إبراهيم عويس على الكساد العالمي والاقتصادات الخليجية

إبراهيم عويس على الكساد العالمي والاقتصادات الخليجية

قدم إبراهيم محمد عويس، أستاذ الاقتصاد في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر، محاضرة في سلسلة الحوارات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية في فبراير حول: “الكساد العالمي الاقتصادي الحالي: الأسباب والآثار مع الإشارة لاقتصادات الخليج”.

بدأ عويس حديثه بالإشارة إلى أنه يستخدم مصطلح “الكساد” للدلالة على الأزمة الاقتصادية الحالية، بدلاً من استخدام المصطلح الأكثر شيوعا “الركود”، ذلك لأنه يرى أن الانهيار الذي ستولده البطالة سوف يكون أحد أهم المعالم المدمرة خلال السنوات القادمة. طرح عويس أمثلة مختلفة للتدليل على الآثار السلبية لرفع القيود وأكد أنه لا يوجد بلد في مأمن من الآثار العالمية للكساد.

يقول عويس: “ثمة أسباب كثيرة للأزمة المالية”، “أحدها هو الحرب في العراق” التي استنزفت بشكل مستمر الموارد المالية وكلفت دافعي الضرائب الأمريكيين الكثير. ثم قام عويس بعرض بعض الأرقام الحديثة، قائلاً إنه وفقاً لحساباته “تبلغ الكلفة في الدقيقة: 371,000 دولار”. لقد خلقت الحرب مقداراً غريباً من الديون والعجز في ميزانية الاقتصاد الأمريكي. وقد نتجت هذه الأزمة عن “السياسة المالية غير الحكيمة في عهد إدارة بوش. ففي زمن الحروب، عادة تزيد البلاد الضرائب، ولا تنقصها. ورث جورج دبليو بوش فائضاً في الميزانية “ومع ذلك، فإن التخفيضات الضريبية التي جرت ومع تصاعد الحرب” أدى كل ذلك إلى “إحداث تأثير سلبي مزدوج على ميزانية الولايات المتحدة وعلى الدين الوطني”.

 

انظر العرض التقديمي من المحاضرة أدناه:

الكساد العالمي واقتصادات الخليج من كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر

أشار عويس إلى سبب واضح آخر من أسباب الأزمة المالية، وهو عدم وجود تنظيم حكومي بخصوص الملكية الخاصة وشؤون الشركات، ما أدى إلى إحداث تأثير مدمر وسمح بالأفعال الشائنة، يقول عويس: “اعتاد الأمريكيون على الشراء بمال لا يملكونه”، وسوف يجدون أنفسهم في مواجهة مشكلة دائمة عندما يجهدون أنفسهم دون أن يتمكنوا من تسديد الديون. وقد حذر عويس من أن “الصدع في الاقتصاد الأمريكي واسع جداً وعميق جداً بحيث لا يمكن رأبه بأي مبلغ من المال، سواء تمت الموافقة على ذلك في ظل إدارة بوش أو في ظل إدارة أوباما حالياً”.

بالإشارة إلى اقتصادات دول الخليج، صرح عويس إنه لا يوجد اقتصاد في مأمن من الأزمة الاقتصادية العالمية وأن دول الخليج “تأثرت بدرجات متفاوتة”. وفقاً لنظرية عويس بخصوص منحنى الطلب “فإن البترودولار آخذ في الانخفاض نظراً لتباطؤ إنتاج العالم الصناعي” بالتالي سوف نلحظ انخفاض الطلب على النفط وانخفاض أسعار النفط أيضاً. وأضاف إن الآثار في دول مجلس التعاون كانت نفسية أيضاً فالمستثمرون العرب قد اعتادوا على متابعة أسواق الأسهم العالمية، لذلك سوف يشعرون بالإحباط دون شك عند عرض التوقعات السلبية. وتابع قائلاً: “لا بد وأن يحدث تخفيض في سوق العمل في دول مجلس التعاون”. كما تم تأجيل مجموعة متنوعة من المشاريع العقارية أو إلغاؤها في دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، بكلفة بلغت حوالي 260 مليار دولار، وخسائر في صناديق الثروة السيادية في المنطقة قد تصل إلى ما يقارب 450 مليار دولار. أوضح عويس “إن هذا يساوي جميع عائدات البترودولار لعام 2008. وأن هذه الخسائر لا تزال على الورق فقط، لكنها ممكنة الحدوث في حال تمت تصفية الأصول المستثمرة”. على الرغم من ذلك، فإن قطر، بسبب سنوات من النفقات والاستثمارات الهائلة في الغاز الطبيعي وغير ذلك من المشاريع الهامة، سوف تحافظ على معدل معقول من النمو في عام 2009 ليشكل ذلك عوناً لاقتصادها.

وكان عويس قد طرح سؤالاً في بداية المحاضرة: “هل هذه هي نهاية الرأسمالية؟”، وبخلاف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي رأى أن الإجابة هي نعم، فعويس يرى أن الجواب هو: بالتأكيد لا. فإن أردنا تعريف الرأسمالية، سنجد أنها وفقاً لفلسفتها الأساسية “نظام اقتصادي يسمح للمواطنين بامتلاك رأس مال والإفادة منه”، لذلك فسوف نشهد دوماً أشكالاً متعددة للرأسمالية. وأضاف: ثمة درجات لونية كثيرة بين “الفردية الجامحة” و”الرأسمالية المنظمة”، ما يحتاج إلى تعريف وتطبيق بشكل صحيح.

على الجانب الإيجابي، خلص عويس إلى أن هناك العديد من حالات الكساد في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، وأن الناس قد تمكنوا دوماً، وعلى مر الأزمان، من تخليص أنفسهم من أوضاع أليمة عبر الإشراف على وضع برامج ثابتة لأنظمة سليمة. لذلك، فقد اختتم عويس حديثه بالأمل أن براعة الإنسان لن تنضب، خلافاً لجميع الموارد الأخرى.

التحق عويس بهيئة التدريس في قسم الاقتصاد في جامعة جورجتاون عام 1967 بعد أن عمل في هيئة التدريس في جامعة مينيسوتا وكلية غرب ميريلاند. كما كان أستاذاً زائراً للاقتصاد في جامعة هارفارد، وعمل في مجال التدريس في جامعة جونز هوبكنز.

بوصفه مستشاراً اقتصادياً دولياً، عمل عويس لصالح عدة حكومات وشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة والخارج. وكان الدكتور عويس أحد الأعضاء المؤسسين لمركز جامعة جورجتاون للدراسات العربية المعاصرة وكذلك كلية التجارة والاقتصاد في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان. ألف الدكتور عويس أكثر من خمسين منشوراً علمياً بما فيها، الحضارة العربية، والاقتصاد السياسي لمصر المعاصرة.

 

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.