الربيع العربي بعد 18 شهراً: الأسئلة أكثر من الأجوبة
لا تزال معالم الانتفاضات العربية التي بدأت في ديسمبر عام 2010 غير واضحة بعد، ولا تزال نتائجها مميعة، حيث تظهر كل يوم تطورات جديدة وغير متوقعة تتحول إلى قضية تثير فضول المتدينين والعلمانيين على حد سواء. وقد تحدت التحركات العفوية التي قام بها المواطنون ضد الأنظمة الاستبدادية والتي لطالما تمتعت بالاستقرار، في ظل نظم سياسية تمتاز بالجمود لفترة طويلة من الزمن، الأفكار الموجودة سابقاً عن الحكم السياسي في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن القول، إننا لا نشهد في المرحلة الحالية انتقالاً ثورياً للسلطة من الحكام المستبدين إلى الشعب في الدول المنتفضة، ولا تحولاً نحو أنظمة سياسية أكثر انفتاحاً وحرية بسلاسة وسهولة. فلم تتم الإطاحة بجميع الشخصيات الديكتاتورية التي حكمت لعقود من الزمن بشكل نهائي، ولم يتم تحويل الائتلافات الحاكمة المتكيفة والمترسبة منذ فترة طويلة والأجهزة المتنوعة لسلطة الدولة إلى كيانات شاملة وشفافة. ولا نزال ندور في عملية التحول والتغيير، ولن يتضح التأثير الملموس لما يحدث إلا بعد فترة من الزمن.وبينما قد نفتقر إلى وجود علامات واضحة على التغيير الكلي لهياكل السلطة القائمة، فلا شك في أن التدهور المستمر في العلاقات المدنية للدولة قد يتعرض للتقويض من الحكام المستبدين الذين حكموا لفترة طويلة. وفي هذا الوقت ثمة مجال للتفاؤل والتشاؤم، ولا تزال النتائج النهائية غير واضحة وغير متوقعة. ويتم اختبار استعادة النظام المتسلط قوته في بعض الدول بينما استعاد قوته فعلاً في دول أخرى. إننا نشهد علامات هذا بكل وضوح في التدهور المستمر في الأوضاع في سورية والبحرين، وإلى حد ما في النضال الجاري في مصر لترجمة التعبئة الجماهيرية المدنية الناجحة إلى تغييرات ملموسة في معادلات السلطة. وبغض النظر عن مدى النجاح أو الإخفاق في ذلك، يمكننا اعتبار الربيع العربي من حيث سعيه لإحداث تغير اجتماعي سياسي شعبي، والتعبئة الشعبية المستمرة على أقل تقدير علامة على الاستياء الشعبي العميق والمتأصل من النخب الحاكمة، وتعبيراً عن التوق الشعبي العميق لتجربة نوع مختلف من النظام السياسي.تبذل المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث، ومراكز الفكر جهوداً مضنية في محاولة فهم هذه الأحداث التي تتكشف معالمها شيئاً فشيئاً. وهناك اتفاق واسع على أنه في حين يصعب إجراء تحليل فعال للأوضاع التي تشهد تطوراً متسارعاً، فإن من الضروري والمفيد محاولة توفير رؤية عميقة لما يجري. وقد تكون إعادة التنظيم الجذري للأطر النظرية لتتناسب مع المرحلة التي لا تزال بحاجة إلى تحديد أكثر غير مجدية، ولكن إدراك عيوب النماذج الجامدة ودراستها أمر مهم للغاية. ومن الواضح أن ما حدث حتى الآن قد أثر بشكل ملحوظ على طريقة تفكير وحديث العلماء حول منطقة الشرق الأوسط. لقد تحدت الأحداث التي شهدتها الأشهر الثمانية عشر الماضية بالتأكيد قصر النظر الأكاديمي والسياسي فيما يتعلق بالمساومات الاستبدادية المترسخة في منطقة الشرق الأوسط. وأجبرت الانتفاضات علماء السياسة والاقتصاديين والمؤرخين والصحفيين وصناع القرار، والعلماء عبر طيف من العلوم الاجتماعية على دراسة افتراضاتهم السابقة، واستكشاف سبل جديدة لدراسة دول الشرق الأوسط، والمجتمعات العربية، وبناء السلطة السياسية، والطرق التي تحافظ السلطة من خلالها على وجودها أو تهدد بها.