رقية أبو شرف في محاضرة بعنوان "مناظرات حول دارفور"

رقية أبو شرف في محاضرة بعنوان

أدارت رقية أبو شرف، أستاذ الأنتروبولوجيا المشارك في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون قطر، والأستاذ الزميل في مركز الدراسات الدولية والإقليمية لعامي 2012 – 2013، حلقة نقاش بعنوان “مناظرات حول دارفور في العالم” بتاريخ 24 أبريل 2013. تناولت المحاضرة الروايات التي استخدمتها الحكومة السودانية، ووسائل الإعلام الغربي، ومجتمعات الشتات بغية فهم أزمة دارفور. وللحديث عن مدى العنف الدائر في دارفور، روت أبو شرف أنه “خلال سنوات الصراع السبع في دارفور، تم تهجير أكثر من 2,7 مليون شخص. وتقدر منظمات حقوق الإنسان عدد القتلى بـ 400,000″، ومع ذلك فالرقم الحقيقي أعلى مما ذكر إذا أخذنا بعين الاعتبار أولئك الذين ماتوا نتيجة التهجير ونتيجة الظروف الأخرى المتعلقة بهذا الصراع.

أصبحت أزمة دارفور جزءاً حيوياً بالنسبة لجماعات مختلفة المصالح، بما في ذلك شخصيات عامة غربية ووسائل إعلام باعتبار هذه القضية في كثير من الأحيان سبباً للشهرة ولتحقيق أهداف خفية أخرى سياسية كانت أو أيديولوجية. ضمن هذا السياق، غالباً ما توصف هذه الأزمة بأوصاف تعيد إلى الذاكرة المحرقة التي حدثت إبان الحرب العالمية الثانية، نظراً لتجذرها في مفاهيم النزعات العرقية والتطهير العرقي. تقول أبو شرف: “على الرغم من ذلك، فإن انتشار القوات العربية في وجه تشكيلات القوات الأفريقية واعتبار ذلك التفسير الوحيد بعيداً عن القوى الجيوسياسية الأخرى التي شكلت نسيج المجتمع في دارفور هو تشويه خطير”، وذلك لأن هذه الفئات العرقية غير مستقرة ولا تساهم بشكل منظم في القوى الدارفورية وبنى الهوية. لدارفور تاريخ طويل من التزاوج والعلاقات التبادلية بين المجموعات العرقية المختلطة، لذلك فإن هذا التصنيف بوضع العرب ضد الأفارقة لا يمكن تعزيزه إلا من خلال العنف المعرفي للروايات السياسية المحملة بالاختزالية والأيديولوجيا. تابعت أبو شرف بالإشارة إلى أنه “عندما يتم تحريك النزعات العرقية والتلاعب بها فإنها تغطي على الأبعاد الأساسية الأخرى للصراع ، كاللصوصية، وأنظمة استملاك الأراضي، والتدهور البيئي، وتزايد الأسلحة والعسكرة، والسياسات الخاصة بالحدود، والتهميش الممنهج”. فيما مضى “لم يكن الاختلاف ليولد المجازر”، أما في الوضع الحالي، فإنه يستخدم كمبرر للعنف سواء بشكل مقصود أو غير مقصود من قبل جهات فاعلة غير مسؤولة.

كحكم على الفظائع التي تحدث في دارفور، تم إصدار مذكرة توقيف من قبل محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس عمر حسن البشير. أثارت المذكرة مشاعر كل من مؤيدي ومعارضي الرئيس البشير في الداخل وضمن مجتمعات الشتات السوداني في الخارج. وتباينت ردود الأفعال لدى هذه المجموعات بحسب المصالح الاستراتيجية التي تبناها كل طرف. تلخص أبو شرف نتائج أبحاثها الأنتروبولوجية التي أجريت في المؤتمرات والمسيرات والاجتماعات المتعلقة بقضية دارفور بحديثها عن الهويات السياسية والثقافية وكيف تنتج خطابات مختلفة حول دارفور. ففي الولات المتحدة، على سبيل المثال، تؤطر مسائل العرق والجنس الأزمة في دارفور، في حين تنحاز خطابات الشتات في الدوحة بشكل أكبر إلى روايات المصالحة والتماسك الاجتماعي.

وهكذا أصبحت دارفور الموقع الذي تتم من خلاله صياغة المفاهيم المعادية للإمبريالية والإيذاء في الوقت نفسه من قبل مؤيدي ومعارضي البشير. أذيعت هذه الروايات في وسائل الإعلام العالمية كعروض مسرحية عامة تم تصوير دارفور فيها على أنها مقاومة للقوى العالمية الاستعمارية الجديدة فضلاً عن مقاومتها للتهميش العرقي المحلي.

أشارت أبو شرف أخيراً إلى ما يتم بذله من جهود متضافرة حالياً في الدوحة لمعالجة أزمة دارفور. هذه منظمة حرة مؤلفة من أناس مهتمين لا يصنفون أنفسهم بحسب التقسيمات العرقية وإنما بحسب المجتمع المدني الفاعل. وأنهت حديثها بالقول: “في خضم المشاعر، والشفقة، والدعاية والاستقطاب، ينبغي على النقاش حول دارفور أن يتحلى بموضوعية خاصة وأن يكون بعيداً عن الأساليب التي تضخم الخلافات والتشرذم الذي يبقي هذه المأساة مستمرة.

رقية م. أبو شرف أستاذ زميل في مركز الدراسات الدولية والإقليمية وأستاذ الأنتروبولوجيا المشاركة في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون قطر. وهي مؤلفة “تحول المرأة النازحة في السودان: السياسة والجسد في السكن العشوائي (منشورات جامعة شيكاغو 2009)” و”ختان الإناث: وجهات نظر متعددة الثقافات (منشورات جامعة بنسلفانيا 2006)” و”الترحال (منشورات جامعة كورنيل 2002)”. كما قامت بتحرير عدد خاص من مجلة جنوب الأطلسي الفصلية لعام 2010 (منشورات جامعة ديوك). حصلت أبو شرف على زمالة ما بعد الدكتوراه والزمالة العليا من جامعات درهام في المملكة المتحدة، وبراون، وهارفارد. وقد حصلت أعمالُها على دعم من مؤسسة جوجنهايم، والمعهد الملكي للأنتروبولوجيا، وزمالة ذكرى السير وليام لوس، ومركز أندرو ميلون ومركز معهد ماساتشوستس للدراسات الدولية ومركز دراسات روكفلر بيلاجيو، وكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر.

المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.