جيمس أونلي في محاضرة عن الممثلين المحليين لبريطانيا في منطقة الخليج

جيمس أونلي في محاضرة عن الممثلين المحليين لبريطانيا في منطقة الخليج

ألقى جيمس أونلي، زميل مركز الدراسات الدولية والإقليمية للعام الدراسي 2008 – 2009 ومدير برنامج دراسات الخليج في جامعة إكستر، محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية لشهر مايو بعنوان “عملاء الإمبراطورية: الممثلون المحليون لبريطانيا في منطقة الخليج، من 1750 – 1950″، وذلك بتاريخ 4 مايو، 2009. بدأ أونلي حديثه بإيضاح أن المحاضرة كانت جزءاً من دراسة أكبر قام بإجرائها في إطار العمل على كتاب قام بتأليفه بعنوان الحدود العربية في الحكم البريطاني: التجار والحكام والبريطانيون في منطقة الخليج في القرن التاسع عشر، الذي نشرته مطبعة جامعة أكسفورد عام 2007. استند الكتاب إلى العمل الميداني لمدة سنة في البحرين، حيث قام باستخدام السجلات العائلية للتجار المحليين بشكل موسع. كما استند عمله بشكل كبير على السجلات التاريخية الموجودة في المكتبة البريطانية في لندن.

على الرغم من استناده إلى حالة البحرين، فقد كان لكتاب أونلي انعكاسات على منطقة الخليج بشكل عام. وأشار إلى أن الخليج كان يقع “على حدود الإمبراطورية البريطانية في الهند حتى عام 1947.” وأوضح كيف شكلت مشيخات الخليج جزءاً من الإمبراطورية البريطانية في الهند، المؤلفة من المستعمرات (مقاطعات الهند البريطانية) والمحميات والدول المحمية (مشيخات الخليج، وإمارات الهند وأفغانستان ونيبال وبوتان ومحمية عدن ومحمية الصومال البريطانية). تمت إدارة المحميات والدول المحمية في الإمبراطورية الهندية مثل مشيخات الخليج، والشؤون الخارجية والدفاع الخاصة بهم من قبل شركة الهند الشرقية، ولاحقاً من قبل الحكومة البريطانية في الهند حتى استقلال الهند عام 1947.

أوضح أونلي أن “الهند البريطانية حكمت المحميات والدول المحمية من خلال تجميعها في مناطق دبلوماسية عرفت باسم ’إقامات سياسية’، يشرف على كل منها ’مقيم سياسي’، وهو الوصف الذي أطلقته شركة الهند الشرقية وحكومة الهند على كبار ممثليها السياسيين (سفراء أو قناصل عامين)، وكان عمل المقيم السياسي يقتصر على إدارة علاقات بريطانيا بهذه الدول”. أشار أونلي إلى أن “كل إقامة كان لديها شبكة من الوكالات السياسية التابعة لها، يديرها وكلاء سياسيون في المحميات أو الدول المحمية الرئيسية ضمن الإقامة. ولفت أونلي إلى أن “الوكيل البريطاني المحلي كان بمثابة وزير الدفاع ووزير الخارجية الفعلي لهذه المحميات والدول المحمية، على الرغم من وجود رؤساء دول فيها هم: الأمراء الهنود (المهراجا)، والأنظمة، والشيوخ، والأمراء، والسلاطين، وهلم جراً”.

تركز دراسة أونلي على الإقامة السياسية للهند البريطانية في الخليج ما بين (1822-1947) خلال القرن التاسع عشر. وأوضح كيف تفسر معظم الروايات التاريخية “لإقامة الخليج” تورط بريطانيا في الخليج في القرن التاسع عشر من حيث التفاعلات بين بعض الضباط السياسيين البريطانيين والحكام المحليين، وعدد صغير من الزوارق الحربية في سرب الخليج البريطاني. ما تزال التفسيرات العمودية وأحادية الجانب تهيمن على الكثير من أشكال التفكير حول أعمال الإمبريالية على أرض الواقع. يعتبر كتاب أونلي أول سرد تاريخي لدراسة البنية التحتية لإقامة الخليج التي مكنت المقيم في الخليج، مع عدد قليل جداً من الموارد، من الحفاظ على باكس بريتانيكا في مياه الخليج؛ لحماية المصالح البريطانية في جميع أنحاء المنطقة؛ وإدارة العلاقات السياسية مع العشرات من القادة والرؤساء والحكام في شبه الجزيرة العربية وبلاد فارس كما فعل.

أوضح أونلي أن “سر فاعلية إقامة الخليج كان الاستراتيجية التي اتبعها المقيم للعمل داخل الأنظمة السياسية الأصلية في الخليج. فقد عمد الحكام العرب الذين كانوا بحاجة للحماية، إلى التعاون مع المقيم للحفاظ على باكس بريتانيكا، في حين قدم أصحاب النفوذ من العائلات التجارية الثرية من الهنود والعرب والفرس خدماتهم “كعملاء محليين” (كومبارادورس) للمقيم في أكثر من نصف المناصب السياسية في إقامة الخليج. وتمثلت النتيجة بمثلث سلطة تعاوني بين المقيم وعملائه المحليين والقادة ما حقق استدامة الإمبراطورية الرسمية لبريطانيا في الخليج “.

