إحياء ذكرى محمود درويش

إحياء ذكرى محمود درويش

تكريماً لذكرى الشاعر الفلسطيني محمود درويش، استضاف مركز الدراسات الدولية والإقليمية أمسية أدبية لاستذكار حياته وتراثه. تمت دعوة سعادة السفير الفلسطيني في قطر منير غنام، والأستاذ في جامعة جورجتاون أميرة الزين، للمشاركة بأفكارهم حول جوانب مختلفة من حياة وأعمال الشاعر. سرد السفير غنام سيرة حياة درويش من المهد إلى اللحد، وتناولت الزين، أستاذ اللغة العربية، أدبه متحدثة عن الاستعارات المجازية القوية في شعره. يمثل الشعر موضوعاً ثقافياً جامعاً، حيث استقطبت الأمسية جمهوراً كان مزيجاً مختاراً من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وموظفي السفارة، ومحبي الشعر. استمع الجمهور إلى محطات نادرة في حياة درويش تناوب كل من المتحدثين على سردها بالإضافة إلى طرائف حدثت أثناء لقاء الشاعر والحديث معه، وروى كل من المتحدثين ما كان الشاعر يعنيه له كصديق شخصي.

كمقدمة لكلامه، بدأ السفير غنام برثاء درويش الذي لم يكن شاعراً عظيماً وحسب، بل كان “صوت المقاومة الفلسطينية”. روى السفير للجمهور عدة حوادث في حياة محمود درويش: كيف ولد في أرض كانت تسمى فلسطين ولم يعد لها وجود؛ وكيف طرد هو وعائلته من موطنهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ وكيف ألقي القبض عليه في مناسبات عديدة بسبب كتاباته التحريضية؛ وكيف توجه إلى المنفى في روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، ومصر؛ وكيف عاد وانخرط بنشاط في الحياة السياسية الفلسطينية. وتحدث السفير غنام عن النضالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكيف لعبت الحقائق ومشاق الحياة التي واجهها  درويش دوراً بارزاً في عمله، حين قام بترجمة تجربته الشخصية عبر الشعر.

قدم السفير غنام قراءة باللغتين لأبيات من قصيدة درويش الشهيرة “بطاقة هوية”، التي يعتقد أنها عرفت الهوية الفلسطينية من خلال اللغة، وأصبحت رمزاً للمقاومة الفلسطينية. على مر السنين، اكتسب درويش لقب الصوت الرائد للاحتجاجات وأصبح يعرف باسم شاعر فلسطين الوطني. حتى أنه قدم كلامه للقضية الفلسطينية من خلال الخطاب الشهير الذي ألقاه ياسر عرفات في الأمم المتحدة، وعبر صياغة إعلان الاستقلال الفلسطيني. اختتم السفير غنام بالقول إن أعمال درويش قد ترجمت إلى لغات عديدة، وقد تعدت قصائده عدة مجالات فنية أخرى ولحنت من قبل مارسيل خليفة، لتصبح أكثر جماهيرية.

ركزت أميرة الزين، الأستاذ في جامعة جورجتاون على الطبيعة المجازية في أعمال درويش. ففي معظم قصائده أقر درويش باستخدام سكان أمريكا الأصليين لـ “الاسم” واستعارة الوطن لمنح الهوية والحياة، لوطن لم يعد موجوداً منذ فترة طويلة. تقول الزين إن كل شيء موجود في اللغة، لذا، وللحفاظ على فكرة الوطن حيّة في اللغة، كان ذلك يعني الحفاظ أيضاً على فكرة العودة إلى ذلك الوطن حيّة. اقتبست الزين من درويش قوله “لأنني لم أجد وطني في الأرض، وجدته في التاريخ”.

تقول الزين إن اللغة لا تعكس حقيقة العالم، لكن درويش قد أنشأ فلسطين من خلال الشعر لذلك فقد كان هذا هو السبب وراء استخدامه للغة كأداة اجتماعية وسياسية قوية. لم يقم تأسيس إسرائيل للاستيلاء على الأرض فقط، فالأهم من ذلك هو تاريخ الشعب الفلسطيني وثقافته وهويته. تتشابك كل عناصر الصراع الوجودي هذه من خلال الأدوات الشعرية في أعمال درويش. اختتمت الزين حديثها بإخبار الجمهور أنها بصدد ترجمة كتاب عن مقابلات مع درويش، وهو الكتاب الذي كانت تأمل بمشاركته إياه.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.