ويعتبر مركز الدراسات الدولية والإقليمية من بين تلك المراكز البحثية التي تركز على بعض من هذه الدراسات. فبالإضافة إلى مشروعه البحثي الخاص والمتعدد التخصصات حول تطور المساومات الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط، والذي يضم مجموعة من الباحثين لإجراء تقييم نقدي للأبعاد المختلفة للربيع العربي، بذل مركز الدراسات الدولية والإقليمية جهوداً تعاونية مع هيئات إقليمية ودولية أخرى تمتلك جدول أعمال بحثي مماثل. فقد شارك المركز مؤخراً في ندوة حول الانتفاضات العربية استضافها معهد عصام فارس في الجامعة الأمريكية في بيروت. ويساهم مركز الدراسات الدولية والإقليمية من خلال هذه المشاركات في مناقشات علمية تسعى لتفسير كل من أسباب الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي وعواقبها، والمساهمة في توفير رؤية واضحة حول بعض المجالات الموضوعية الناشئة التي تتطلب استكشافاً أكاديمياً مركزاً.ولم يظهر توافق في الآراء بعد بشأن العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الثورات، حيث تميل أقسام التخصصات إلى التأكيد على أهمية بعض الأسباب التي ساهمت في ذلك أكثر من غيرها. وتمثل أهمية الضغوط الداخلية مقابل الضغوط الدولية، أو ديناميات الإصلاح الداخلي مقابل العولمة أو مدى تضافر كل منهما أحد عناصر النقاش. وتجسد أهمية العوامل المتعلقة بالاقتصاد السياسي مقابل الديناميات التاريخية الاجتماعية بنداً آخر من التحليل. وينعدم التوافق حول النتائج المحتملة في المستقبل، فبينما لا تزال العديد من السيناريوهات المستقبلية المحتملة قابلة للنقاش، إلا أنها تبقى محل خلاف. ويعتبر عدم وجود اتفاق بين الباحثين أمراً لا مفر منه نظراً إلى أن الأوضاع لا تزال تتطور وفي حالة تغير مستمر.يتمحور أحد الأسئلة الرئيسية التي يتناولها جدول الأعمال البحثي متعدد التخصصات حول عبارة “هل يمكننا تحديد ما إذا كانت مرحلة ما بعد الربيع العربي أفضل أم أسوأ في منطقة الشرق الأوسط؟” ومرة أخرى، يرى المرء قطبية في وجهات النظر بين أولئك الذين يحاولون معالجة هذه المسألة. ويرى بعض الباحثين أن الائتلافات الاستبدادية الحاكمة والموجودة من قبل لن تتأثر بشكل كبير بهذه التحركات الشعبية على المدى الطويل، ويعزى ذلك إلى مجموعة من الأسباب الهيكلية حيث ستواصل أنظمة الحكم الاستبدادي السيطرة على المشهد السياسي المحلي والإقليمي لبعض الوقت في المستقبل. وقد يتم تغيير الشخصيات، ولكن سيتم الحفاظ على معظم البنى العميقة من الحكم الاستبدادي. ويطرح باحثون آخرون وجهة نظر أكثر تفاؤلاً، تتمثل في أن الحفاظ على المساومات الاستبدادية في منطقة الشرق الأوسط والتي زعزعت الاستقرار بشكل خطير للغاية تعاني من ضعف شديد، ولن تخرج من هذه المرحلة سالمة. وتتعاظم هذه القطبية في وجهات النظر عبر أقسام التخصصات، حيث يقوم المؤرخون وعلماء السياسة والاقتصاد وعلماء الاجتماع بتوظيف أطر عمل تحليلية متميزة من تلقاء أنفسهم، وغالباً ما يتركون مجالاً ضيقاً للحوار متعدد التخصصات. والشيء الوحيد الذي يجمع عليه العلماء والباحثون في منطقة الشرق الأوسط حالياً هو أن الأمور مختلفة بالتأكيد عما كانت عليه في مطلع عام 2010.
