سيد حسين نصر في محاضرة عن الإسلام وحماية البيئة الطبيعية

سيد حسين نصر في محاضرة عن الإسلام وحماية البيئة الطبيعية

بدأ مركز الدراسات الدولية والإقليمية بتاريخ 26 يناير 2009 فصله الدراسي الربيعي بسلسلة متميزة من المحاضرات بدأها بكلمة ألقاها سيد حسين نصر، أحد أهم الباحثين في الدراسات الإسلامية والدينية والمقارنة في العالم. تم تقديم سيد حسين للحضور من قبل محمد السديري طالب السنة الثانية في كلية الشؤون الدولية – قطر ورئيس نادي مسرح الأزرق والرمادي.

أوضحت محاضرة نصر التي ألقيت في فندق الشرق في الدوحة، المعاناة البيئية اليومية ضمن إطار إسلامي روحي محكم، وقد أكد نصر على هذا الموضوع بوصفه “ذا أهمية بالغة” لأن الناس قد لجؤوا إلى التعتيم على المشكلة دون إيجاد حل فعلي لها. مع ذلك فإن حل مشكلة تدمير البيئة “لن يتم من خلال مستحضرات التجميل”، لكنه “يتطلب تغييراً في أسلوب حياتنا”.

أشار نصر إلى سخرية السيطرة البشرية على الطبيعة من خلال التحذير من أننا “ندمر أنفسنا في سبيل السيطرة على الطبيعة”. وأضاف أنه لا يجب أن توجد قضية أهم من الأزمة البيئية على جدول أعمال العالم، فكل المشاكل المحيطة الأخرى سياسية واقتصادية تبدو ضئيلة مقارنة مع الأزمة البيئية. وفي حال استمرت مشكلة التدهور بمعدلاتها الحالي، فلن يكون هناك أي مشكلة أخرى سواها.

صرح نصر أن المشكلة الرئيسية لدى المسلمين تتمثل بأنهم على الرغم من شغفهم بأداء واجباتهم الدينية، إلا أنهم لا يترجمون هذا الشغف إلى وعي أكبر بالبيئة المحيطة بهم. ما ينتج ما أسماه نصر “قطيعة” بين قوة إيمان المسلمين وطريقة تفاعلهم ومعاملاتهم الحياتية اليومية، التي لا ترقى إلى مستوى المبادئ الإسلامية. وقد رجح نصر أن السبب وراء ذلك هو بروز العلمية كأكثر المبادئ أهمية في العالم الحديث.

بداية، أصبحت العلمية مفهوماً شعبياً في العالم الإسلامي كوسيلة لمكافحة الاستعمار وإنقاذ الإسلام من هجوم الغرب، وقد تم ذلك عبر إتقان إنتاجات مدارس الفكر الغربية ودمجها مع المبادئ الإسلامية. خلال هذه الفترة، اتبع العالم الإسلامي الافتراضات الأساسية للفلسفة الوضعية، وألقيت “العلوم الإنسانية جانباً لكونها غير مهمة” و “لم يكن ثمة مقاومة فكرية” للغرب.

لقد أصبح العالم الإسلامي مستعبداً لتطلعات تكنولوجيا الغرب، وقد أشار نصر إلى وجود قاسم واحد مشترك وهو عبادة المسلمين للعلم والتكنولوجيا الحديثة، على اعتبار أن الإسلام يشجع على ذلك، وهو اعتبار خاطئ، ليس ذلك وحسب، بل اعتقد هؤلاء المسلمون مدعو الحداثة أن الغرب سوف يهتم بجميع المشاكل الناتجة عن التطورات التكنولوجية.

يرى نصر أن الحل هو أن نأخذ بعين الاعتبار أن الله هو الطبيعة وهو البيئة. فالإسلام جزء لا يتجزأ من البيئة، نظراً لكونها الرابط بين الإنسان والإله. يقول نصر إن التعاليم الدينية هي أمر بالغ الأهمية لنجاة الإنسان لأنها تعلم الناس كيف يحافظون على احترامهم ضمن بيئاتهم الطبيعية، وكيف يكرمون كل مخلوق حي من مخلوقات الله، التي نشكل منها نوعاً واحداً فقط. يؤكد نصر أن “لكل مخلوق حقوقه المستقلة عن حقوق البشر”، ولا يمكننا التغاضي عن ذلك. يرى نصر أنه للتغلب على الأزمة الحالية يجب علينا اعتبار أن الطبيعة مقدسة.

اختتم نصر حديثه بالإشارة إلى المهمة الهامة الملقاة على عاتق سكان منطقة الخليج والمتمثلة بالمحافظة على الشعاب المرجانية المهددة بالانقراض في المنطقة. فالشعاب المرجانية هي واحدة من أكثر أشكال الحياة البيئية هشاشة في العالم، وهي أيضاً من أكثر الأدوات فاعلية في تغذية البيئة.

كان نصر قد دعي في وقت سابق من اليوم، لزيارة الحرم الجامعي لكلية الشؤون الدولية في قطر، والتحدث في اجتماع غداء غير رسمي مع أعضاء الهيئة التدريسية والموظفين في الكلية.

 

الملخص بقلم: أسماء العدوي، متدربة في مركز الدراسات الدولية والإقليمية، وسوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.

سيد حسين نصر، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج واشنطن، في العاصمة واشنطن، وهو من أهم وأبرز الشخصيات التي تناولت الدراسات الإسلامية والدينية والمقارنة في العالم اليوم. له ما يزيد عن خمسين كتاباً وخمس مائة مادة ترجمت إلى عدة لغات إسلامية وأوروبية وآسيوية. يذكر أن الأستاذ نصر شخصية فكرية معروفة وتحظى بتقدير العالمين الغربي والإسلامي.