زهرة بابار تستكشف في مقالة جديدة المشهد العام للمواطنة في البيئة متعددة الثقافات في قطر

زهرة بابار تستكشف في مقالة جديدة المشهد العام للمواطنة في البيئة متعددة الثقافات في قطر

تتناول زهرة بابار، المدير المساعد للأبحاث في مركز الدراسات الدولية والإقليمية ، في مقال جديد نشر لها مؤخراً قضية المواطنة في دولة قطر عبر استعراض الممارسات القانونية والسياسية الحالية ومدى تأثرها بالتدفق المستمر للعمالة إلى البلاد.

وتم نشر المقال الذي حمل عنوان “ثمن الانتماء: بناء المواطنة في دولة قطر” في عدد يوليو من مجلة الشرق الأوسط. ويشير المقال إلى أن الامتيازات المالية المرتبطة بالجنسية القطرية وتفوق شريحة غير المواطنين من حيث التعداد، قد أوجد بيئة قانونية أكثر تقييداً من أي وقت مضى في ما يخص الحصول على المواطنة.

في الواقع، لقد تمت دراسة التفاعل والترابط بين المواطنة والهجرة في سياقات أخرى كثيرة، ولكن لم يتم تناولها حتى الآن في أي منهج دراسي في قطر. وتقول بابار: “لقد أثارت مسألة المواطنة في الخليج اهتمامي لكونها ترتبط بشكل وثيق بنقاشات المهاجرين وحقوقهم”.

وتخلُص الدراسات الأكاديمية بشأن العلاقة بين المواطنة والهجرة عموماً إلى أنه “في الدول ذات الكثافة السكانية الصغيرة، غالباً ما تكون تدفقات العمالة غير متوقعة ولذلك يكون تأثيرها محدوداً على البيئات التشريعية أو القانونية الناظمة لشؤون الحصول على الجنسية”، إلا أن دراسة بابار حول الجنسية القطرية يبيّن العكس. “فالجهود التي بذلت مؤخراً لإصلاح قوانين الجنسية في قطر، ولا سيما إضافة بنود جديدة للتجنيس، تثبت أن البيئة التشريعية الناظمة لشؤون المواطنة تتأثر في الواقع بمطالب استضافة السكان المهاجرين”.

وحسب رأيها، فإن عزوف قطر عن توسيع نطاق المواطنة يرجع إلى عوامل متعددة، وعلى نحو خاص، حصة الفرد العالية من إجمالي الناتج المحلي، والنظم السياسية غير التشاركية، وارتفاع مستويات الهجرة المؤقتة. ومن أجل تكوين فهم أفضل لعمليات الهجرة من حيث صلتها بالمواطنة، تستكشف بابار أيضاً النسيج الاجتماعي للسكان غير المواطنين في قطر، وتضيف: “إن التقسيم المبسّط للسكان في قطر على أنهم إما مواطن أو غير مواطن أو مهاجر مؤقت، يجافي حقيقة أن هناك العديد من السبل التي تتيح للناس الإقامة لفترات طويلة داخل أراضي الدولة”. في الحقيقة، إن ما يميز الطبيعة المعقدة للسكان غير المواطنين هو التباين في مقدار الحصول على الحقوق والامتيازات التي تعكس وضعهم كمهاجرين. وحول هذه المسألة، توضح بابار: “هناك فئات المهاجرين المهرة وذوي المهارات العالية الذين يعملون في مجموعة من القطاعات الحيوية في البلاد، وكثير منهم تمتد إقامته في الدولة لأكثر من عامين، وللدولة مصلحة أيضاً في الاحتفاظ بهم”.

إن إدراك البلاد لحاجتها المستمرة إلى العمالة الأجنبية الماهرة في ضوء انتقالها إلى اقتصاد المعرفة ينعكس بوضوح في الإطار الدستوري الحالي، “فإضافة بنود جديدة للتجنيس تعكس وعي الدولة وإدراكها لوجود تلك المجتمعات، كما يوفر نافذة يمكن من خلالها تخفيف الاستنكار المحتمل لعدم إتاحة أية سبل للحصول على المواطنة”.

وتكمن الحجة الأساسية للدراسة، حسب رأي بابار، في أن “المواطنة في قطر أصبحت أكثر تقييداً مع مرور الوقت لسببين رئيسيين: الأول هو أن تدفق الأعداد الكبيرة من المهاجرين قد صاحبه رغبة من الدولة برسم حدود واضحة بين الأجانب والمواطنين؛ والسبب الثاني هو أن المواطنة في قطر تنطوي على مجموعة من المزايا الاقتصادية التي يمكن للدولة توفيرها لعدد محدود فقط من السكان”.

وتختتم المقال بأنه على مدى عقود، ترسخت لدى السلطات الحكومية والشعب في قطر فكرة أن دولتهم ليست مقصداً للهجرة أو الإقامة الدائمة، على الرغم من حقيقة أن الجزء الأكبر من السكان كان، وسيبقى في المستقبل المنظور، ينظر إليه على أنه أجنبي. لكن وجود المهاجرين هو انعكاس واقعي ومركب للمشهد الاجتماعي والاقتصادي، وبغض النظر عن كمية القيود أو الحدود التي تهدف إلى الحد من تأثير المهاجرين على الدولة، فإن تأثيرهم هو حقيقة لا يمكن إنكارها.

واختتمت بابار بالقول: “في الوضع الحالي، سوف يؤدي توسيع نطاق المواطنة في قطر إلى استنزاف الموارد العامة وسيشكل تهديداً للنسيج الاجتماعي القائم حالياً. وما لم يتم تخفيض المزايا الاقتصادية المرتبطة بالمواطنة إلى حد كبير، فمن المرجح أن بذل المزيد من الجهود لتوسيع نطاق المواطنة في قطر سيفضي إلى إنتاج طبقات ومستويات متباينة من المواطنين في البلاد”.

يذكر أن زهرة بابار قد نشرت سابقاً مقالات حول الهجرة والمواطنة في دول الخليج الفارسي، والتكامل الإقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي، والأمن الغذائي في الشرق الأوسط. كما شاركت مع مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية الدكتور مهران كامرافا، في تأليف كتاب “العمالة المهاجرة في الخليج الفارسي” (مطبعة جامعة كولومبيا، 2012) وشاركت مع سوزي ميرغاني في كتاب “الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، (مطبعة جامعة أكسفورد، سيتم نشره في 2014).