وإذا كان التوصل الى إجماع تحليلي بين العلماء غير ممكن في هذه المرحلة، فثمة على الأقل بعض المجالات المشتركة للاتفاق. ويتمثل أحد المواضيع التي يدور حولها النقاش الأكاديمي والسياسي في أنه إذا كان من غير الممكن تصنيف الانتفاضات العربية على أنها تحركات ثورية، إلا أنه يمكننا بالتأكيد اعتبار نتائجها، حتى في هذه المرحلة المبكرة، ثورية. فقد ساهمت التعبئة الجماهيرية والمعارك في المجال العام، والبث عبر القنوات الفضائية الوطنية والدولية، في تحدي سلطة الدولة بطرائق غير مسبوقة. وتعتبر الشعوب في منطقة الشرق الأوسط، حتى في تلك الدول التي لم تشهد تحركات احتجاجية واسعة النطاق أو جهوداً في التعبئة الجماهيرية، بالتأكيد أكثر وعياً من الناحية السياسية مما كان ينظر إليها في الماضي. وتنص الافتراضات الرافضة إلى أن اتصاف شعوب المنطقة بعدم المبالاة السياسية والاستكانة وعدم القدرة على مواجهة الاضطهاد الذي تنتهجه النظم الاستبدادية قد تجردها من أي مصداقية قد تتصف بها في يوم من الأيام. وقد أظهرت أنظمة السلطة التي تم تمحيص شرعيتها واختبار مدى قوتها أنها أكثر ضعفاً مما كان متوقعاً، وأنها تعرضت للتهديد بسبب الاضطرابات السلمية الشاملة. وتؤكد الأنظمة الاستبدادية التي تتمتع بالقدرة على القيام بذلك على قدرتها على الحد من تأثير الحركات السلمية، وتدل الوحشية التي أظهرتها في التعامل مع ما يحدث في بعض الدول على مدى جديتها في مواجهة ذلك التهديد.يركز الموضوع الثاني الذي يتكرر دائماً على آثار العلاقات الهيكلية وكيف ساهمت في صياغة الثورات العربية. إن قدرة الأنظمة الاستبدادية في بعض الدول على الصمود لعدة أشهر متواصلة أمام التعبئة الشعبية ضدها، وعدم وجود أي جهود للتعبئة الشعبية في دول أخرى تميزت بالصمت بشكل غريب (مثل الجزائر)، وعدم تحقيق مكاسب سياسية كبيرة من خلال جهود التعبئة حتى الآن (كما هو الحال في مصر)، كل هذا سلط الضوء على الحاجة إلى المزيد من تدقيق عوامل الهيكلة المؤسسية في كل من هذه الدول. وقد تتمتع الهياكل السياسية والعسكرية القائمة من قبل بقدرة أكبر في بعض الدول، بما يكفي للتغلب على تحركات الشعوب الجماعية أو ردعها بشكل تام. ونظراً للأحداث الراهنة، تتطلب دراسةُ تأثير الائتلافات الحاكمة، ومنافسيها، وكيفية ممارسة السلطة من قبل مختلف الجهات الفاعلة في كل دولة، إعادة نظر جدية.