يروي كتاب أونلي قصة العملاء المحليين لبريطانيا في الخليج. حيث لم يتمتع هؤلاء العملاء المعينون محلياً بمجرد معرفة واسعة في الثقافات المحلية واللغات والسياسة التي لا يمكن لأي شخص معين من خارج منطقة الخليج امتلاكها وحسب، بل تمكنوا أيضاً من الحصول (عبر شبكاتهم العائلية والاجتماعية والتجارية) على الاستخبارات التي احتاجهات البريطانيون لتفعيل إمبراطوريتهم الرسمية في منطقة الخليج. وبوصفهم تجاراً أثرياء، تمتع هؤلاء العملاء أيضاً بتأثير كبير على الحكام المحليين. مكن تواصل العملاء وتأثيرهم المقيم في الخليج من الإفادة من الأنظمة السياسية المحلية إلى حد كان من المستحيل تحقيقه خلافاً لذلك، في حين مكن التواصل البريطاني في نفس الوقت العملاء من زيادة ثرواتهم ونفوذهم السياسي.

أوضح أونلي كيف أن العملاء المحليين اليوم يعرفون باسم القناصل الفخريين. فقد لعبوا منذ مئات السنين دوراً هاماً كوسطاء محليين في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، ومع ذلك بالكاد يذكرون في تاريخ التدخل الغربي في هذه المناطق. مثل العملاء المحليون شركة الهند الشرقية في المحاكم في المئات من الدول أجنبية في جنوب آسيا حتى أوائل القرن التاسع عشر، عندما بدأت الشركة باستبدالهم بضباط سياسيين بريطانيين. ومع ذلك، فقد استمر العملاء المحليون بتمثيل الشركة ولاحقاً بتمثيل حكومة الهند على طول الحدود البعيدة لإمبراطورية الهند البريطانية (حيث كانت الحياة شاقة للغاية بالنسبة للضباط السياسيين البريطانيين)، وكذلك في بعض الولايات الهندية الأقل أهمية. أما في الخليج، فعادة ما كان يتم تعيين العملاء المحليين من الهنود وذلك حتى أوائل القرن التاسع عشر ومن العرب والفرس في الفترة التي تلت ذلك؛ وفي الهند، كانوا من الهنود عموماً ومن الفرس في بعض الأحيان.

أشرفت إقامة الخليج على ما يقارب عشرة وكالات وقنصليات سياسية في الجزيرة العربية وبلاد فارس في القرن التاسع عشر، تم تشغيل معظمها من قبل العملاء المحليين. على الرغم من اهتمامه بموضوع الإقامة ككل، يركز كتاب أونلي على وكالة سياسية واحدة على وجه الخصوص وهي: وكالة بريطانيا المحلية في البحرين (1816-1900) – دراسة حالة ضمن دراسة حالة. قدم أونلي للجمهور أهم العملاء المحليين الذين خدموا في البحرين، أمثال آغا محمد رحيم صفر (عميل محلي في البحرين 1893-1900)، يمكن رؤيته في منتصف الصورة هنا مع موظفي وكالته عام 1898. وأوضح أنه في حين كان هناك تضارب في المصالح بين التجارة والسياسة في كثير من الأحيان، تغاضى البريطانيون عن ذلك وقتاً طويلاً حيث كانت المصالح البريطانية متقدمة، والغاية تبرر الوسيلة.

اختتم أونلي من خلال الشرح كيف قامت الحكومة البريطانية في العقد الأول من القرن العشرين باستبدال هؤلاء العملاء المحليين بالبريطانيين، لا لأن العملاء محليين كانوا غير فاعلين “بل نظراً للتنافس الدولي المتزايد في المنطقة – حيث تزايد اهتمام روسيا وفرنسا وألمانيا في منطقة الخليج”، ما استدعى استبدال العملاء المحليين بضباط بريطانيين شكلوا “دلالة أكثر وضوحاً للتواجد البريطاني في المنطقة”. على الرغم من استبدال العملاء المحليين، فقد واصل نفس الرجال أو على الأقل العائلات التجارية نفسها، ارتباطهم بإقامة الخليج، وعملوا كعملاء مساعدين، أو مونشي (مساعدين سياسيين) في جميع الوكالات السياسية في منطقة الخليج، فضلا عن مقر إقامة الخليج نفسها. قدر أونلي أن حوالي 95٪ من أولئك العملاء المحليين والعمال الذين تم استخدامهم من قبل شركة الهند الشرقية وحكومة الهند في إقامة الخليج، قد تم تعيينهم محلياً مثل آغا محمد رحيم صفر (انظر الصورة أدناه). ولم يكن بمقدور الوكالة أن تعمل بدونهم.

جيمس أونلي هو زميل مركز الدراسات الدولية والإقليمية للعام الدراسي 2008 – 2009 ومدير برنامج دراسات الخليج وأستاذ محاضر في تاريخ الشرق الأوسط في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر، إنجلترا. وهو متخصص في تاريخ دول الخليج العربية ومجتمعاتها وثقافتها، ويحمل دكتوراه في الفلسفة من جامعة أكسفورد، حيث درس في كلية سانت أنتوني.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.