ديبرا شوشان حول “الحضور الأنثوي في الانتخابات البلدية في قطر”
حصلت ديبرا شوشان على زمالة ما بعد الدكتوراه لعام 2010-2011 في مركز الدراسات الدولية والإقليمية. وتعمل حالياً أستاذة مساعدة في علم السياسة في كلية وليام وماري.توجه القطريون إلى صناديق الاقتراع في مايو لانتخاب أعضاء المجلس البلدي المركزي في هذه الدولة الخليجية الصغيرة. وفاز المرشحون الذكور بـ 28 مقعداً من أصل 29 مقعداً في المجلس البلدي المركزي. لكن فوز شيخة بنت يوسف الجفيري، التي تغلبت على منافستها بالمقعد المتبقي، كان الخبر الذي احتل العناوين الرئيسية.ولا يبدو فوز الجفيري أمراً مهماً. ففي النهاية، يلعب المجلس دوراً محدوداً، ويعالج قضايا محلية فقط مثل الطرق، والإنارة، والصرف الصحي، والحدائق العامة وأماكن الاستجمام. وحتى ضمن هذا التخصص الضيق النطاق، يلعب المجلس البلدي المركزي دوراً استشارياً بحتاً، حيث تقرر وزارة الشؤون البلدية والزراعة تخصيص الموارد. وعلاوة على ذلك، تحرم الغالبية العظمى من سكان قطر من التصويت، لأن التصويت يقتصر على المواطنين القطريين فحسب، والذين يشكلون نحو 15 بالمئة فقط من سكان البلاد البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة. ومن هؤلاء المؤهلين، أدلى 32662 مواطناً فقط بأصواتهم في الانتخابات التي تمت في الأسبوع الماضي. ويشهد الإقبال بين الناخبين المسجلين انخفاضاً مطرداً مع قدوم 43 بالمئة من الناخبين المسجلين (13606 شخص) إلى صناديق الاقتراع الأسبوع الماضي بالمقارنة مع 51 بالمئة في انتخابات المجلس البلدي المركزي الأخيرة التي تم إجراؤها في عام 2007.ومع ذلك، يعتبر الظهور القوي لشيخة الجفيري في انتخابات المجلس البلدي المركزي ملحوظاً لما قد تقدمه بالنسبة لوضع المرأة في الدولة والتي تتزايد مكانتها تدريجياً في الشؤون الإقليمية والعالمية.
تتمتع الجفيري بشخصية مثيرة للإعجاب. فقد حصلت المواطنة القطرية البالغة من العمر 49 عاماً على شهادة في القانون من جامعة القاهرة، وتعمل عضواً في لجنة شؤون المرأة العربية العاملة التابعة لمنظمة العمل العربية برئاسة الملكة رانيا. وفازت لأول مرة بمقعد في المجلس البلدي المركزي في عام 2003. ومن خلال الحفاظ على هذا المقعد في الدورتين الانتخابيتين اللاحقتين في عامي 2007 و 2011، حصلت الجفيري على عدد أصوات أكثر من أي مرشح آخر عبر الدوائر الانتخابية الـ 29. وتترأس اللجنة القانونية في المجلس وهي عضو في لجنة الخدمات والمرافق العامة. والجفيري هي السيدة الوحيدة التي تفوز بمقعد في المجلس البلدي المركزي من بين السيدات الأربع المرشحات من مجموع المرشحين البالغ 101 مرشحاً.لقد تداخل التحرر السياسي وتمكين المرأة معاً في قطر منذ تولي الأمير حمد بن خليفة آل ثاني العرش مكان والده في عام 1995. وفي وقت لاحق من ذلك العام، أعلن الزعيم الجديد عن إجراء انتخابات للمجلس البلدي المركزي الذي كان يعين في السابق. وقد أجريت أول دورة انتخابية في عام 1999، شارك فيها الناخبات والناخبون المؤهلون للتصويت والترشح لعضوية المجلس. وهذه هي المرة الأولى التي يسمح فيها للسيدات في دولة ملكية خليجية بالتصويت، وهي حقيقة ركز النظام عليها من خلال إجراء الانتخابات في اليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس. وحرصاً على تقديم صورة تقدمية للمجتمع الدولي، يؤكد البعض أن النظام استجاب للفشل في انتخاب إحدى المرشحات في انتخابات عام 1999 من خلال الضغط على المرشحين المحتملين بعدم الترشح ضد شيخة الجفيري في دورة عام 2003. وبينما فازت الجفيري بالتزكية في مشاركتها الأولى في الدورة الانتخابية، فقد دافعت عن مقعدها بجدارة ضد منافسيها في الدورتين الانتخابيتين اللاحقتين.ساهمت الجفيري في إحداث تأثير ملموس ضمن المنطقة البلدية المسؤولة عنها وساعدت في المضي قدماً نحو تعزيز مكانة المرأة في المجتمع القطري. كما يشجع نجاحها على مشاركة المرأة في الحياة السياسية. وهذا العام، مثلت منطقة الجفيري (الواقعة على مقربة من مطار الدوحة) إحدى المناطق الثماني التي فاق عدد الناخبات فيها عدد الناخبين. ومن جهتها تقول فاطمة أحمد الكواري، خصم الجفيري في انتخابات عام 2011، إن ما حفزها لمتابعة نشاطها السياسي كان تجربة التطوع التي خاضتها في عمليات الاقتراع عام 2003، عندما تم انتخاب الشيخة الجفيري لأول مرة لعضوية المجلس البلدي المركزي.وقد ساعد الدور البارز الذي لعبته الشيخة موزا بنت ناصر المسند، حرم الأمير حمد ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على تعويد القطريين على القيادة النسائية في الحياة العامة. ففي استطلاع حديث للرأي، حصلت الشيخة موزا على المرتبة الثانية باعتبارها القدوة الأكثر شعبية بالنسبة للمرأة العربية، بعد جلالة الملكة رانيا العبدالله. ومع ذلك، فقد انتقد بعض المحافظين في قطر الدور الفاعل الذي تلعبه الشيخة موزا في الحياة العامة واحتجوا حتى على لباسها الباذخ. وقد يساعد الظهور المتزايد لعدد من السيدات من خارج العائلة المالكة على تطبيع المشاركة والقيادة النسائية في الحياة العامة.
