روبرت ويرسينج في محاضرة عن الشقاء الأفغاني - الباكستاني

روبرت ويرسينج في محاضرة عن الشقاء الأفغاني - الباكستاني

روبرت ويرسينج في محاضرة عن الشقاء الأفغاني – الباكستاني

قدم روبرت ويرسينج، الأستاذ الزائر في العلاقات الدولية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر، محاضرة شهر أكتوبر ضمن سلسلة الحورات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية حول موضوع “الشقاء الأفغاني – الباكستاني: أين العنوان الأمريكي ’الحرب الطويلة’؟… ولماذا؟”

أشار ويرسينج في المقدمة أنه لم يوافق على تسمية “الأفغاني الباكستاني” لكنه لفت إلى أنه الاستخدام الرسمي من قبل حكومة الولايات المتحدة كجزء من عملية أوسع في مجال مصطلحات العلاقات الدولية.

استندت المحاضرة إلى أربعة أسئلة رئيسية تتعلق بالأوضاع الراهنة في أفغانستان والباكستان: 1) ما الذي تدور حوله الحرب في أفغانستان؟ 2) ما هي العقبات الخمس التي تواجه إدارة أوباما في الحرب “الأفغانية – الباكستانية”؟ 3) ما هي خيارات أوباما الأساسية في هذه الحرب؟ 4) ما الذي يجب أن تفعله إدارة أوباما لتصل بهذه الحرب إلى نهايتها؟ 

انظر العرض التقديمي من المحاضرة أدناه:

الشقاء الأفغاني الباكستاني: أين العنوان الأمريكي ’الحرب الطويلة’؟… ولماذا؟ من كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر 

لتقديم لمحة عامة عن العمليات العسكرية الجارية حالياً في المنطقة، أعطى ويرسينج بعض الأرقام المتعلقة بقوة المساعدة الأمنية الدولية (ايساف) في أفغانستان، والتي تم تشكيلها من قبل الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، وحلفاء آخرين. يقول ويرسينج: “لدى الولايات المتحدة حالياً نحو 68,000 جندي إما منتشرين أفغانستان أو في طريقهم إليها” و “لدى حلف شمال الأطلسي حوالي 38,000 جندي” بالتالي “هناك ما مجموعه 106,000 جندي من قوات ايساف في أفغانستان”. وأشار إلى أن تسجيل العدد الدقيق للمسلحين من طالبان كان أكثر صعوبة، لكن “بالعودة إلى عام 2007، قدرت صحيفة نيويورك تايمز العدد بـ 10,000 مقاتل، 3,000 منهم فقط بدوام كامل، ولا يعتبر هذا العدد كبيراً جداً في بلد بحجم أفغانستان. أعلنت الحكومة في كابول مؤخراً، في فبراير 2009، تقديراً لأعداد المقاتلين بلغ ما بين 10,000 –  15,000 مقاتل. مع ذلك أشار ويرسينج أنه “لا يوجد أي تقدير يشير إلى وجود تمرد واسع”.

ذكر ويرسينج أيضاً تكاليف خوض الحرب في أفغانستان بالقول إن “الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي معاً، وخاصة إدارة بوش، قد أنفقتا علناً خلال الفترة الواقعة ما بين نوفمبر 2001 وحتى ديسمبر 2008، ما مجموعه 281 مليار دولار على الحرب في أفغانستان. وقد تفوق النفقات السرية ذلك إلى حد كبير”.

للإجابة على سؤال “ما الذي تدور حوله الحرب في أفغانستان؟” أشار ويرسينج أن عليه إيضاح محركات التمرد وكذلك سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. “ثمة تفسير شائع جداً وهو التطرف الإسلامي”، وتلقين المدرسة الإسلامية للتعصب. لكن ويرسينج قال بأن “التطرف الديني ليس هو المحرك الوحيد أو حتى الأكثر أهمية” للحرب بل وذهب أبعد من ذلك حين رأى “ضرورة صرف النظر عن الدين والتطرف الديني بشكل شبه كامل” وقال إن “قضية المدرسة هي ذر للرماد في العيون وقد كانت دوماً للفت الأنظار عما يحدث في الواقع في هذه المنطقة”. أما الأسباب الأخرى التي اقترحها للحرب فهي الهويات القبلية الفئوية، وظهور المسلحين المرتزقة وخوضهم الحرب مقابل أجر، والانتقام والكراهية لأمريكا، والنفور التقليدي من قوات الاحتلال.

