غاري واسرمان
نظم مركز الدراسات الدولية والإقليمية بتاريخ 5 أكتوبر 2007 مأدبة غداء في فندق فورسيزنز الدوحة، ناقش فيها الدكتور غاري واسرمان الانتخابات الأمريكية المزمع إقامتها عام 2008. يذكر أن واسرمان هو أستاذ الشؤون الحكومية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون، وقد وتحدث أمام جمهور صغير من الدبلوماسيين المقيمين في الدوحة، وكبار رجال الأعمال، وأدار هذه الفعالية مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية مهران كمرافا.
أكد الدكتور واسرمان بداية أن الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف تعتمد على الأصوات المعتدلة والمتأرجحة وليس على القواعد الجماهيرية التقليدية الأساسية للجمهوريين أو الديمقراطيين. وأوضح أنه في الانتخابات الأخيرة، تمكنت حملة الرئيس بوش من تأمين أصوات الجمهوريين الأساسية من خلال قضايا مثل الإرهاب والمحافظة الاجتماعية، وتجاهل هذه القضايا يعتبر عامل جذب للناخبين المعتدلين.
من المرجح أن تركز الانتخابات المقبلة على ما يمكن أن يسمى “لحظات”، وبحسب واسرمان فإن هذه “اللحظات” هي عبارات مفتاحية وجيزة، وتسجيلات صوتية يتم إيصالها إلى الجمهور سواء عن طريق المعارضة أو المرشحين أنفسهم وذلك لتكوين صورة أو فكرة عن المرشحين المحتملين في أذهان المصوتين. يمكن القول بعبارة أخرى أن “لحظات” تعفي فرداً من الجمهور من الحاجة لفهم عقيدة سياسية برمتها، لذلك يوجد حاجة لهذه “المذكرات الوجيزة” لنكون قادرين على مواكبة الوضع السياسي وفهم السرد العام لكل مرشح دون الحاجة إلى اتباع كل خطوة عن قرب أثناء العملية الانتخابية الطويلة.
أشار واسرمان أيضاً إلى أنه بسبب المناخ الذي تقوده وسائل الإعلام اليوم وهو “صحيح سياسياً”، فإن الجمهور لا يتسامح مع الانتقاد الصريح للمرأة والأقليات العرقية والإثنية. وبدلاً من ذلك، توجد “رموز وكلمات خاصة” يستخدمها مروجو الحملات الانتخابية للضغط على تاريخ كامل من الصور النمطية في كلمة أو عبارة واحدة دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة أو هجومية. فعلى سبيل المثال، يناقش الجمهوريون هيلاري كلينتون على أنها امرأة لتعزيز الصورة النمطية التقليدية عن ضعف وعدم الفاعلية السياسية للمرأة. ويوجد مثال آخر يتمثل بالاستخدام المستمر لكلمة “جريمة” في خطابات جولياني ومصطلح سياسة “عدم التسامح” للإشارة لكلمة “أسود”. بالتالي هذا سيجعل خطابات الحكومة تمتلك التأثير المطلوب دون التعرض لأي شكل من أشكال العنصرية. كما ناقش الفريق محاولة المرشح الجمهوري ميت رومني لتخويف الناخبين بعيداً عن باراك أوباما، وذلك عندما خلط رومني بين اسم أوباما واسم “أسامة” في بث تلفزيوني مباشر.
وبحسب واسرمان، من المهم أيضاً أن ننظر إلى الطبيعة المتغيرة للتركيبة السكانية، وخاصة من حيث الناخبين من الأقليات، والآثار الكبيرة لذلك على المواقف السياسية التقليدية. حيث يجري الآن الانتباه لهؤلاء الناخبين الأقليات واستطلاع آرائهم بطريقة مختلفة عما ذكر سابقاً في التاريخ السياسي. ناقش واسرمان الارتفاع معدل تصويت الشباب ما دون سن الثلاثين، ما يعني أن السياسة التقليدية سوف تضطر إلى البحث عن طرق جديدة ومبتكرة لاستيعاب هذه الدائرة المتنامية. ولا ينظر إلى “الأقليات” الآن على أنهم ناخبون مهمون فقط، ولكنهم يعتبرون أيضاً مزيجاً من الاختلافات، وليس مجموعات من المحرومين كما كانوا في الماضي. لقد زادت تكنولوجيا وسائل الإعلام الحديثة مثل الإنترنت وقدرات الاستهداف الجزئي القدرة على التمييز بين السكان في مجموعة متنوعة من الناس من خلال التعرف على العديد العوامل، عوامل ذات صلة بالعمر أو التعليم أو الحالة الاقتصادية أو العرقية أو المهنية.
وقال واسرمان إنه يود أن يرى تحولاً في السياسة نحو مناقشة أسئلة أكبر وأكثر أهمية عن دور الولايات المتحدة في العالم، بدلاً من التوجه الحالي نحو استهداف فئات معينة من السكان، واستخدام تقنيات الإعلان. وإحدى هذه القضايا الهامة هي مسألة تغير المناخ، والموقف فيما يتعلق باستهلاك الطاقة والنفقات. وقد أبدى واسرمان تفاؤله بشأن السياسات المستقبلية فيما يتعلق بالبيئة، كما عبر عن ثقته بأن الجمهور يحدد موقعه بشكل جيد تجاه ساسته، وأشار إلى التغييرات الإيجابية في أن بعض حكومات الولايات والحكومات المحلية في الولايات المتحدة قد سنت تشريعات تعمل لصالح كفاءة الطاقة، منها قوانين البناء وأنظمة النقل الجماعي الصديقة للبيئة، وهي تعتبر أمثلة بارزة.
أما بالنسبة لتوقعات نتيجة الانتخابات، فقد حذر واسرمان من المبالغة في موقف المرشحة الأوفر حظا السيناتور كلينتون بين الديموقراطيين، خاصة إذا فشلت في كبح جماح التوقعات العالية لنجاح حملتها في موسم الانتخابات التمهيدية. ومع ذلك، في حال تم تجنب المفاجآت الكبرى والعثرات والأخطاء في حملة كلينتون، فإن كل الدلائل تشير إلى ظهور السيناتور كلينتون باعتبارها المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً وعلى الأرجح المحتل المقبل للبيت الأبيض.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.