إلزبيتا جوزدزياك في محاضر عن الاتجار بالأطفال في الولايات المتحدة
تلبية لدعوة مركز الدراسات الدولية والإقليمية، حضرت إلزبيتا م. جوزدزياك وهي باحثة بارزة في قضايا الهجرة في معهد دراسات الهجرة الدولية في جامعة جورجتاون، لزيارة حرم كلية الشؤون الدولية في قطر.
هدفت زيارة جوزدزياك إلى إقامة علاقات تعاون وأبحاث في المستقبل مع أساتذة كلية الشؤون الدولية في قطر العاملين على قضايا الهجرة. أثناء تواجدها في الدوحة، حلت جوزدزياك ضيفة على سلسلة الحوارات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية. يذكر أن جوزدزياك هي مدير الأبحاث في معهد دراسات الهجرة الدولية، ورئيس تحرير الهجرة الدولية، وهي مجلة علمية مرموقة مكرسة للبحث وتحليل سياسات القضايا المعاصرة التي تؤثر على الهجرة الدولية.
عقد الحوار الشهري في 3 مارس 2008، في مكتبة كلية الشؤون الدولية في قطر، كان عنوان محاضرة جوزدزياك “ليسوا ضحايا بعد الآن: التحديات والمعضلات والفرص المتاحة في دراسة الأطفال المتاجر بهم“، وركزت على قضايا تهريب الأطفال وسوء معاملتهم. حددت جوزدزياك النقاط الرئيسية في مشروعها البحثي الشامل الذي يتناول أوضاع الأطفال المتاجر بهم، وتبحث الدراسة الصدمة التي يعاني منها العديد من الأطفال الذين يتم إغراؤهم لإبعادهم عن أسرهم ومنازلهم، غالباً بحجج واهية ووعود بالسفر إلى مناطق وأماكن أفضل، كما تحلل الدراسة التحديات التي تواجه مقدمي الخدمات في مساعدة الأطفال، وتقيم إمكانية إعادة تأهيل ودمج الأطفال في المجتمع. خلال المحاضرة قدمت جوزدزياك النتائج الرئيسية من دراسة ومناقشة التحديات المنهجية والمفاهيمية ذات الصلة بمجال البحوث مع الأطفال المتاجر بهم.
أكدت جوزدزياك على الحاجة إلى بحث علمي معمق بشأن الاتجار بالأطفال وذلك لأن “هناك الكثير من الكتابات العامة حول هذا الموضوع، لكن القليل منها يعطي نتائج كافية تساعد في شرح أو تخفيف حدة الوضع”، ويمكن إيجاد حلول من أجل إعادة التأهيل والوقاية إذا تم إعلام صناع السياسات الحكومية عن هذا الموضوع من خلال الأبحاث المتعمقة والمهتمة فيه. تحدثت جوزدزياك للجمهور عن مصاعب إجراء بحوث حول شؤون حساسة وسرية مثل الاتجار بالأطفال والوصول إليهم، وذكرت أن هذه الدراسة كانت مقررة لمدة سنة أصلاً لكنها طالت لتمتد على فترة عامين، كما واجه الباحثون مجموعة متنوعة من التحديات المتعلقة بتأمين الحصول على الموافقات والأذونات والمنح قبل أن يبدأ المشروع البحثي، وبالتالي فإن ديناميات العمل لأي بحث حول هذا الموضوع تصعب عملية الفهم وتحليل الأوضاع.
نظراً لعدم مشروعية الاتجار بالأطفال، فإنه لا يمكن الاقتراب من الأطفال والتحدث معهم إلا بعد أن يتحرروا من محنتهم، لذلك يدور هذا البحث حول عملية إعادة تأهيل الأطفال. ويعتبر الأطفال في مراكز إعادة التأهيل “ضحايا”، ما يعتبر تحدياً أكبر في المحاولة للحصول على إذن لدراسة هؤلاء الناس “المستضعفين”. تصر جوزدزياك أنه لعلاج الأطفال المتاجر بهم على أنهم أشخاص وليسوا ضحايا يجب ألا يعتبروا عاجزين، بدلاً من ذلك، يجب أن يسمح لهم ويتم تشجيعهم ليكونوا هويتهم الخاصة وكيانهم الخاص بهم.
تعتبر الهوية الذاتية عنصراً هاماً في عملية إعادة التأهيل لكل طفل تم الاتجار به، لاسيما أن حالة كل طفل تختلف عن الآخر. صحيح أن بعض الأطفال قد أهملوا وتمت معاملتهم بأسوأ السبل الممكنة، ولكن هناك العديد من الأطفال الآخرين الذين لا يعتبرون أنفسهم ضحايا بل يشعرون بأنهم ملتزمون بنوع من الوفاء الثقافي والأسري، وهم يحققون ذلك من خلال العمل في سن مبكرة لإعالة أسرهم، ولهذا السبب يعتبر البحث النقدي والواعي في هذا الموضوع أمراً مهماً، فلا يجب اعتبار أن جميع الأطفال المتاجر بهم يعانون من نفس المأزق. كما يجب أن يساهم البحث في التمييز بين احتياجات كل طفل على حدة.
ينبغي أن تركز عملية إعادة التأهيل من وجهة النظر هذه على تمكين الأطفال وتعاملهم على أساس النسبية الثقافية كأفراد بدلاً من الاعتماد على نظام موحد ومتجانس يحاكي المثالية الغربية لمعنى الطفل.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.