ويتمثل العنصر الموضوعي الآخر من المناقشة، أو ربما السؤال الذي يتم طرحه بشكل أكثر دقة في “ما هي العدسة الجغرافية الأكثر فائدة التي يمكننا من خلالها دراسة الانتفاضات العربية؟” وتنص إحدى النقاشات على ضرورة دراسة كل دولة كحالة فريدة، حيث يجب تحليل وضع كل دولة وكل ثورة شعبية على أساس تعقيدات معينة داخل كل بلد على حدة. وقد يسهم الميل إلى زج عدد كبير من الدول المختلفة بشكل كامل تحت تسمية “الشرق الأوسط” أو “العالم العربي” غير المتبلورة في حجب أو تجاهل عوامل هامة غير محددة بمنطقة معينة. وإلى جانب مسارات مماثلة، يرى مسار إضافي من الدراسات أن مفهوم “الشرق الأوسط” يحتاج إلى المزيد من البلورة والصقل، من خلال الحفاظ على فكرة أن الربيع العربي يحاول أن يقدم فكرة عن “الشرق الأوسط” على المستويين النظري والعملي.وعلى الجانب الآخر من هذا النقاش حول التأطير الجغرافي المناسب، يمكننا القول بأننا بحاجة إلى توسيع نطاق العدسة الجغرافية التي يتم من خلالها عرض الأحداث الجارية. ويجب عدم النظر إلى الثورات العربية كدراسة حالة للدول العربية فقط، أو حتى كسلسلة من الأحداث التي تجري في منطقة الشرق الأوسط الكبير، بل في علاقة مباشرة بما يحدث في العالم. ويفترض هذا النقاش أن ثمة قضايا عالمية على المحك، وقوى عالمية تؤثر على المنطقة وتسهم في صياغة نتائج الثورات، وتتجاهل عمليةُ التأطير التحليلي للحركات الاحتجاجية المحلية في العالم العربي ضمن سياقات الشرق الأوسط الأبعادَ الخارجية والدولية. لقد خلقت الأزمة في منطقة الشرق الأوسط فرصاً جيواستراتيجية جديدة للاستفادة من المصالح الاقتصادية والسياسية، سواء من داخل المنطقة أو من خارجها. فقد فقدت الجمهوريات الإقليمية السلطة والشرعية، مما وفر فرصاً للملكيات الاستبدادية للعب دور أكثر أهمية في الشؤون الإقليمية. وتظهر منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية كجهة فاعلة تمتلك تأثيراً أكبر من ذي قبل، وقد لعبت دوراً رئيسياً في كل من التجاوب الإقليمي والعالمي تجاه الأزمات الحالية. حيث لعبت المملكة العربية السعودية دوراً محورياً كقوة إقليمية “مناهضة للثورة”، ويمكن اعتبارها تمثل مصالح دولية محددة تعنى باستقرار الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط.وكمسار منفصل ولكن ذي صلة بهذه المناقشة، وبالنسبة لبعض الاقتصاديين السياسيين، يشير الربيع العربي وتناسق الاستجابات الدولية له، إلى أن هناك مصالح جيوسياسية عالمية مستقلة عن الديناميات الداخلية ضمن الدول نفسها. ويعتبر هؤلاء العلماء أن ثمة بعداً يتجاوز الحدود الوطنية لأحداث الربيع العربي ويدل على تأثير واهتمام رأس المال العالمي. ويشير بعض العلماء إلى أن تحركات هذه الشعوب ليست مجرد رغبة في إسقاط الأنظمة الاستبدادية فحسب، بل هي بالأحرى تحرك ضد السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي اعتمدتها هذه الأنظمة، ورفض لهيمنة الجهات الليبرالية العالمية الجديدة وجداول أعمالها.يركز مجال إضافي من المواضيع التي تتناولها الدراسة الأكاديمية حول الربيع العربي على دور الإسلاميين والحركات السياسية الإسلامية. وقد تمت مناقشة المزيد فيما يتعلق بتأثير الإسلام السياسي خلال الثورات العربية، والدور المحتمل الذي سيضطلع به الإسلاميون في أي تحالفات سياسية جديدة أو ترتيبات حاكمة قد ستتمخض عن هذه الانتفاضات. وثمة انقسام في الرأي حول أدوار الإسلاميين في الربيع العربي، وما إذا كان لديهم مساحة شرعية لشغلها في تطور المساومات.