على الرغم من أهمية الدوافع الرئيسية للسياسة الأمريكية، يقول ويرسينج إن “أمريكا لديها جدول أعمال في آسيا الوسطى أوسع بكثير من مطاردة تنظيم القاعدة؛ فعلى جدول أعمالها أفعال كثيرة يجب القيام بها جغرافياً”. على هذا النحو، دخل ويرسينج في نقاش “الأهمية البالغة لأمن الطاقة، وموارد الطاقة، والنفط، والغاز”. وقال إن هذه المسائل كانت الأسباب الرئيسية للوجود الأمريكي في أفغانستان. يقول ويرسينج إن الموقع الاستراتيجي لأفغانستان، حيث تتشارك الحدود مع عدد من الدول المنتجة للطاقة، يعني أنها من المحتمل أن تكون قناة هامة للوصل بين جنوب ووسط آسيا. يمكن استغلال هذه الموارد ونقلها بدلاً من احتوائها، كما هو الحال الآن، بين العملاقين الصين وروسيا. اقتبس ويرسينج بعضاً من تشريعات الولايات المتحدة بشأن المنطقة، بعنوان قانون استراتيجية طريق الحرير، الذي يوضح المصالح الهامة للولايات المتحدة على المدى الطويل في المنطقة من أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية. يحدد هذا القانون السياسة الأمريكية بشأن تطوير البنية التحتية في آسيا الوسطى، مثل خطوط الأنابيب، وطرق النقل، وفرص التصدير للدول غير الساحلية خلاف ذلك. وقال ويرسينج إنه “من الغريب أن الكثير من الجدال الذي يدور عادة في أمريكا الشمالية، غالباً ما يغفل ذكر الطاقة والنفط والغاز، التي أعتبرها في غاية الأهمية”. كما أشار إلى تكتيكات عديدة موجودة بهدف “ضمان وصول الأمريكيين والغربيين إلى هذه الموارد الهائلة، حيث أن الإمكانات قد تكون واسعة” وربما تصل إلى 15 تريليون دولار في النفط وموارد الغاز الطبيعي في منطقة بحر قزوين وحدها. أكد ويرسينج أن “الأهمية الاستراتيجية لأفغانستان تذهب إلى أبعد من احتواء تهديد إرهابي كما توحي أيضاً بالوجود الغربي لفترة طويلة.”

سرد ويرسينج “العقبات الخمس التي تواجه إدارة أوباما في الحرب الأفغانية – الباكستانية”، على أنها أ) ضعف الدعم الشعبي والدعم المقدم من الكونغرس والحزب الديمقراطي في أمريكا ب) تنامي الاستياء من الحكومة الأفغانية في كابول إثر تزوير الانتخابات وتقويض الشرعية ج) الباكستانيون ليسوا الحليف المثالي للولايات المتحدة في “الحرب على الإرهاب” د) عدم جدوى وعد أوباما بتعاون إقليمي أكبر، وأخيراً ه) حاجة أوباما لتفادي الظهور بمظهر الضعف والتردد. أضاف ويرسينج: “إذا اختار اوباما ألا يفعل شيئا أو اختار الانسحاب أو خفض عدد القوات الأمريكية، قد يبدو ذلك وكأنه فشل للإرادة السياسية الأمريكية بخصوص السياسة الأفغانية – الباكستانية”.

أوضح ويرسينج الخيارات المفتوحة أمام إدارة أوباما، بما في ذلك الأكثر جدوى في رأيه وهو التصعيد من خلال إرسال المزيد من القوات. وقال إن الخيار الوحيد الذي يعتقد أنه قد يكون قابلاً للتطبيق هو تأييد زيادة القوات في أفغانستان ووضع حد لحرب طويلة بالفعل.

بحسب ويرسينج، تتضمن الحلول قصيرة الأجل المفتوحة أمام إدارة أوباما زيادة عدد القوات على الفور؛ والتحول من الهجوم إلى الدفاع ومكافحة التمرد من خلال سحب القوات من المناطق المكشوفة إلى مراكز حضرية منتقاة لتوفير الأمن لأكبر قدر ممكن من الشعب الأفغاني؛ وإعطاء أولوية كبرى لخفض عدد الضحايا المدنيين من خلال تعليق الهجمات بدون طيار؛ والتنفيذ الكامل لقرار الكونغرس الأمريكي بزيادة المساعدات للباكستان؛ وأخيراً، تشجيع التعاون الباكستاني في أفغانستان.

أما المبادرات ذات المدى الطويل فتتمثل بإمكانية قيام إدارة أوباما باستغلال مجموعة من الفرص المتتابعة لإجراء محادثات مع عناصر طالبان للتفاوض على تقاسم السلطة للمصادقة على خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان والهند، والدفع باتجاه إقامة اتفاق نووي مدني مع الباكستان أسوة بما تم التوصل إليه مع الهند.

الدكتور ويرسينج أستاذ زائر في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر. وهو متخصص في العلاقات الدولية وسياسات جنوب آسيا، وقد قام بأكثر من أربعين رحلة بحثية لمنطقة جنوب آسيا منذ عام 1965. تشمل مؤلفاته: أمان باكستان في عهد ضياءو 1977 – 1988 (مطبعة سانت مارتن، 1991)؛ الهند وباكستان ونزاع كشمير (مطبعة سانت مارتن، 1994)؛ كشمير في ظل الحرب (ام. اي. شارب، 2002)؛ كما شارك في تحرير: الراديكالية الدينية والأمن في جنوب آسيا (مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية، 2004)؛ والشتات العرقي واستراتيجيات الطاقة الكبرى في آسيا (مطبوعات إنديا ريسيرتش، 2007)؛ وقومية البلوش والجغرافيا السياسية لموارد الطاقة: تغير السياق الانفصالي في باكستان (كارلايل: معهد الدراسات الاستراتيجية، كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي، أبريل 2008). ركزت أبحاث ويرسينج الأخيرة على الدبلوماسية وسياسات الموارد الطبيعية (المياه والطاقة) في جنوب آسيا.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.