باربرا ستواسر تحاضر حول مفاهيم الوقت في الإسلام

باربرا ستواسر تحاضر حول مفاهيم الوقت في الإسلام

تمت دعوة باربرا ستواسر، مدير مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورجتاون، إلى الدوحة لتقديم حلقة نقاش حول “الساعة الشمسية” ومفاهيم الوقت في الإسلام أمام أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة جورجتاون.

بدأت ستواسر المحاضرة بالإشارة إلى أن “الوقت ضروري لبنية الحياة المجتمعية الإسلامية. حيث يتم تنظيم أوقات الشعائر والعبادات بحسب الأحداث السماوية – القمرية والشمسية على حد سواء”. وقد درست ستواسر كيف يتم التحكم بساعات الصلوات الخمس اليومية في الإسلام السني من خلال حركة الشمس وغيابها، وكيف تمت إعادة تكوين هذه الطقوس في العالم المعولم اليوم للحفاظ على الوقت. وأضافت أن التقويم الإسلامي لعب دوراً هاماً في توحيد العالم الإسلامي على امتداد المسافات الجغرافية وعلى مدى عدة قرون.

بغية حساب أوقات الصلاة في عصر ما قبل الحداثة، كان شائعاً استخدام “الساعة الشمسية”. أوضحت ستواسر ذلك بالقول إنها كانت تقنيات فلكية بسيطة استخدمت طول الظل لقياس ساعات النهار. كما كانت جزءاً من المعرفة والممارسة الدينية في جميع مجتمعات ما قبل الحداثة، بما يشمل قدماء المصريين والبابليين والصينيين والإغريق والرومان. وقالت: للأسف، فقد تم حفظ القليل جداً منها في العالم الإسلامي، لكنها وصفت بشكل كبير في الأدب.

شرحت ستواسر الفرق بين مفهوم “الوقت الموسمي” الذي كان يستخدم في الماضي ومفهومنا الحديث عن “الوقت المجرد”. في عالم يقسم فيه اليوم إلى ساعات مجردة، موحدة ومتساوية، “يمنح طقس الصلوات الخمس الإسلامية اليوم نبضاً محدداً لا يزال يشكل علامة حيوية لإدراك الوقت في المجتمعات الإسلامية”، فهذه الصلوات مرتبطة بالتقاليد القديمة للزمن الموسمي وللساعات غير المتساوية. تقول ستواسر: على مر آلاف السنين وبخلاف أولئك الذين يقيمون على خط الاستواء، فقد نظمت طرق المعيشة البشرية في الحياة والعمل بالاعتماد على الوقت الفلكي المحلي الذي يختلف بحسب الساعات الأطول والأقصر للنهار على مدار السنة.

قالت ستواسر، بالبحث في أوقات الصلاة ومشاكل توحيد القياس التي نشأت نتيجة خطوط العرض الجغرافية، التي تختلف أطوالها اعتماداً على موضعها بين خط الاستواء والقطبين. وبما أن “أوقات الصلوات الإسلامية تعتمد على خطوط العرض الأرضية، فإن هذا يتطلب أن تكون أوقات الصلاة محددة من حيث زيادة الظل، وليس بحسب طول الظل الذي يختلف تبعاً لدرجة خط العرض”. أضافت ستواسر: بالتالي فإن طول الظل في مكة والمدينة لن يتوافق مع طول الظل في خطوط عرض أخرى. “وفي الحديث الكلاسيكي يتشابك السرد التاريخي مع المعياري”، لذلك ومع مرور الوقت، تم التفاوض على أوقات الصلوات الخمس ومن ثم تثبيتها.

من خلال عمل مسح لفترات تاريخية مختلفة، قالت ستواسر إنه في العالم الإسلامي، يبدأ اليوم الجديد عند الغسق، تماشياً مع آليات التقويم القمري. ومع اختراع الساعة الميكانيكية في القرن الرابع عشر، أصبح الوقت موحداً بشكل تدريجي عبر الدول. وفي العصر الحديث، وبغية تنسيق الوقت الإقليمي لإنشاء نظام سكك الحديد ونظام التلغراف، كان المطلوب إيجاد الحساب الطولي لتنظيم المناطق الزمنية المختلفة التي تفصل بينها مسافات جغرافية. “ومع التقدم التكنولوجي تم توحيد الكرونوغراف والتقويم الذي حصل في نهاية المطاف على الشرعية العالمية. يتم احتساب أوقات الصلوات الإسلامية  الآن إقليمياً، وغالباً عن  طريق الوسائل الإلكترونية”. تقول ستواسر: علاوة على ذلك، “فقد أوجدت التكنولوجيا مفهوم الزمن الخطي، وهو اختراع غربي حديث نسبياً حل مكان الأوقات المحددة والذاتية ومتعددة المواضع التي كانت سائدة في الماضي ]…[ ينتج الشكل الجديد من الوقت القائم على أساس الساعة شكلاً جديداً من أشكال علم النفس العالمي، حيث يساوي الوقت الدقة والكفاءة والعقلانية الاقتصادية”.

اختتمت ستواسر الحديث قائلة: “أصبح العالم الإسلامي عبر الفتوحات المبكرة وعمليات التوسع وريثاً للعديد من الحضارات الأقدم والتي تمتعت بتقاليد عريقة في مجال معرفة العلوم النظرية والتطبيقية. وأضافت: “تم في وقت مبكر دمج تقاليد العلوم في المنظور الإسلامي للعالم”. نواجد حالياً نقداً أوربياً وغربياً مستنيراً يدعي بأن العقيدة الإسلامية لم تضع الكثير من الثقة في حضارات ما قبل الإسلام، لكن النصوص الإسلامية في عصر ما قبل الحداثة لا تدعم هذه الانتقادات. “في العالم الإسلامي اليوم، يوفر التقويم الغربي نقطة مرجعية عالمية، حتى في المناطق التي يسود فيها التقويم الإسلامي”، إلا أن بعض المناطق في اليمن والمملكة العربية السعودية قد حافظت على النظام القديم وأوجدت نظاماً يحافظ على التوقيتين”.

خلال العقود القليلة الماضية، تركزت بحوث ومنشورات ستواسر حول الإسلام والنوع الاجتماعي، ما جعلها واحدة من الرواد الأوائل في هذا الموضوع في الغرب. ومن منشوراتها: المرأة في القرآن، التقاليد والتفسير، وقد ساهمت وشاركت في تحرير مجلد الشريعة الإسلامية وتحديات الحداثة. عملت ستواسر في جامعة جورجتاون على تطوير وتدريس جميع مقررات سنة التخرج حول تفسير القرآن وقدمت دراسة الإسلام والنوع الاجتماعي في المناهج الدراسية. كما تولت ستواسر منصب الرئيس الأسبق لقسم اللغة العربية (ما يسمى اليوم قسم الدراسات العربية والإسلامية، في كلية جورجتاون).

 

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.