شهلا حائري في محاضرة عن المرأة والقيادة السياسية في المجتمعات المسلمة
قدمت شهلا حائري، عالمة الأنثروبولوجيا الثقافية والأستاذ الزائر لمركز الدراسات الدولية والإقليمية لعام 2011 – 2012، حلقة نقاش تحت عنوان: “من بلقيس إلى بينظير: المرأة والقيادة السياسية في المجتمعات المسلمة” وذلك بتاريخ 26 فبراير 2012. تركز أبحاث حائري الحالية على دراسة المرأة المسلمة في مواقع السلطة، سواء في الماضي أو الحاضر.
بدأت حائري حديثها بانتقاد تقارير وسائل الإعلام الغربية حول الربيع العربي التي ركزت على دوافع المرأة المسلمة التي أجبرتها بشكل مفاجئ على المشاركة الفاعلة في السياسة. وأشارت حائري إلى أن مشاركة المرأة في المجال السياسي لم يكن مفاجئاً أو جديداً ويتضح ذلك من خلال التاريخ الطويل والغني لنساء تولّين مناصب قيادية. روت حائري القصة اليهودية – الإسلامية عن ملكة سبأ، المعروفة أيضاً باسم بلقيس، باعتبارها إحدى أبرز القصص في القرآن وهي تصور الملكة كحاكم حكيم وذكي وعطوف. تظهر قصة ملكة سبأ أن “جنس الملكة لما يكن شرطاً لتوليها القيادة والحكم، وأن سياسة النوع الاجتماعي لم يكن لها أي دور في هذه القصة القرآنية”. ومع ذلك، فنادراً ما لعبت هذه القصة دوراً هاماً في خطاب الحركة النسوية الإسلامية المعاصرة. تقول حائري: “نظراً لأن هذه القصة قد انتشرت في الثقافات الشعبية وتم الحديث عنها بشكل صريح في القرآن، ما الذي منع المرأة المسلمة من الاحتذاء بنموذج الملكة في القيادة، والمشاركة بفاعلية في الحياة السياسية في مجتمعها؟”.
يمكن العثور على إجابة هذا السؤال، بحسب حائري، في ديناميات الحديث المزعوم، أو القول النبوي، وصداه الذكوري في المجتمعات الإسلامية. فقد روي عن النبي أنه قال: “ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة”. وللتوفيق بين هاتين الروايتين المتعارضتين، اقترحت حائري وضع القصة القرآنية التي تدعم قيادة المرأة السياسية إلى جانب الإدانة المذكورة في الحديث لتحديد مكائد الوصاية والسياسة التي سعت إلى تقويض دور المرأة القيادي.
وكأمثلة عن النساء المسلمات اللاتي تولين زمام السلطة، قدمت حائري نموذج راضية سلطان، وهي حاكمة من سلالة المماليك في العصور الوسطى في الهند، وبينظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان الراحلة، التي تم انتخابها بشكل ديمقراطي كزعيمة لدولة إسلامية شديدة المحافظة، وعائشة، زوجة النبي، التي قادت “معركة الجمل” ضد الخليفة علي. من خلال دراسة أمثلة تاريخية عديدة لنساء مسلمات تولين زمام السلطة، سلطت حائري الضوء على التناقض الديني بشأن القيادات النسائية المسلمة أكثر من التركيز على الإدانة التصنيفية. وناقشت أن المعارضة الذكورية السائدة تحدث داخل مجال اجتماعي وسياسي ولا تنبثق بشكل أساسي من الكتاب المقدس.
تشاركت كل أولئك النسوة، على الرغم من اختلاف تقاليدهن الثقافية والفترات التاريخية التي عشن فيها، بالنسب المميز ونلن قسطاً من الدعم من آبائهن أو أزواجهن ذوي النفوذ. توضح حائري: “يمنح الدعم الأبوي القوة والمكانة للابنة، ويسهل تواجدها في الساحة العام، ويجيز انخراطها في السلطة والنشاطات السياسية”، ويساعد ذلك على إسكات منتقديها. تكمن هنا ما أسمته حائري “مفارقة السلطة الأبوية”. ففي الوقت الذي “يقدم لنا التاريخ أمثلة كثيرة عن المنافسات القاتلة بين آباء أباطرة وأبناء طامعين في الحكم، نجد أن القليل قد ذكر عن الآثار السياسية لعلاقات بين أب وابنة من الممكن أنه قد فضلها بالفعل على أبنائه الذكور الذين تولوا مناصب جعلتهم يعملون على إزاحة والدهم”.
أنهت حائري النقاش بالإشارة إلى وجهات النظر الشعبية ضد تولي المرأة للقيادة وهي غالباً ما انطلقت من الخطاب الأبوي والسياسي، وليس بالضرورة من الإملاءات الدينية أو تعاليم الكتب المقدسة. تقول حائري: “إدراكاً مني للتسلسل الهرمي لمصادر السلطة في الإسلام – التي توزعت ما بين آيات قرآنية تدعم القيادات النسائية وحديث نبوي مزعوم يعارضها – يمكن القول أن السلطات الدينية تعمد للانتظار حتى تسنح لها الفرصة المناسبة لتحدي سلطة الملكة أو السلطانة أو رئيسة الوزراء”.
شهلا حائري هي أستاذ مساعد في الأنثربولوجيا الثقافية، والمدير السابق لبرنامج دراسات المرأة (2001 – 2010) في جامعة بوسطن. تلقت حائري تدريباً كعالمة أنثربولوجيا ثقافية مع التركيز بشكل خاص على القانون والدين، وأجرت بحوثاً أنثربولوجية في إيران وباكستان والهند. تتمحور اهتماماتها الثقافية والأكاديمية حول العلاقة المتطورة والجدلية في الوقت نفسه بين الدين/القانون، والنوع الاجتماعي، والدولة في العالم الإسلامي بشكل عام، وإيران على وجه الخصوص. وهي مؤلفة قانون الرغبة: الزواج المؤقت، المتعة، في إيران (1989، 2006 الطبعة الرابعة بالعربية 2010)، ولا عار للشمس: الحياة المهنية للمرأة الباكستانية (2002/2004).
تلقت حائري منحة الزمالة للعام الدراسي 2011 – 2012 من مركز الدراسات الدولية والإقليمية، جامعة جورجتاون في الدوحة، قطر. وقد حصلت على العديد من الجوائز ومنح ما بعد الدكتوراه، بما في ذلك، زمالة هندرسون العليا البحثية في العلوم الإنسانية في جامعة بوسطن (2008 – 2009)، ودراسات المرأة في دراسات الدين من كلية هارفارد للاهوت (منحة كولورادو البحثية، 2005 – 2006)، ومنحة فولبرايت (1999 – 2000، 2002 – 2003)، ومنحة كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد (1996)، ومنحة المعهد الأمريكي للدراسات الباكستانية (1991 – 1992)، ومنحة مجلس بحوث العلوم الاجتماعية (1987 – 1988)، ومنحة مركز بمبروك للتعليم والبحوث حول المرأة، بجامعة براون (1986 – 1987)، ومنحة مركز دراسات الشرق الأوسط، جامعة هارفارد (1985 – 1986).
أنتجت د. حائري فيلماً وثائقياً قصيراً (46 دقيقة) بعنوان السيدة الرئيس: المرأة والقيادة السياسية في إيران، مع التركيز على ست نساء من المرشحات للانتخابات الرئيسية في إيران عام 2001. تم توزيع هذا الوثائقي من قبل شركة فيلمز فور هيومانيتيس آند سينسيز (www.films.com).
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.