أحمد سعدي في محاضرة عن إدارة السكان والرقابة السياسية

أحمد سعدي في محاضرة عن إدارة السكان والرقابة السياسية

قدم أحمد ه. سعدي الأستاذ في قسم السياسة والحكومات في جامعة بن جوريون في النقب بتاريخ 21 فبراير 2012 الحوار الشهري لمركز الدراسات الدولية والإقليمية حول موضوع “إدارة السكان والرقابة السياسية: سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين خلال أول عقدين بين 1948 – 1968”. استندت محاضرة سعدي إلى نتائج عمليات تقصي في الوثائق الإسرائيلية التاريخية والأرشيفية المتعلقة بإدارة السكان الفلسطينيين.

تدعي السلطات والأكاديميون الإسرائيليون أن إسرائيل لم تجر أي شكل من أشكال الرقابة المنتظمة بحق السكان الفلسطينيين. مع ذلك، فإن الوثائق التي عمد سعدي إلى تحليلها تفضح كذب هذا الإدعاء وتقدم وصفاً تفصيلياً للتدابير المتطرفة المتخذة لتمكين السلطات الإسرائيلية من السيطرة والحد من حجم السكان الفلسطينيين خلال السنوات الأولى من قيام الدولة الإسرائيلية. يقول سعدي: “يمكن للوثائق الأرشيفية تسليط الضوء وتوضيح المقدمات السياسية ووجهات النظر الدولية والعقائد وما يسميه علماء الاجتماع الخطابات”.

روى سعدي أن إسرائيل تأسست في عام 1948 عبر احتلال 77.8% من فلسطين التاريخية. وفي نوفمبر 1948، أجرت إسرائيل إحصاءًً يهدف إلى إقامة موقف قانوني يحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة في نهاية الحرب. ويوضح سعدي: “دعم هذا الإحصاء الأساس السياسي للنظام الهرمي لحقوق واستحقاقات المواطنة. وتم وضع المستوطنين اليهود الذين وصلوا قبل عام 1948 في قمة الهرم، في حين وضع الفلسطينيون “الحاضرون الغائبون” في أسفل الهرم”.

ناقش سعدي أن سياسات الدولة الإسرائيلية ركزت على ثلاث قضايا من شأنها أن تشكل أساس الاستراتيجية المستقبلية للدولة بشأن مراقبة السكان والسيطرة عليهم والاستراتيجيات الخاصة بتقليص حجم السكان الفلسطينيين، وإعادة ترتيب التوزيع المكاني، وإخضاعه لنظام محكم للسيطرة والرقابة. فإلى جانب عمليات الترحيل والعزل العلنية والقسرية، تضمنت وسائل السيطرة الأخرى “العقبات القانونية والعملية التي لا يمكن تخطيها للحيلولة دون إنشاء هيئة سياسية منظمة للتعبير عن آراء وشواغل الأقلية”، فضلاً عن تشجيع الطلاب العرب للدراسة في الخارج وإنشاء وسائل إعلام ناطقة بالعربية متبنية للأيديولوجية الإسرائيلية.

علاوة على ذلك، ولنكون أكثر دقة، شملت التدابير مقدمات لتنظيم الأسرة ومبادرات لتحرير المرأة – لا سيما من خلال رفع سويتهن التعليمية. فقد توصل صناع السياسة الإسرائيليون إلى استنتاج مفاده أن زيادة تعليم المرأة يؤدي إلى انخفاض خصوبتها.

اختتم سعدي محاضرته بالإشارة إلى ضرورة إجراء تحقيق مستقل في الأرشيف يتناول مزاعم إسرائيل. وناقش أن هذه الوثائق لا تظهر أسلوب التفكير الإسرائيلي في السنوات الأولى لتأسيس الدولة وحسب، بل تظهر أيضاً علاقة الأنظمة الإسرائيلية بالحقائق الراهنة على الأرض. يوضح سعدي: “تحمل هذه التكتيكات بصمات الدبلوماسية الإسرائيلية وتهدف إلى تبرئة الدولة الإسرائيلية من تصرفات وكلائها”. وحذر أنه من الضروري دوماً الإشارة إلى التناقض بين التمثيل والواقع، ولا يجب إغفال أو التقليل من شأن ذلك خاصة وأن إسرائيل قد سعت دوماً لتقدم نفسها في صورة الدولة الديمقراطية والمستنيرة والأخلاقية”.

نال أحمد سعدي درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة مانشستر عام 1991، ثم عمل لمدة عامين في إحدى المنظمات الفلسطينية غير الحكومية. قام سعدي بنشر ما يزيد على 38 مقال بالإنجليزية والعربية والعبرية والألمانية واليابانية، وشارك مؤخراً بتحرير كتاب عن الذكريات الفلسطينية بعنوان: النكبة: فلسطين، 1948 ومطالبات الذاكرة. تشمل مجالات اهتمامه علم الاجتماع السياسي وعلم اجتماع الدول النامية، والحركات الاجتماعية والتعبئة السياسية، وطرق الخطاب والرقابة السياسية التي استخدمتها إسرائيل للسيطرة على المواطنين الفلسطينيين.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.