الشيخة عائشة بنت فالح آل ثاني في محاضرة عن التقطير ونسب التوظيف القائمة على الجنس
ألقت الشيخة عائشة بنت فالح آل ثاني محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية حول “النساء في قطر: نسب التوظيف والمؤهلات والتقطير” وذلك بتاريخ 4 ديسيمبر 2012. الشيخة آل ثاني هي مؤسسة ورئيسة مجموعة الفالح، وهي منظمة تقدم منتجات وخدمات تعليمية، كما عملت الشيخة كعضو مجلس إدارة المجلس الأعلى للتعليم، ومؤسسة أيادي الخير نحو آسيا، ومعهد وجامعة الزيتونة.
بدأت الشيخة آل ثاني محاضرتها بالإشارة إلى أنه “على الرغم من الخطوات الكبيرة التي خطوناها في التعليم والعمل، لا نزال نعاني من هوة كبيرة بين الجنسين نظراً لموقف قطر من النساء”. وقالت الشيخة أنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل لجسر هذه الهوة بين الجنسين في سوق العمل، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بإدماج المرأة القطرية في فرص متكافأة للقوى العاملة في قطر.
يعد التعليم أحد الركائز الأساسية التي أكد عليها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الرؤية الوطنية لقطر 2030، وهو أحد أهم عوامل تغيير دور المرأة. تقول الشيخة: “لقد أصبحت قطر دولة رائدة في المنطقة في مجال التعليم” وقد استثمرت بقوة في إصلاح نظام K-12 التعليمي بقيادة المجلس الأعلى للتعليم. علاوة على ذلك، تمت دعوة بعض أعرق الجامعات والمؤسسات التعليمية في العالم إلى قطر لنقل التعليم النوعي والمعرفة والمهارات. من خلال هذه المؤسسات التعليمية، ومن خلال التأكيد على عملية إصلاح السياسات التعليمية، بدأت النساء القطريات مسيرة النهوض العملي وأخذن بالمساهمة بشكل متساو في النمو المستدام لاقتصاد البلاد القائم على المعرفة. تقول الشيخة: “ثمة ارتباط إيجابي قوي بين فرص العمل ونوعية التعليم الذي تتلقاه المرأة”، لذا فقد ازدادت المشاركة الفاعلة للمرأة القطرية في الاقتصاد وسوق العمل والمجتمع، وبذلك تقوم المرأة القطرية بتحطيم النماذج القديمة.
مقارنة بدول مجلس التعاون المجاورة، سجل في قطر أعلى نسبة من النساء المحليات العاملات في سوق العمل الوطني. على الرغم من هذه الإحصائية الإيجابية، فقد سجل في قطر أقل نسبة لنساء في مناصب قيادية عليا في المنطقة، وبفارق كبير عن متوسط هذا الشأن في أوروبا. “فقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن 7% فقط من الأشخاص الذين يشغلون مناصب إدارية عليا هم نساء”، وتعتبر هذه النسبة الأقل في المنطقة. ما يعني “أن تمثيل النساء ما يزال غير كاف في مواقع صنع القرار في العديد من المجالات” وترى آل ثاني أن هذا الأمر آخذ في التغير بشكل تدريجي في قطر حيث يقوم المزيد من النساء المتعلمات بتغيير وجه سوق العمل بشكل متواصل.
على الرغم من أن التعليم يعد أداة مهمة لتمكين المرأة في المجتمع، إلا أنه لا يمثل إلا مجالاً واحداً من المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد طبقت قطر نظام نسب التوظيف بين الجنسين بشكل إيجابي في الوظائف الوطنية، إلا أن الشيخة ترى أن خطر تطبيق هذه النسب بشكل غير صحيح لا يزال وارداً. ولا يزال هناك الكثير مما يجب عمله لمعالجة تطبيق سياسات “التقطير” ونسب التوظيف بين الجنسين بغية إشراك المرأة في سوق العمل، وأكدت الشيخة “أن هذا الضعف في المشاركة أدى إلى عرقلة تقدم المنطقة عن تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي، لذا فقد سعت بعض الحكومات لتطبيق الحلول الممكنة لضمان مواجهة هذه النسب غير الواقعية”، وأضافت “ليس من المستغرب أن العديد من المدراء في القطاعين العام والخاص يترددون في توظيف المواطنين والاحتفاظ بهم، وخاصة النساء، إذ يشعرون بأنهن يفتقدن للمهارات المطلوبة للقيام بالعمل”.
لذلك يجب العمل بسياسية التقطير ونسب التوظيف بين الجنسين بطريقة دقيقة وبناءة ليتسنى لجميع أصحاب المصلحة تحقيق الإفادة من مشاركة المرأة في سوق العمل. وضربت الشيخة شركة قطر للبترول مثالاً حيث تعاملت مع سياسة التقطير بطريقة استراتيجية ومنهجية. تقول الشيخة: “اعتمدت الشركة عملية جذب المواهب المؤهلة من جميع المصادر الممكنة، ما يشمل توظيف الخريجين الجدد من الكليات النسوية والمعاهد النسوية المهنية ليلتحقوا بالعمل بوظائف أصغرى”.
تلعب برامج التوظيف هذه والشراكات بين القطاعين العام والخاص دور حلقة وصل مباشرة بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل وهي أمر في غاية الأهمية لمستقبل قطر. وأكدت الشيخة على الأهمية البالغة للعلاقة بين التعليم وسوق العمل، لأن أحدها يخفف العبء عن الآخر، فالخريجون الحاصلون على التعليم العالي لن يحتاجوا إلا للقليل من التدريب من أرباب عملهم ما يؤدي لعلاقة مريحة وتكافلية بين الطرفين.
في الختام، قدمت الشيخة بعض التوصيات لتطبيق سياسات التقطير بفاعلية ولتصحيح انعدام التوازن بين الجنسين في سوق العمل القطرية. تقول الشيخة: “لن يكون إدخال نظام نسب النساء في التوظيف سهلاً، وثمة خطر بأن يكون التحرك أسرع من اللازم، حتى بالنسبة للشركات الأكثر حماساً تجاه تطبيق سياسة التقطير”. علاوة على ما سبق، يتوجب على قطر البدء بتنفيذ سياسة التعليم التي تأخذ بعين الاعتبار المهارات العملية مثل برامج التطوير المهني وبرامج ريادة الأعمال لمساعدة المرأة لتصبح مبتكرة ورائدة في عملها. لا شك أن نقل المعرفة واكتساب المهارات الوظيفية هي عملية طويلة وشاقة وتحتاج إلى االكثير من الوقت لتصل إلى الشكل المطلوب. لا يخفى على أحد أن عملية إصلاح التعليم قد بدأت منذ وقت قريب إلى حد ما ولم يمض وقت كاف لنتمكن من تقييم نجاح هذه الحملات. وأوضحت الشيخة “لتكون عملية الإصلاح أكثر فاعلية، يجب أن يصبح تقييم السياسات مكوناً أساسياً في عملية الرصد بحيث يصبح من الممكن مراجعة وتحسين المبادرات بناء على النتائج التي تم قياسها”.
على الرغم من أن المرأة في قطر تلعب دوراً كبيراً في المجتمع والتنمية الاجتماعية، لا يزال موضوع رفع مستوى الوعي حيال فرص المساهمة في اقتصاد البلاد أمراً هاماً. وتعد الشيخة موزا بنت ناصر وابنتها الشيخة المياسة مثالين يحتذيان في قطر والمنطقة والعالم.
الشيخة عائشة بنت فالح آل ثاني هي مؤسسة ورئيسة مجموعة الفالح، التي تعتبر علامة فارقة في قطر من حيث تقديم المنتجات والخدمات التعليمية بأعلى مستويات الجودة. تضم المجموعة ثلاث مدارس بما فيها أكاديمية الدوحة. تخرجت الشيخة من جامعة قطر بدرجة بكالوريوس في التربية وبكالوريوس في الأدب الإنكليزي، ومن ثم تابعت مسيرتها العلمية وحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هال في المملكة المتحدة، ودكتوراه في حوكمة الشركات من كلية كاس لإدارة الأعمال في جامعة سيتي في لندن.
المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.