يعزو جينجلر ذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية، فثمة عدد قليل جداً من المواطنين الذين يعملون في مجال المسح الميداني. وقد نعتقد أن هذه مشكلة لأننا نسأل المواطنين رأيهم حول مواضيع حساسة في بعض الأحيان، لذلك فمن المهم أن نعرف إن كنا نستطيع الوثوق بالردود التي نتلقاها أم لا”. ولتقييم موثوقية الردود وتأثير الجنسية القطرية على نتائج المسح، قام جينجلر بتشكيل فريقين من الطلاب القطريين وغير القطريين لإجراء تجربة مسح ميداني لـ 1,200 مواطن قطري. وعلى عكس التوقعات، لم يكن ثمة اختلافات جوهرية في الردود التي جمعت من قبل فريق المسح القطري مقارنة بالمقابلات التي أجراها فريق المسح غير القطري وذلك بخصوص المسائل السياسية الحساسة. في حين ظهرت الاختلافات في المسائل الاجتماعية التي تطرقت إلى قضية تقسيم المواطنين والمغتربين… بالإضافة إلى مدى الارتياح تجاه قوانين التجنيس.

وفي ختام حديثه، عبر جينجلر عن تفاؤله بمستقبل البحوث المسحية في الخليج. وقال: “بدأنا نشهد تقديراً متنامياً في منطقة الخليج – بما يشمل مستويات النخبة – للبحوث المسحية لموضوعيتها أكثر من تحيزها أو لكونها تعبر عن وجهة نظر ايديولوجية، ولأنها مبنية على أساس التجريب، ولأن الدول أيضاً تدرك قيمة التعرف إلى الرأي العام”.

يذكر أن جوستين جي. جينجلر قد أنهى أول مسح شامل من نوعه حول المواقف السياسية في البحرين عام 2009 كجزء من رسالة الدكتوراه التي أعدها لجامعة ميتشيغان تحت عنوان: “الصراع العرقي والتعبئة السياسية في البحرين والخليج العربي”. ويشكل هذا المشروع الأساس لدراسات مقبلة حول الصراعات في الدولة الريعية، ومن المتوقع أن يتم نشرها في أوائل عام 2015 من قبل سلسلة منشورات جامعة إنديانا في مجال الدراسات العربية والإسلامية. كما أن جينجلر هو أحد الكتاب المساهمين في كتاب سياسات الطائفية في الخليج الفارسي، الصادر عن هيرست/ منشورات جامعة أوكسفورد. وقد نشرت أعماله مؤخراً في سياسة الشرق الأوسط (2012)، مجلة الدراسات العربية (2013)، وقانون وحوكمة الشرق الأوسط (2013)، بالإضافة إلى العديد من المنشورات المتعلقة بالشؤون السياسية.

المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.