جون كريست في محاضرة عن اتجاهات الاحتجاج العالمية
قام جون ت. كريست، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر والخبير في الحركات الاجتماعية ودراسات السلام والصراع، بإلقاء محاضرة بعنوان “من غاندي إلى تويتر: اتجاهات الاحتجاج العالمية” أمام مجلس مكتظ بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين وأفراد المركز، وذلك بتاريخ 10 نوفمبر 2009 كجزء من سلسلة الحوارات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية.
ركز كريست على الطبيعة المتغيرة لحركات الاحتجاج الاجتماعي في مواجهة العولمة السريعة. وأشار إلى الابتعاد عن النشاط الموجه في دول معينة نحو حركات واحتجاجات تتجاوز الحدود الوطنية.
أوضح كريست من خلال استخدام مثال الاحتجاجات المناهضة للاستعمار بقيادة المهاتما غاندي في شبه القارة الهندية في أوائل القرن العشرين، الطرق التقليدية للنشاط الاجتماعي التي تستهدف الدولة كسابقة لحركات الاحتجاج العالمية المتزايدة وغير المقيدة بحدود. وخلافاً للتصور الشائع، فإن إصرار غاندي على العصيان المدني السلمي لم يحقق سوى نجاحاً جزئياً، بحسب كريست. ومع ذلك، فإن هذه التكتيكات السلمية كانت لا تقدر بثمن لخلقها دعماً شعبياً واسعاً للمؤتمر الوطني الهندي. كانت المجموعة، بحسب كريست، “الوسيلة الرئيسية التي استخدمها غاندي ورفاقه لنشر أفكارهم وتكتيكاتهم في العمل السلمي”. تم الاعتراف بالمؤتمر الوطني الهندي كحكومة معارضة بحكم الأمر الواقع في الهند المستعمرة، وقد امتلك نفوذاً كبيراً بسبب قوته كحركة اجتماعية تحرك الملايين ضد الحكم البريطاني في العديد من الدوائر الانتخابية.
أوضح كريست أن إتجاهات الاحتجاج في القرن الواحد والعشرين عكست التأثير الزلزالي للعولمة، حيث تتكاتف المجموعات المهتمة من جميع أنحاء العالم معاً لتنسيق العمل. يقول كريست: “إن الاتجاه الأهم في الحركات الاجتماعية هو الابتعاد عن الدولة كهدف رئيسي لنشاط الاحتجاج، وهذا بالطبع نتيجة لقوة العولمة”.
إن زيادة توفر مصادر التمويل وسهولة السفر وانخفاض كلفة الاتصالات من خلال التقنيات كالإنترنت، والمنتديات العالمية رفيعة المستوى مثل الأمم المتحدة، قد مكنت المجموعات التي تتبنى قضايا معينة من نقل احتجاجاتها إلى الساحة الدولية.
أشار كريست إلى أن عدداً غير مسبوق من التحالفات العالمية التي تعمل لنشر مبادراتها المنسقة ورسالاتها في عدة دول هي قيد التشكيل الآن. ولعل أحد أبرز الأمثلة على شكل الاحتجاج الجديد هو الحملة 350، وهي مبادرة بيئية تطلق على نفسها اسم “الحملة الشعبية العالمية لوقف أزمة المناخ”. وبحسب كريست، فقد عقدت المجموعة في 24 أكتوبر 2009 مجموعة فعاليات متزامنة في 181 بلداً في جميع أنحاء العالم، بما فيها قطر، للدفاع عن قضية تغير المناخ. تسعى الحملة لتقديم الدعم لحلفائها البيئيين في الحكومات والمنظمات في جميع أنحاء العالم للضغط بغية تغيير السياسات. تأمل حركات الاحتجاج العالمية مثل الحملة 350 بأن تحصل جهودهم الدولية المنسقة على اهتمام القادة في العديد من الدول في الوقت الذي تشجع فيه المجموعات المحلية على الاستمرار في نشاطاتها.
تطرق كريست أيضاً إلى التأثير الذي امتلكته التقنيات الجديدة مثل الرسائل النصية القصيرة وتويتر على النشاط الشعبي. وأشار إلى الدور الذي لعبه تويتر والرسائل النصية في تنسيق الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الإيرانية في يونيو 2009. حيث كان الإيرانيون قادرين من خلال “التغريدات” على إرسال التحديثات اللحظية حول الأحداث التي تتكشف للمساعدة في دعم نضالهم، بالإضافة للتواصل مع وسائل الإعلام العالمية التي تم منعها من قبل الحكومة الإيرانية. كانت قوة تويتر في التأثير على تصرفات المحتجين على الأرض وكذلك الهيكل السياسي الدولي ملفتة للنظر، ويؤكد كريست أن تويتر “قد أصبح بين عشية وضحاها، أداة تغيير اجتماعية درامية، ونقطة خلاف في العلاقات الأمريكية الإيرانية”.
أشار كريست في نهاية المحاضرة إلى أنه لم يكتب النجاح لكل الاحتجاجات الشعبية التي تم تسهيل عملها عبر هذه التقنيات الحديثة. فقد تحولت الاحتجاجات السياسية الأخيرة في مولدوفا والتي تم تنظيمها من خلال موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى حركة عنف. يقول كريست، في حال غياب قيادة قوية مع رسالة أو استراتيجية واضحة، فمن الممكن بسهولة أن تؤدي الاحتجاجات الشعبية التي تقوم تقنيات الاتصال بتسهيلها إلى نتائج عكسية أو حتى مدمرة.
الدكتور كريست هو العميد المساعد للشؤون الأكاديمية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر. نال شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية التخصصية من برنامج تحليل وتسوية النزاعات في كلية ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة في جامعة سيراكوز.
درس د. كريست موضوعات علم الاجتماع ودراسات السلام وحل النزاعات وطرق البحث، لطلاب الماجستير في برنامج حل النزاعات في الحرم الجامعي الرئيسي لجامعة جورجتاون، وكلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز، وكلية ماكسويل في جامعة سيراكوز، وبرنامج دراسات السلام في جامعة كولجيت، وقسم علم الاجتماع في الجامعة الكاثوليكية الأمريكية. كما نشر الأستاذ كريست العديد من المقالات الصحفية ومراجعات الكتب عن الحركات الاجتماعية والعمل اللاعنفي والشرطة أثناء المظاهرات. وقام بتحرير عدد خاص من مجلة الإثنوغرافيا المعاصرة عن العمل الميداني الإثنوغرافي في مناطق الحروب وحالات ما بعد الصراع. بوصفه زميلاً لمؤسسة ألبرت أينشتاين، أجرى كريست أبحاثاً موسعة في محفوظات إنجلترا والهند على سياسات التعبئة غير العنيفة خلال نضال غاندي ضد الاستعمار في الهند.
المقال بقلم: كلير مالون، مسؤولة شؤون الطلاب في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر.