الإمام فيصل يحاضر عن الإسلام المعتدل
قام الإمام فيصل عبد الرؤوف، وهو زعيم إسلامي بارز في الولايات المتحدة ورئيس مبادرة قرطبة، بزيارة قطر خلال رحلة للمنطقة برعاية وزارة الخارجية الأمريكية. وكان الإمام قد دعي إلى حرم جامعة جورجتاون في قطر يوم 24 أغسطس 2010 ليتحدث عن “الإسلام المعتدل، والمجتمع الإسلامي في أمريكا، وحوار الأديان”. وقام مهران كمرافا، العميد المؤقت لجامعة جورجتاون في قطر بتقديم الإمام بوصفه “باني سلام” ورحب بالجمهور “بروح الحوار والنقاش والخطاب”، وهي دعائم رسالة جامعة جورجتاون في واشنطن العاصمة وفي قطر.
يقول الإمام إن مبادرة قرطبة كانت وسيلة لرأب العلاقات بين الولايات المتحدة والمسلمين. وأشار إلى أن إحدى مهامها الرئيسية هي تفكيك هذين المصطلحين الثنائيين المتعارضين لكشف التعقيدات الموجودة في صلب المشكلة بين “الغرب” و”العالم الإسلامي”. وقال إن “الغرب” هو أكبر بكثير من مجرد موقع جغرافي، بل هو إسقاط سياسي وأيديولوجي كان له تأثيرات حقيقية جداً وطويلة الأمد على العالم. وعلى هذا النحو “فإن رأب الصدع بين الإسلام والغرب يشمل تفريغ مصادر المشكلة، والنظر في الفرص التي يمكن صنعها”. وأضاف الإمام أن هناك سوء فهم يفترض أن العلاقات بين الإسلام والغرب تحتاج لأجيال لإصلاحها، “لكنني مقتنع بأن ما يسمى بالتوتر والاستقطاب بين الغرب الذي هو الولايات المتحدة، أو الغرب بشكل عام والعالم الإسلامي، يمكن حله خلال فترة عشرة أعوام إذا توفرت الإرادة للقيام بذلك والموارد لدعمه”.
يمكن تحليل أسباب الفجوة بطرق مختلفة، ولكن الإمام حدد أربعة مصادر أساسية للمشكلة. أول هذه المصادر متجذر في الصراعات السياسية العالمية مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعلاقات الأمريكية الإيرانية، ووجود القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق. أما الثاني فيتمحور حول التغيير الديموغرافي السريع الذي يحدث في المقام الأول في أوروبا، حيث أن عدد السكان المسلمين يتزايد بسرعة. وقال الإمام فيصل “نظراً لأن عدد السكان الأصليين آخذ في الانخفاض، فثمة إحساس بأن هوية المجتمع تمر ببعض التحولات الدائمة”. ثالثاً، ثمة مشاكل أساسية تنشأ كنتيجة للتفسير والفقه اللاهوتي، حيث يعتقد الغرب أن العلمانية تتعارض بشكل مباشر مع كيفية تشكل المجتمعات السياسية الإسلامية. وأكثر من هذا، ثمة اختلافات أساسية تتعلق بالعلاقات بين الجنسين. هذه القضايا هي تحديات حالية في الولايات المتحدة وأوروبا. رابعاً، قال الإمام إن هناك مغالطات عامة بخصوص “الآخر”. إن “إدراك كل جانب يعتبر قضية أخرى حيث يلعب الإعلام دوراً عميقاً”. حرصاً على العدالة المتصورة، عادة ما يستقطب الإعلام مزيداً من القضايا عن طريق الإصرار على الجانبين المتضادين في كل قضية. ليس هذا فحسب، لكن الإعلام – سواء الأخبار أو وسائل الإعلام الترفيهية – تميل إلى التأكيد على العوامل السلبية التي تولد ردود فعل سلبية مساوية بين الجماهير.
في الختام، ولحل هذه القضايا الخلافية، قال الإمام فيصل بأن القرارات يجب أن تكون في “سياق معين” وأنه ثمة “حاجة ماسة للنظر في بنية السلطة” حيث يحتاج المسلمون الذين يعيشون في الولايات المتحدة إلى رفع مستوى إدراكهم للطريقة التي شيدت بها البلاد. وأضاف: لذلك “من المهم أن نفهم كيف تتخذ القرارات، وأن ننخرط في هذه العملية”.
الإمام فيصل هو رئيس مبادرة قرطبة، وهو مشروع يتصف بالاستقلالية والحياد وتعدد الجنسيات التي تعمل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية لتحسين العلاقات بين الغرب والمسلمين. على هذا النحو، يدير الإمام المشاريع التي تهدف إلى رأب الصراع بين المجتمعات الإسلامية والغربية عن طريق تطوير القيادات الشابة، وتمكين المرأة، وإشراك علماء الشريعة الإسلامية في معالجة الآثار المترتبة على الحكم الإسلامي المعاصر. أسس الإمام في عام 1997 الجمعية الأمريكية للنهضة الإسلامية، التي تعد المنظمة الإسلامية الأولى الملتزمة بالجمع بين المسلمين الأميركيين وغير المسلمين عبر برامج في الأوساط الأكاديمية والسياسية والشؤون العامة والثقافة. وبوصفه إمام مسجد فرح، وهو مسجد يقع على بعد اثني عشر بناء من جراوند زيرو في مدينة نيويورك، يحاول الإمام نشر رسالة التفاهم بين الناس من جميع المذاهب. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإمام فيصل هو أحد أعضاء مجلس أمناء المركز الإسلامي في نيويورك ويعمل مستشارا لمركز حوار الأديان في نيويورك.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.