بيرول باشكان في محاضرة حول الاستفتاء التركي في 2010

بيرول باشكان في محاضرة حول الاستفتاء التركي في 2010

قدم بيرول باشكان، الأستاذ المساعد الزائر لعلم السياسة في كلية الشؤون الدولي في جامعة جورجتاون في قطر، حلقة نقاش حول “تركيا عند مفترق طرق: الاستفتاء الأخير وانعكاساته” وذلك بتاريخ 6 أكتوبر 2010 . تركز حديث باشكان حول كيف أن الاستفتاء الذي جرى في 12 سبتمبر 2010  في تركيا قد ترك البلاد عند مفترق طرق من الخيارات حين طرح سؤالاً حول: هل تتحرك تركيا باتجاه ديمقراطية ليبرالية أكثر أم نحو استبداد ديني؟ ويعتبر التصويت “بنعم” أو “بلا” قراراً لتفضيل “الإسلام” أو”العلمانية” في تركيا.

تمحور استفتاء عام 2010 بشكل أساسي حول إجراء تغييرات دستورية في القضاء وكانت النتيجة أن “21 مليون نسمة قالوا نعم و15 مليون نسمة قالوا لا. لذا فقد كانت نتيجة الاستفتاء لصالح التعديلات التي أدخلها حزب التنمية والعدالة” بحسب باسكان.

تعد هذه التغييرات مهمة من الناحية التاريخية. يقول الأستاذ: منذ ثلاثين عاماً بالضبط، “ترك الانقلاب العسكري الذي حدث عام 1980 ندوباً هائلة في الذاكرة التاريخية التركية”. فقد تم إغلاق البرلمان والأحزاب السياسية المختلفة، وتم اعتقال وطرد وتعذيب وقتل القادة السياسيين. وخلال تلك الفترة العنيفة، “دمر الجيش التركي جميع الشبكات الاجتماعية – المجموعات اليسارية والقومية في تركيا – ومهد الطريق دون قصد لإحياء الاتجاه الإسلامي”. نتيجة للانقلاب فإن نصوص دستور 1982، بحسب باشكان، “قد أرست ركائز النظام السياسي المعاصر في تركيا”.

كان للأجندة المتعلقة بإنشاء الدستور، بحسب باشكان، هدفان أساسيان: “عزل المراتب العليا للدولة عن النفوذ السياسي ووضع حدود للعمل والخطاب السياسي”. لتحقيق ذلك، لعبت الحكومة دوراً ثانوياً في التعيينات. وأضاف باشكان: على سبيل المثال، “فيما يتعلق بالتعيينات العسكرية، والترقيات العسكرية، والطرد من العسكرية، كانت الحكومة شريكاً صغيراً للمجلس العسكري الأعلى. بالتالي أمكن للمحكمة الدستورية أن تعمل في ظل حصانة وأغلقت 21 حزباً سياسياً، وهو رقم قياسي في أوروبا.

تتمثل المشكلة مع هذا النوع من هيكلية الحكم أنها تفتقر للشرعية الديمقراطية لذا فإن “القضاء لا يشعر أنه ملزم باتباع ما يريده المجتمع، لكنه يخدم فقط المصلحة العليا للدولة”. وعلى هذا النحو، “تعتبر الدولة التركية في جميع التعيينات رفيعة المستوى في القضاء والجيش مؤسسة ذاتية التنظيم”. بعبارة أخرى، امتلكت واجهة ديمقراطية.

جرى عام 2007 استفتاء لم يجتذب الكثير من تكهنات وسائل الإعلام العالمية. وفي هذا الاستفتاء، صوت الشعب لقيام تركيا بالانتقال من نظام برلماني إلى نظام شبه رئاسي حيث ينتخب الشعب الرئيس. يقول باشكان “أضاف استفتاء عام 2007 قوة كبيرة للشرعية الديمقراطية المتبعة في نظام التعيينات في تركيا وذلك بجعل الرئيس ينتخب شعبياً، ومهد استفتاء 12 سبتمبر 2010 الطريق أمام احتمال ارتقاء قطاع عريض من القضاة وأعضاء النيابة العامة إلى القمة. ما يخفف من صلابة أيديولوجيا القضاء التركي، حيث أصبح باستطاعة الموظفين الداعمين للديمقراطية أن يأملوا في الارتقاء إلى المراتب العليا في حكم البلاد.

اختتم باشكان حديثه بالقول إن هذه الإصلاحات أثارت مرة أخرى السؤال الآتي: “إلى أين تمضي تركيا؟” “فقد حققت تركيا حالياً قفزة هائلة نحو الديمقراطية الليبرالية” وأضاف: “لكن هذا غير كاف، يجب على تركيا اتخاذ تدابير أقوى لتحسين الحريات والحقوق” مثل حرية التعبير وحرية الدين. لسنوات عديدة، كان نظام التعليم القانوني التركي ناجحاً جداً في “تدريب رجال القانون الذين يشعرون بالالتزام بخدمة الدولة والنظام، وليس المجتمع” ولكن “تركيا تحتاج مستقبلاً لتدريب داعمي الديمقراطية ومن يحترمونها من جنرالات وقضاة ومدعين عامين وأساتذة جامعات الدولة” وذلك بغية إتمام عملية الانتقال نحو التحول الكامل إلى الديمقراطية الليبرالية.

حاز باشكان على إجازة في العلاقات الدولية والاقتصاد من جامعة كوك في اسطنبول تركيا عام 1998 ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة نورث ويسترن عام 2006 . ثم قام بالتدريس في جامعة ولاية نيويورك – فريدونيا ما بين عامي 2006-2007 وفي جامعة قطر ما بين عامي 2007-2010 . تتناول أبحاثه الدين، والمؤسسات الدينية، والمجموعات ذات المرجعية الدينية والأدوار التي تلعبها في إنشاء النظام السياسي في الشرق الأوسط والحفاظ عليه وتقويضه وتدميره. وقد انتهى مؤخراً من مخطوطة كتاب كان قد تعاقد عليه مع مطبعة جامعة سيراكوز. ويعكف حالياً على العمل على عدة مشاريع، أحدها مشروع كتاب تحليل دور الدين في بناء الدولة والأمة في الخليج. كما يحاضر باشكان في السياسة المقارنة والدين والسياسية والمنهجية في كلية الشؤون الدولية في قطر.

المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.