رشيد الخالدي في محاضرة عن الثورات العربية عام 2011

رشيد الخالدي في محاضرة عن الثورات العربية عام 2011

ألقى رشيد الخالدي أستاذ كرسي إدوارد سعيد للدراسات العربية المعاصرة في جامعة كولومبيا، المحاضرة الختامية للعام الدراسي في مركز الدراسات الدولية والإقليمية حول موضوع “الثورات العربية عام 2011” وذلك بتاريخ 22 مايو 2011. أشار الخالدي إلى أن الوقت الذي مر لم يكن كافياً ليتمكن من تحليل تأثير وتداعيات الربيع العربي، لذا فقد تقدم ببعض الملاحظات الأولية بشأن الانتفاضات، وقال: “لا مثيل لهذه المرحلة في التاريخ العربي المعاصر. فجأة، بدأنا نشهد ضعف أنظمة استبدادية كانت قد ثبتت حكمها على مدار أربعين عاماً ونيف”. خلال فترة قصيرة من الزمن انهارت بعض الأنظمة الأساسية في المنطقة بعد أن تشبثت بالسلطة لفترة طويلة، وذلك نتيجة لجهود جبارة بذلها أناس عاديون. يقول الخالدي: “إن هذه لحظة نواجه فيها فجأة مشهداً يغير وجه الاحتمالات كلياً في العالم العربي”. لقد أتت هذه اللحظة بعد عقود، في الوقت الذي بدا أن لا شيء سوف يتغير في المنطقة”.

تميزت هذه الانتفاضات عن الثورات العربية السابقة، بحسب الخالدي، من خلال عدة عوامل، أهمها الطابع السلمي للتحركات وإصرار المتظاهرين على الامتناع عن استخدام العنف. وعلى الرغم من أن الجماهير في تونس ومصر قد خرجت بقوة للتعبير عن استيائها من الوضع الراهن، إلا أنها رفضت استخدام العنف. وللمرة الأولى في السنوات الأخيرة، نشرت وسائل الإعلام الغربية صوراً عن العرب بوصفهم محبين للسلام، وينتمون للطبقة الوسطى، ويتمتعون بالكاريزما، بدلاً من تصويرها المعتاد لجماهير الشرق الأوسط كأصوليين إسلاميين يميلون لاستخدام العنف”. يقول الخالدي: “لذلك تعتبر هذه اللحظة من أهم ما مر على العالم العربي، بل تجاوزت ذلك إلى تغيير النظرة تجاه العرب […] في الغرب – شعب اعتادت وسائل الإعلام الغربية لعقود طويلة قذفه بأشنع الأوصاف، يظهر للمرة الأولى بصورة واقعية وإيجابية”.

لم تكن الانتفاضات العربية نتاجاً للإحباط الذي شعر به الجمهور من الأنظمة العربية المستبدة وحسب، بل من شعورهم أيضاً بالظلم الذي أصبح عالمياً من خلال خصخصة شركات الموارد العامة على حساب الرعاية الاجتماعية”. أوضح الخالدي: “ما نشهده في جميع أنحاء العالم العربي ثورات لم تنطلق للمناداة بالديمقراطية والحرية والكرامة وسيادة القانون وحسب، بل كانت ثورات ضد العقائد الأصولية التي يقوم عليها النظام العالمي الليبرالي الجديد والسوق الحرة للتداول التجاري”. يتوجب على أي حكومة جديدة تتشكل بعد الإطاحة بالأنظمة القديمة أن تحاول تلبية احتياجات الجماهير الاقتصادية والاجتماعية، مع مقاومة الضغوط الغربية للانخراط في ممارسات العولمة الاقتصادية التي أدت إلى نشوب الثورات.

أشار الخالدي إلى أن العديد من هذه الدول العربية لا تزال غير مستقرة، ولم يتم تقرير شيء بشكل ملموس حيال المسارات السياسية المستقبلية. وقال إن المهمة التي تنتظرنا سوف تكون شاقة على القادة الجدد في هذه المجتمعات لأنهم سوف يبنون تصورات عن الأشكال الاجتماعية والسياسية الجديدة. يقول الخالدي: “إن بناء نظام عملي وديمقراطي سوف يكون أصعب بكثير من إسقاط مبارك أو بن علي”. كما يتوجب على أي نظام جديد تجنب مزالق النظام القديم ويحتاج إلى استهداف المراكز القديمة للسلطة والفساد التي لم تختف مظاهره تماماً. وأضاف: لا يعتبر هذا السيناريو فريداً في هذه الدول العربية، وذلك “لأننا نعرف الكثير عن المصالح الثابتة والقوية التي تهيمن على النظام السياسي الديمقراطي من خلال معرفتنا بالتجربة الأمريكية. حيث يعاني أي كيان سياسي ديمقراطي من هذه المشكلة”.

أوضح الخالدي بإيجاز: “يجب علينا ألا ننسى أن هذا هو الشرق الأوسط، الذي تكالبت عليه المطامع بسبب موارد الطاقة فيه وموقعه الاستراتيجي الفريد، بالتالي فهو المنطقة الأكثر اختراقاً من قبل المصالح الأجنبية”.

الخالدي هو رئيس تحرير مجلة الدراسات الفلسطينية، وكان مستشاراً للوفد الفلسطيني في مفاوضات السلام العربية – الإسرائيلية في مدريد وواشنطن من أكتوبر 1991 حتى يونيو 1993. ألف الخالدي العديد من الكتب من بينها: زرع بذور الأزمة: الهيمنة الأمريكية والحرب الباردة في الشرق الأوسط (2009)، والقفص الحديدي: قصة النضال الفلسطيني من أجل الدول (2006)، كما شارك في تحرير: فلسطين واالخليج (1982)، وأصول القومية العربية (1991).

 

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.