طلاب جامعة جورجتاون في قطر يناقشون موضوع “الربيع العربي” خلال ندوة خاصة

طلاب جامعة جورجتاون في قطر يناقشون موضوع

حظي موضوع الربيع العربي باهتمام وتركيز كبيرين بعد اندلاع ثورة تونس خلال عام 2011 وامتداد موجتها إلى مختلف أنحاء المنطقة. وبالنظر إلى أهمية هذا الموضوع، وتماشياً مع الأحداث الجارية، عقدت كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر ندوة خاصة تمحورت نقاشاتها الرئيسية حول موضوع الربيع العربي شارك فيها أكثر من 70 طالباً من طلاب الجامعة، بمن فيهم طلاب برنامج “تاريخ الثورات العالمي”، وأدارها عدد من الأساتذة المتخصصين في التاريخ والشؤون المعاصرة، بمن فيهم الدكتورة أميرة سنبل، الدكتور مارك فرحة، الدكتور محمد زياني، والدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة جورجتاون في قطر.

وخلال الندوة، طرح الطلاب مجموعة من الأسئلة المهمة على مديري النقاش ووقفوا على أوجه الشبه بين الصراعات المختلفة في تاريخ الحركات الاحتجاجية العالمية والأسباب التي تقف وراءها. وكان من بين أهم الأسئلة التي تم طرحها والتي ناقشها المتحدثون الرئيسيون، مفهوم الثورة، والأسباب التي تؤدي إلى اندلاعها. وأجابت عن هذا السؤال الدكتورة أميرة سنبل، قائلة: “عادة ما نعرف الثورة على أنها تغيير مفاجئ يحدث نتيجة انتفاضة أو احتجاج ما. ولكن في الواقع الثورات الحقيقة تأخذ مجراها من خلال سلسلة من التغييرات التي تحدث على المدى الطويل”.

وتطرقت الدكتورة أميرة للحديث عن التاريخ الطويل لصراع الطبقات وعلاقته بالثورات، حيث قالت: “مما لا شك فيه أن الثورات التونسية والمصرية والسورية كانت نتيجة سبب مشترك، وهو الحاجة إلى التغيير في طبيعة التملك، وفي كيفية توزيع الأموال والأراضي. فالطبقات هي المحور الرئيسي في أي ثورة، حيث يسعى الناس من خلالها لتحقيق آمالهم في بناء مجتمع حديث والمشاركة في مختلف جوانب الحياة”.

من جانبه، أجاب الدكتور مارك فرحة عن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالعوامل التي تقف وراء الثورات وتساعد على حدوثها، وتطرق إلى موضوع غلبة نسبة الشباب على التركيبة الديموغرافية وارتفاع أسعار السلع الأساسية باعتبارهما من الأسباب الرئيسية للثورات. وقال: “تمثل الظروف الاقتصادية العامل الرئيسي الذي يقف وراء أي ثورة، فأكثر ما يهم الناس تأمين لقمة عيشهم، ومن ثم تأتي المطالبة بالحرية. وهذا ما خلصت إليه الدراسات واستطلاعات الرأي التي تابعناها”. وطرح أحد الطلاب سؤالاً على الدكتور كامرافا حول أوجه الشبه بين الثورة الفرنسية وثورات الربيع العربي، فأجاب: “ليس بالضرورة أن تأخذ جميع الثورات منحى عنيفاً، بل يمكن أن تنطوي على مفاوضات ومساومات ديناميكية، ويمكن للمجتمعات أن تكون صاحبة الكلمة العليا في مثل هذه المفاوضات”.

وكان من بين أكثر المواضيع التي أبدى الطلاب اهتماماً خاصاً بمناقشتها هو الدور الذي لعبته وسائل الإعلام- لا سيما منصات الإعلام الاجتماعي المشهورة مثل فيسبوك وتويتر- في توسيع رقعة الاحتجاجات، في حال كان لها أي دور يذكر في ذلك. وأجاب خبير الإعلام العربي الدكتور محمد زياني عن هذه التساؤلات من خلال طرح رأيين في هذا الشأن، وقال: “هناك رأيان، الأول يقوم بأن الوسائل التكنولوجية الحديثة لعبت دوراً مهماً في توسع موجة الاحتجاجات من خلال حشد الدعم لها وتسهيل توصيل رسائلها منذ البداية، بينما يشكك الرأي الآخر بهذه الادعاءات معتبراً أن الثورات في الماضي حدثت بدون مساعدة التكنولوجيا، كما هو الحال في الثورة الفرنسية، حيث لم يكن هناك إنترنت أو تويتر في ذلك الوقت”.

وبدلاً من محاولة إيجاد روابط مباشرة بين الثورات والتكنولوجيا الحديثة، رأى الدكتور زياني بأن التساؤلات المتعلقة بهذا الموضوع يجب أن تركز على الطرق المحددة التي تسهم من خلالها وسائل الإعلام، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي، في تسهيل التفاعل بين المجموعات التي تقود الحركات الاحتجاجية أو في تغيير طبيعة هذا التفاعل بما يخدمها ويساعدها على تحقيق أهدافها.

وفي تعليقه على المشاركة الحماسية للطلاب، قال الدكتور إدوارد كولا، أستاذ تاريخ الثورات العالمي ومدير الندوة: “لقد أبهرني المستوى المتقدم للأسئلة التي وجهها الطلاب للأساتذة المشاركين، فقد أظهرت فعلاً عمق رؤيتهم للعنف والتغيير السياسي في العالم، ليطبقوا بذلك ما تعلموه في جامعة جورجتاون على أرض الواقع. وهذا بالتحديد ما نسعى إلى تحقيقه كمدرسين، فليس من الضروري أن يتذكر الطلاب حقائق أو تواريخ بعينها، بل ينبغي عليهم تطبيق أدوات التحليل والاستفسار الرئيسية التي تعلموها من خلال دروسهم، في حياتهم اليومية”.