جورجتاون تستضيف جلسة قراءة لكتاب حول النشاط الإسلامي في مصر
قدم الدكتور عبد الله العريان، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون قطر، قراءة من كتابه “تلبية النداء: النشاط الإسلامي الشعبي في مصر زمن السادات”، وذلك ضمن فعالية استضافها مؤخراً مركز الدراسات الدولية والإقليمية (CIRS) في مبنى الجامعة في المدينة التعليمية، حيث تحدث عن بروز النشاط الإسلامي في مصر خلال العقود السابقة، وناقش تأثير تلك الأحداث على ثورة الربيع العربي والصراع على السلطة السياسية.
ويستخدم العريان في كتابه مجموعة واسعة من المصادر بغية وضع تقرير شامل حول النشاط الإسلامي في مصر خلال فترة رئاسة أنور السادات. ويشرح كيف قام البطل الثوري جمال عبد الناصر بتفكيك وقمع أكبر منظمة وحركة اجتماعية عرفتها مصر خلال خمسينات القرن الماضي، والعودة المفاجئة لبروز النشاط الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي قُدّر لها في يوم من الأيام خوض المنافسة على رئاسة الدولة عبر أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ مصر. كتاب “تلبية النداء” هو دراسة أصيلة لتاريخ هذه الحقبة الديناميكية والحيوية من تاريخ مصر الحديث.
وفي معرض شرحه لفوائد ومزايا دراسة تاريخ الحركة النضالية، قال العريان: “مهما استهلكتنا الأحداث الجارية في أماكن أخرى، فمصر دائماً في البال. وحتى وإن انتهج النظام بعد الانقلاب تصعيداً جديداً للاستبداد، اعتمد على استخدام غير مسبوق للعنف من أجل وأد النشاط الشعبي للمجتمع المصري، فإن ثمة اهتمام واسع في توثيق هذه العملية واستخلاص دروس الثورة المصرية الفاشلة، على أمل أن يتمكن هذا الجيل والأجيال المستقبلية من استخدام المعارف المستقاة من هذه اللحظة التاريخية في سبيل تحرير مجتمعاتهم وتمكين شعوبها”.
ومن خلال قراءات من كتابه، أوضح الأستاذ في جامعة جورجتاون أن نجاح الإخوان المسلمين في إعادة بناء التنظيم خلال سبعينات القرن الماضي، كان ثمرة قدرة الحركة على استقطاب جيل شاب من النشطاء الإسلاميين المتعلمين والمفكرين، الذين يسعون إلى إحداث تغيير سياسي. وأثمر ذلك في تجدد شباب الحركة التي كانت تمر بمرحلة صعبة، حيث بدأت مرحلة جديدة في تاريخها. وأوضح أن من بين كل الحركات الاجتماعية والدينية في العقود السابقة، وحدها هيكلية حركة الإخوان المسلمين وتركيزها على الخدمات الاجتماعية، استطاعت تحدي سلطة الدولة. وهكذا، عندما اجتاحت الانتفاضة الشعبية ميدان التحرير وغيره من الأماكن العامة، استعدت حركة الإخوان المسلمين لوضع خبرتها الممتدة لثلاثة عقود في خدمة الحركة الوطنية لقلب نظام الحكم لخلف السادات، حسني مبارك.”
وأوضح العريان للجمهور: “إن الجيل الحالي من القادة، مثل محمد مرسي وغيره من الشخصيات التي سمعنا عنها الكثير خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، لم ينشأ من الفراغ. فهم ثمرة الجيل المتجذر في الحركة الطلابية في سبعينات القرن الماضي. وقد أثبتت الحركة ديناميكية هائلة في مسيرة تطوير نشاطها، حيث ربطتها بالدولة علاقة معقدة، أفرزت في نهاية المطاف الجيل القادم من قادة حركة الإخوان المسلمين، المنظمة التي تعرضت لتدمير ممنهج طوال عشرين عاماً. هذا الكتاب يروي تلك القصة”.
وعلق الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية، على أهمية موضوع المحاضرة قائلاً: “لا يقتصر أثر هذا الكتاب الراهن على كونه تأريخاً شاملاً لإعادة بروز النشاط الإسلامي في مصر، بل يمثل تذكيراً بأن الأحداث المثيرة التي تتكشّف اليوم ترتبط بشكل وثيق بالماضي. ومن دون فهم ذلك الماضي، لا يمكننا إدراك الحاضر، أو استشراف المستقبل. إن العمل الذي قام به الدكتور العريان لا يقدر بثمن، سواء من حيث كونه سرداً تاريخياً صائباً، أو من حيث إسهامه في الجهود البحثية في المنطقة”.
تشمل اهتمامات عبدالله العريان البحثية الحركات الإسلامية الاجتماعية، والعلاقات الأمريكية مع الشرق الأوسط، والإسلام والعولمة، والشريعة الإسلامية والمجتمع، وتاريخ الإسلام في الولايات المتحدة. وهو يظهر بصورة منتظمة على شبكة وموقع الجزيرة بالإنجليزية.