فريد لوسون يحاضر عن التفسيرات البديلة لسياسة الولايات المتحدة في الخليج

فريد لوسون يحاضر عن التفسيرات البديلة لسياسة الولايات المتحدة في الخليج

قام فريد لوسون، أستاذ الشؤون الحكومية في كلية ميلز، والزميل البارز لمركز الدراسات الدولية والإقليمية للعام الدراسي 2009 – 2010، بتقديم حلقة نقاش في مركز الدراسات الدولية والإقليمية بتاريخ 13 مايو 2010 تحت عنوان “تفسيرات بديلة لسياسة الولايات المتحدة في الخليج” وذلك أمام مجموعة من الدبلوماسيين المقيمين في قطر، وموظفي السفارة، وهيئة تدريس جامعة جورجتاون في قطر. وقد عقد الحديث خلال الغداء في فندق الفورسيزونز في الدوحة.

قدمت محاضرة لوسون نظرة أكاديمية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الخليج. وأشار إلى أنه بينما يكون الدبلوماسيون والسياسيون في جميع أنحاء العالم “مشغولين بمهامهم الدبلوماسية وممارسة العلاقات الدولية، ثمة جيش كامل من العلماء يعكفون في الكليات والجامعات في الولايات المتحدة على محاولة فهم ما يجري ويحاولون تفسير العلاقات الدولية”.

يقول لوسون: “إن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الخليج قد تغيرت بشكل كبير على مدار العقود الثلاثة الماضية”. فمنذ أربعينيات وحتى ثمانينيات القرن الماضي كان الوجود الأمريكي، وخاصة الوجود العسكري، في المنطقة ضئيلاً وغير بارز، ولكن هذا الوضع قد تغير خلال فترة التسعينيات بشكل مذهل وأصبح الوجود العسكري الأمريكي سمة أساسية من سمات العديد من دول الخليج. لم يكن الوجود الأمريكي أكبر فحسب، ولكنه أضحى علنياً بشكل أوضح، وبلغ ذروته في العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق.

أضاف لوسون، أن العلماء الأمريكيين حاولوا شرح هذا التحول الكبير من خلال اقتراح ثلاث أطروحات مختلفة. الأولى والتي تعد الأكثر قبولاً، هي أن “الولايات المتحدة تحاول جاهدة حل مشاكل الأمن في عالم ليست له بنية سلطة شاملة”، ولذلك فهي تعمل في إطار مصلحتها الخاصة. غالباً ما يطلق على هذا التفسير اسم “المنظور الواقعي” ويفترض أن معظم  – إن لم يكن كل – جوانب السياسة الخارجية الأمريكية تمثل استجابة للتغيرات في الظروف الاستراتيجية التي تجد الدولة نفسها في مواجهتها نتيجة للتغيرات في الشؤون العالمية. من هذا المنظور، ولفهم السياسة الأمريكية تجاه الخليج، ثمة حاجة لتحليل الأحداث الدولية التي أدت لوجود عسكري أمريكي أكبر في المنطقة. يقول لوسون إن التفسير الشائع هو أن “كلاً من العراق وإيران، خلال فترة التسعينات، قد امتلكتا القدرة على تعطيل إمدادات النفط إلى السوق العالمية”، ما هدد مصالح الولايات المتحدة وشجع على تدخل عسكري أكبر في المنطقة. لكنه أشار إلى أن هناك أسباباً أكثر إقناعاً لتفعيل التدخل العسكري الإقليمي للولايات المتحدة بما في ذلك التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة من جهة وجمهورية الصين الشعبية والهند واليابان من جهة أخرى على النفوذ في أوراسيا الوسطى والضعف المستمر لسيطرة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي.

التفسير الثاني لسياسة الولايات المتحدة يؤكد على الخصائص الأيديولوجية والتاريخية الفريدة للولايات المتحدة، أو “الثقافة الاستراتيجية”. يقول لوسون إن هذا التفسير يفترض أن “الولايات المتحدة تحترم مبادئ الحكومة المحدودة والنموذجية، وتقيم الحريات الفردية للمواطنين، وتؤمن بأن السوق توفر أفضل طريقة لتنظيم الاقتصاد”. لذلك فإن السياسة تجاه الخليج شكلت أساساً نتيجة لهذه المخاوف. خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، شكلت بنية الحكم الاستبدادي في كل من إيران والعراق نماذج حكم متناقضة تماماً مع المبادئ والقيم الليبرالية في الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك “فقد اعتقدت الولايات المتحدة أن عليها التزاماً بجلب مزايا اقتصادات الحكومة والسوق المحدود للآخرين”.

النظرة الثالثة والأخيرة التي تميز الولايات المتحدة كإمبراطورية تهتم بتوسيع النفوذ الإقليمي والتأثير الثقافي في جميع أنحاء العالم. يقول لوسون إن هذه الفكرة مختلفة عن “الإمبراطورية ” في إطارها التقليدي، وفي الخليج كما في مناطق أخرى حول العالم، “فإن الولايات المتحدة مدعوة لتحمل المسؤولية” لتأسيس النظام الإقليمي. إن وجود الجيش الأمريكي اللامركزي في العالم يعكس بنية القيادة المتميزة للقوات المسلحة الأمريكية المكونة من “شبكة من القيادات الإقليمية حول العالم”، بحسب لوسون.

في الختام قال لوسون، إن هذه التفسيرات الثلاثة ليست بالضرورة حصرية، لكن يمكن ربط هذه الجوانب المختلفة للسياسة الخارجية الأمريكية بكل سطر من أسطر هذا النقاش.

 

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.