كارول لانكستر في محاضرة عن الثروة والسلطة في النظام العالمي الجديد
دعيت كارول لانكستر، العميد المؤقت لكلية والش للشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في العاصمة واشنطن، إلى الدوحة لإلقاء محاضرة لصالح مركز الدراسات الدولية والإقليمية حول: “الثروة والسلطة في النظام العالمي الجديد”. تم تقديم لانكستر من قبل لمياء عدي، وهي طالبة في السنة الثانية في جامعة جورجتاون في قطر ورئيسة منتدى العاصمة-قطر، الذي يهدف إلى تعزيز حوار الثقافات بين الطلاب في العاصمة وطلاب الحرم الجامعي في قطر.
بالإضافة إلى سيرتها المهنية الهامة في القطاع الحكومي، شغلت لانكستر منصب استشاري لدى لأمم المتحدة، والبنك الدولي، والعديد من المنظمات الأخرى. وهي عضو مجلس إدارة معهد الدراسات الدبلوماسية، ومنظمة أصوات حيوية، وجمعية التنمية الدولية، والمجلس الاستشاري لمركز التنمية العالمية.
بدأت لانكستر محاضرتها المسائية بالقول إن “الرسالة الأساسية اليوم هي أننا نعيش مرحلة انتقالية بطيئة الحركة وذات أهمية بالغة للثروة والسلطة في العالم، وتنطوي على تغيرات في توزيع الثروة، وإعادة تعريف السلطة، والتحديات التي تواجه النظام العالمي”.
وأوضحت لانكستر أنه من الضروري الإجابة على ثلاثة أسئلة واسعة النطاق بهدف تفصيل أسباب هذه التحولات النموذجية، بما في ذلك: 1) ما هي طبيعة “النظام العالمي القديم”؟ 2) ما هي التغيرات التي طرأت والتي ساهمت في إيجاد عالم مختلف اليوم؟ و3) ما هي النتائج المترتبة على التوازنات الدولية للسلطة والثروة، والنظام؟
أشارت لانكستر إلى أن “النظام العالمي القديم” قد عرف إلى حد كبير بأنه مركزية الدولة. حيث كانت الدول هي الجهات الفاعلة الرئيسية، وكانت لديها القدرة على استخدام قوتها لغايات فاعلة. وتمثل “القوتان العظميان” الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وسيطرتهما على الساحة الدولية لعقود عديدة من القرن العشرين أمثلة رئيسية على ذلك. على هذا النحو، أوضحت لانكستر أن إحدى دلائل نهاية “النظام العالمي القديم” كانت سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991. وأضافت أننا نفتقد إلى حد ما “اليقين والوضوح الذين جعلا من النظام العالمي القديم مفهوماً ويمكن التنبؤ به في غالب الأحيان، إن لم نقل محمولاً”. أما في”النظام العالمي الجديد، فالدولة لم تنته ولم تبلغ منتهاها بعد. لا تزال الدول تشكل الجهات الفاعلة الرئيسية في العالم، لكن القوة العسكرية، كما أظهرت الولايات المتحدة في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، لا تكفي للسيطرة على الأحداث”.
علاوة على ذلك، قالت لانكستر إن الثروة في “النظام العالمي القديم” وفي جميع أنحاء العالم، كانت مركزة وغير متوازنة وما تزال كذلك، إلى حد ما، لكن ليس بشكل حاد كما كانت في الماضي. إن الانقسامات في نصف الكرة الأرضية التي تتميز بشمال غني وجنوب فقير أصبحت الآن غير واضحة حيث نشهد تقدماً اقتصادياً واجتماعياً هائلاً في العديد من الدول التي تم تصنيفها يوماً على أنها دول “العالم الثالث” المتخلفة. وأضافت لانكستر أنه “لم يكن هناك تقدم وحسب، بل إن هذا التقدم كان كافياً في بعض أجزاء من العالم، لتفقد التسميات القديمة مثل ’الشمال الغني’ و’الجنوب الفقير’ معناها، ونتيجة لذلك فقد حصلنا على عالم أكثر تنوعاً”. ولفتت إلى أن هذا قد يؤدي إلى زيادة الاعتمادية المتبادلة للاقتصاد العالمي بين الدول، وذلك أمر مفيد في معظمه، لكنه يعد أيضاً عاملاً رئيسياً في فترات الركود الاقتصادية العالمية الحالية.
