زهرة بابار في محاضرة عن المهاجرين العرب في قطر
قدمت زهرة بابار، مدير البحث المساعد في مركز الدراسات الدولية والإقليمية محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية التي يقيمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية بعنوان “العمل من أجل الجيران: المهاجرون العرب في قطر” في 11 ديسمبر، 2013. وتقترح بابار دراسة بعض الاتجاهات في الزيادة السكانية الهائلة التي شهدتها قطر على مدى العقود القليلة الماضية، مع إيلاء اهتمام خاص للأنماط الديموغرافية للسكان المهاجرين العرب، من غير الخليجيين. وقالت أن “عدد السكان المهاجرين في الخليج بشكل عام، وفي قطر على وجه الخصوص، قد ازداد بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية”. وقد بلغ إجمالي عدد السكان في قطر في التسعينات حوالي 500 ألف نسمة، وازداد ثلاثة أضعاف ليصل إلى ما يقرب من 2 مليون نسمة في عام 2013.
ومن خلال طرح بعض المعلومات الأساسية لبحثها، أوضحت بابار أنه “على الرغم من أننا مدركون للوجود الديموغرافي الكبير للأجانب في قطر، إلا أننا في الواقع لا نعرف الكثير عنهم”. وتعتبر البيانات الموثوقة المتوفرة حول هؤلاء الناس، ومن أين قدموا، وكيف يتم دمجهم في سوق العمل، وكيف وجدوا الحياة في قطر، قليلة للغاية. “يشكل الحصول على بيانات في قطر حول التراكيب القومية والعرقية للسكان المهاجرين تحدياً كبيراً. وسيجد أي باحث يحاول العمل على بعض جوانب هجرة العمالة في قطر أن توفر البيانات، والوصول إلى البيانات، وموثوقية البيانات شحيحة للغاية”. ومع قرب استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ينصب اهتمام النقاد على ممارسات العمل في قطر، حيث تم نشر عدد من القصص والمقالات التي تتناول هذا الموضوع على نحو سلبي في وسائل الإعلام الدولية. غير أن بابار أكدت على ضرورة الحذر من أولئك الذين يدعون أنهم يملكون الحقائق والأرقام الصحيحة بشأن ظروف العمل والهجرة في دولة قطر. وقالت: “آمل أن تبقوا على حذر عندما يطرح عليكم أي من هذه المقالات أرقاماً معينة”.
وأوضحت بابار أنها كانت تسترشد بالسؤال التالي خلال أبحاثها: “ما سبب أهمية الحديث عن الجنسية؟”. تؤثر الجنسية تأثيراً مباشراً على حياة المرء في قطر كمهاجر، بما في ذلك كيفية تحديد هياكل الرواتب والمزايا وآفاق العمل، وكيف يمكن للمرء تجربة الحياة والعمل في البلاد. وهكذا، “ترتبط الجنسية ارتباطاً وثيقاً بمدى اندماج الشخص في سوق العمل في قطر”.
ومن خلال تتبع مسارات الجنسيات في قطر على مدى العقود القليلة الماضية، أشارت إلى أن التراكيب العرقية والقومية لوجود الوافدين قد شهدت تحولاً جذرياً. ومن خلال التركيز على التغييرات التي طرأت على السكان المهاجرين العرب من غير الخليجيين في قطر، أشارت بابار إلى انخفاض كبير في الأرقام من 70 بالمئة في السبعينات والثمانينات إلى أقل من 20 بالمئة حالياً. وذكرت بابار الأرقام الأخيرة التي تم الحصول عليها من وزارة العمل القطرية، التي قدرت عدد المغتربين العرب، غير الخليجيين في قطر بـ 146 ألف أو 13 بالمئة من مجموع القوى العاملة. ومن بينهم يشكل المصريون النسبة الأكبر من حيث التكوين الوطني، يليهم السودانيون والسوريون. وتمثل هذه الجنسيات الثلاث 65 بالمئة من مجموع السكان الوافدين العرب من غير الخليجيين في قطر و 72 بالمئة من القوى العاملة العربية غير الخليجية.
ومن خلال عرض تاريخ هذه التغيرات الديموغرافية، أشارت بابار إلى أن دول منطقة مجلس التعاون، بصناعاتها الهيدروكربونية المزدهرة وعدد السكان الصغير، مضطرة لتوظيف العمال الأجانب. وفي البداية، وفي الأيام الأولى لهذه الصناعة، تمثل الخيار المنطقي بتوظيف عمال من الدول العربية المجاورة، نظراً إلى الانتماءات الجغرافية واللغوية والدينية، والثقافية، وسهولة اندماج العربي في المجتمعات الخليجية القائمة. ولكن، ومع النمو والعولمة التي شهدتها الصناعات الهيدروكربونية ومع تجاوز الضرورات الاقتصادية والسياسية هذه الاعتبارات الاجتماعية الثقافية الأولية، تم إحداث تحولات جذرية في السياسات والممارسات وأنماط سوق العمل القطري.
وقد اندمج المهاجرون العرب من غير الخليجيين في قطر على نحو فاعل منذ السبعينات في المجتمع من خلال الحفاظ على الهياكل الأسرية التقليدية. ومن إجمالي عدد السكان العرب من غير الخليجيين في قطر، ينشط 52 بالمئة فقط في القوى العاملة ويساهمون في الاقتصاد، في حين أن 48 بالمئة هم من الأطفال وربات البيوت المعالين. وإذا ما تمت مقارنة هذا بالبيانات المقابلة من جنسيات أخرى، فثمة فارق كبير وملحوظ. حيث يوجد 17٪ فقط من المعالين غير العاملين في الجالية الهندية و1٪ فقط في الجالية النيبالية. وعلاوة على ذلك، يكشف التفاوت في هذه الأرقام أن من المفترض أن يتقاضى المهاجرون العرب، من غير الخليجيين، رواتب أعلى ليتمكنوا من الحفاظ على الأسر التي يقومن بإعالتها في قطر. وهكذا فمن السهل أن نستكشف سبب ميل صناع السياسة القطرية لاستيراد عمالة أقل تكلفة وأكثر قابلية للإدارة من آسيا.
وباختصار، خلصت بابار إلى أنه “في قطر، تبدي الدولة والمجتمع قلقاً شديداً إزاء اختلال التوازن الديموغرافي وتزايد عدد الأجانب بشكل كبير، ولذلك تسعى الدولة لتلبية احتياجات سوق العمل دون أية زيادة إضافية في عدد السكان”.
تشغل زهرة بابار منصب مدير البحث المساعد في مركز الدراسات الدولية والإقليمية، جامعة جورجتاون قطر. وعملت في وقت سابق في المساعدات الدولية والتنمية المجتمعية، وقطاع التخفيف من حدة الفقر. وعملت بابار مع منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما عملت لعدة سنوات في باكستان مع برنامج سرهد لدعم المناطق الريفية، إحدى منظمات التنمية الريفية متعددة القطاعات في باكستان. وقد قامت، مع مهران كمرافا، بتحرير مقال حول العمالة المهاجرة في منطقة الخليج الفارسي، ومع سوزي ميرغاني حول الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط. وحصلت بابار على شهادة البكالوريوس في علم السياسة من كلية سميث في نورثامبتون، ماساشوستس، ودرجة الماجستير من كلية الدراسات الدولية في جامعة جواهرلال نهرو في نيودلهي.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.