وفي الواقع، يعتبر دعم الذكور لشيخة الجفيري وغيرها من المرشحات لعضوية المجلس البلدي المركزي علامة مشجعة. فقد أشار أحد الناخبين الذكور في منطقة المطار رداً على سؤال حول شعوره حول الاختيار بين مرشحتين على ورقة الاقتراع، إلى أنه كان سعيداً للغاية بالقيام بذلك؛ أن تجربته دلت على أن السيدات يقمن بعمل أصعب من الرجال. ولعل مصدر الحملات الفاعلة التي تقوم بها الجفيري، والتزامها بالناخبين في دائرتها الانتخابية، وقيادة القضايا المحلية عائد إلى فهم أن على المرشحات القيام بعمل أكثر صعوبة من أقرانهن الذكور ليتم أخذ عملهن على محمل الجد.
وهذا يحفز على الابتكار: إذ تقول الجفيري إنها المرشحة الأولى لعضوية المجلس البلدي المركزي التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر كأدوات لحملتها الانتخابية، ولمساعدتها على الدعاية لجدول أعمالها الانتخابي والوصول إلى الناخبين. وفي إشارة إلى التزامها العميق بمساعدة جيرانها، تؤكد الجفيري أنها تساعد الوافدين (الذين لا يستطيعون رد معروفها بالإدلاء بأصواتهم لصالحها) في حل المشاكل التي تقلقهم. وتصر على أنه يتوجب على المرأة الحصول على المقاعد من خلال إظهار كفاءتها، وطالبت علناً بعدم اعتماد نظام المحاصصة لمشاركة المرأة في الهيئات التشريعية. وقبل أسبوع من الانتخابات، عقدت الجفيري مجلساً (اجتماعاً مشتركاً) للناخبين الذكور. ومن خلال ملاحظة برنامجها الانتخابي والقضايا التي تناولها خطابها الانتخابي – وهي المرأة الوحيدة التي تقف بعباءتها السوداء مقابل بحر من الرجال بأثوابهم البيضاء التقليدية – لن يصعب على المرء الإعجاب بمهارتها السياسية.
وبالإضافة إلى القضايا المحلية القياسية التي تتعهد شيخة الجفيري بمعالجتها من خلال المجلس البلدي المركزي، يتضمن جدول أعمالها زيادة توافر الحضانات في أماكن عمل الأمهات وبناء ناد خاص بالسيدات. وفي حين يعتبر الممثلون الذكور أقل سعياً لتوفير مثل هذه الخدمات، يوضح العمل الذي تقوم به الجفيري الفارق الذي تحدثه المشاركة النسائية من حيث نتائج السياسات.وبما يؤكد الاهتمام بالتحرر السياسي في قطر، أشار الأمير حمد إلى أن جعل المجلس البلدي المركزي هيئة منتخبة يمثل البداية فحسب. فوفقاً للدستور الجديد الذي تم وضعه، والذي تمت المصادقة عليه بأغلبية ساحقة من الناخبين القطريين في استفتاء عام 2003، تم استبدال مجلس استشاري بمجلس الشورى المعين، والذي سيتم اختيار ثلثي أعضائه الـ 45 من خلال انتخابات عامة بينما يعين الأمير بقية الأعضاء. ومع ذلك، تم تأجيل انتخابات مجلس الشورى مراراً وتكراراً، ولا يزال موعد إجرائها غير محدد حتى الآن. وثمة تفسير دارج لهذا التأجيل يقول إن البرلمان المنتخب يمكن أن تكرس الجمود ويوفر فرصة للعناصر المحافظة لمنع المبادرات التقدمية التي يطلقها نظام الحكم، كما هو الحال في الكويت. وفي الوقت الحاضر، لا يوجد عدد وافر من القطريين الذين يطالبون النظام بتعجيل انتخابات مجلس الشورى. يتوافق هذا مع الهدوء السائد بين القطريين، الذين يجسد معظمهم محتوى الوضع الراهن الذي يشمل الرخاء الاقتصادي والاستقرار السياسي لكنه يفتقر إلى مشاركة سياسية ذات مغزى.ونأمل عندما يتم إجراء انتخابات مجلس الشورى أخيراً، أن تترجم أعمال الرواد الأوائل مثل شيخة الجفيري بإيلاء دور كبير للمرأة القطرية.