انظر العرض التقديمي من المحاضرة أدناه:
الثروة والسلطة في النظام العالمي الجديد من كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر
أشارت لانكستر إلى الأسباب التي أدت إلى هذه التغييرات قائلة إن أهم العوامل كانت مرتبطة بالتطورات الثورية في عالم التكنولوجيا؛ والإنجازات في مجال التعليم العالمي والوصول إلى المعرفة بالإضافة إلى زيادة في متوسط العمر المتوقع؛ والتطورات في قدرة البلد التي تحقق الإفادة الكاملة من الموارد البشرية والطبيعية؛ والرخاء المتزايد الذي يمكن اعتباره أثراً وسبباً لهذه العوامل. إن كنا نعتقد أننا نعيش في الوقت الذي يتميز بالصراعات العالمية المختلفة، فإن “البيانات، بحسب لانكستر، تظهر أن عدد النزاعات – الصراعات الأهلية على وجه الخصوص – قد انخفضت منذ أوائل التسعينيات”، وبالتالي فإن النظام العالمي الجديد يمكن أن يتميز إلى حد كبير باستقرار سياسي نسبي.
وأشارت لانكستر أن التغيير الكبير الآخر الذي سيحدد “النظام العالمي الجديد” يرتبط بالتركيبة السكانية والطبيعة المتغيرة لسكان العالم. فلدى الدول المزدهرة حالياً شيخوخة سكانية إلى حد كبير، بينما تمتلك الدول النامية شعوباً شابة، الأمر الذي سيؤثر بالضرورة على الأنماط الاقتصادية والاجتماعية الدولية بأكملها في المستقبل. ومع عدد سكان العالم المقدر بـ 9 مليارات في عام 2050، سيكون لذلك أثر كبير على الموارد والمناخ.
في ختام المحاضرة، أوضحت لانكستر أن العولمة في شكل الاندماج الاجتماعي والاقتصادي الدولي كانت حيوية لعدم تركيز وتوزيع الثروة وإعادة تعريف ولامركزية السلطة. نتيجة لذلك، فقد شهدنا الظهور الديناميكي والتأثير للجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك المنظمات الدولية – سواء الخيرة أو المغرضة، والشبكات غير الرسمية، وتواصل الأفراد بعضهم مع بعض عبر الحدود. نلحظ قوة وفي الوقت نفسه نلحظ ضعفاً شديداً في هذا العالم المترابط.
الدكتور لانكستر هي العميد المؤقت لكلية الشؤون الدولية في العاصمة واشنطن، وهي أيضاً أستاذ العلوم السياسية في كلية الشؤون الدولية مع تعيين مشترك في قسم الإدارة الحكومية.
يذكر أن الدكتور لانكستر زميل لمؤسسة كارنيجي، وهي حاصلة على زمالة المجلس الأمريكي للجمعيات العلمية. كما شغلت منصب زميل للكونغرس، وزميل لمنحة فولبرايت، وزميل زائر لمعهد الاقتصاد الدولي و(حالياً) مركز التنمية العالمية.
تتمتع الدكتور لانكستر بسيرة مهنية متميزة في القطاع الحكومي، حيث شغلت منصب نائب مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الفترة الواقعة ما بين 1993 إلى 1996. كما عملت في وزارة الخارجية الأمريكية وتولت منصب نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في الفترة ما بين 1980 – 1981 ومع فريق تخطيط السياسات ما بين 1977 – 1980. بالإضافة إلى ذلك فقد كانت زميلاً في الكونغرس وعملت لصالح مكتب الإدارة والموازنة.
شغلت لانكستر منصب استشاري لدى لأمم المتحدة، والبنك الدولي، والعديد من المنظمات الأخرى. وهي عضو مجلس إدارة معهد الدراسات الدبلوماسية، ومنظمة أصوات حيوية، وجمعية التنمية الدولية، والمجلس الاستشاري لمركز التنمية العالمية.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.