يلاحظ المرء في النقاش الجاري حالياً حول الإسلام السياسي في الثورات العربية عدداً من التيارات التحليلية المختلفة. إذ تؤكد إحدى المدارس الفكرية أن دور الإسلاميين قد ازدهر في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحاضر بسبب القمع الوحشي الذي مارسته الأنظمة ضد جميع الجهات الاجتماعية والسياسية والمدنية الفاعلة الأخرى. وعلى فرض أنه إذا تم توفير المجال الاجتماعي والسياسي للآخرين، ستحل الجهات الفاعلة “العلمانية” محل الإسلاميين الذين سيبعدون بالتالي إلى الماضي السحيق. بينما تذهب مدرسة فكرية ثانية إلى أن الإسلاميين يشكلون تهديداً حقيقياً ومستمراً، وأن اتجاهاتهم غير الديمقراطية تحرمهم من المساحة المشروعة لهم للمشاركة في تحالفات السلطة في المستقبل. ويتمتع الإسلاميون حالياً بقوة هيكلية، سيطلق لها العنان ما لم يكبح جماحها، في بيئة ما بعد الربيع العربي، مما يوفر لهم فرصة ثمينة ليكونوا لاعبين رئيسيين على الصعيد السياسي، حيث ستسهم أجندتهم الاجتماعية والاقتصادية في إعادة مجتمعات الشرق الأوسط إلى العصور المظلمة.ويرى فريق ثالث من العلماء أن الإسلاميين والحركات السياسية الإسلامية تمثل جهات سياسية فاعلة ومشروعة تعبر عن مصالح مجموعة كبيرة من الجهات الاجتماعية الفاعلة، وستلعب دوراً في الديناميات المتغيرة في المنطقة. وتزعم وجهة النظر هذه أن الحركات الإسلامية قد نشأت ونشطت في ظل ظروف صعبة للغاية، وصمدت أمام الضغوط السلطوية، وقد حصلت الآن على حقها في المشاركة كقوى اجتماعية وسياسية مشروعة في بيئة أكثر انفتاحاً على النهج الديمقراطي. ولا يزال البعض يدعي أن الجهات والمصالح الإسلامية الفاعلة شهدت تحولاً من خلال المشاركة المؤسسية ضمن العملية السياسية الناشئة عن هذه الانتفاضات كغيرها في ظل تعدد الجهات السياسية السائدة. ونظراً لهذه القراءات المتميزة للدور الحالي والمستقبلي للإسلام السياسي، ثمة حاجة ملحة لإجراء بحوث ودراسات مركزة حول هذا الموضوع.لا تزال التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط غير واضحة المعالم وغير مستقرة، وستبقى على هذا الحال لبعض الوقت في المستقبل. ومن غير المستغرب، أن الاحتجاجات الجماهيرية الشعبية التي أسقطت الأنظمة الديكتاتورية في بعض الدول بشكل فاعل لم تنجح بعد في إحداث تغيير اجتماعي وسياسي ثوري. ولا تزال الأزمات مستمرة في دول أخرى، حيث يحول استمرار العنف والصراع دون إمكانية التكهن بما سيحدث. وما لم تقم هذه الحركات التي اجتاحت المنطقة بتفكيك كافة الهياكل الاستبدادية القابلة للتكيف في سلطة الدولة، فإنها قد لا تنسف فكرة أن السكان يعيشون في سبات عميق ويدفعهم الخوف. لقد دمرت حركات هذه الشعوب النماذج الجامدة للباحثين الذين شاركوا في دراسة المنطقة. ولا بد من التنويه إلى مسألة مهمة مع أنها تبدو واضحة للعيان وهي أن الربيع العربي يمثل صحوة، لا للشعوب التي تعيش وتنتمي إلى المنطقة فحسب، بل كذلك لأولئك الذين يدرسون ويسعون لتوفير فهم أفضل لمنطقة الشرق الأوسط.
بقلم زهرة بابار