جامعة جورجتاون قطر تستضيف محاضرة عامة بعنوان: “من الثورة إلى الانقلاب: مصر وجماعة الإخوان المسلمون”
استضاف مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورج تاون قطر مؤخراً محاضرة عامة بعنوان “من الثورة إلى انقلاب: مصر وجماعة الإخوان المسلمون”، وذلك في سياق سلسلة الحوارات الشهرية الذي تعقد في حرم الجامعة بالمدينة التعليمية.وفي سياق المحاضرة، تتبع د.العريان، الأستاذ المساعد في التاريخ في جامعة جورجتاون قطر، مسار جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر على مدى العقود الثلاثة الماضية، والذي انتهى إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك من السلطة. كما شرح كيف أن تاريخ الجماعة، الذي اتخذ مسار حركة إصلاحية، أكثر منها ثورية، قد صاغ أداءها السياسي على مدى السنوات الثلاث الماضية، وانتهى إلى تحول كبير في مستقبلها السياسي. ثم أشار إلى ردود الفعل المتوقعة في المستقبل، في ضوء تفاصيل هذه القصة التي لا تزال تتكشف يوماً بعد يوم.بدأ د. العريان بالتحدث لجمهور من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والزوار من المدينة التعليمية ومجتمع الدوحة، حيث قال: “إن الاهتمام العالمي الهائل بهذه الأحداث هو دليل على أهمية مصر والنتائج التي حققتها الانتفاضة. ونحن نعلم أن كل ما يحدث في مصر له تأثير هائل على منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك تأثيرها على نتائج الانتفاضات الأخرى في دول المنطقة.”وعلى الرغم من تاريخ جماعة “الإخوان المسلمون” الذي يمتد 85 عاماً، فقد ركزت المحاضرة على تاريخ “الإخوان المسلمين” في مرحلة مصر ما بعد السادات، حيث أدى التحرر الاقتصادي إلى تنامي طبقة وسطى حضرية، ومهنية، وأكثر تديناً، أضافت بدورها أعداداً كبيرة إلى صفوف جماعة “الإخوان المسلمين”، بالإضافة إلى القاعدة الريفية التقليدية التي شكلت الجزء الأكبر من عديد الجماعة قبل هذه الفترة.وقال د. العريان: “لقد أسهمت قاعدة الدعم الجديدة هذه بردّ أيديولوجية جماعة “الإخوان المسلمون” إلى أسلافهم المؤسسين، كما أسهمت في تبسيط وتسهيل تقبل المصريين لفكر الجماعة، في وقت نشهد فيه تشتتاً للهوية الإسلامية، حيث ثمة العديد من الجماعات المنافسة، والتي تسمي نفسها “إسلامية”، بما في ذلك الدولة ذاتها”.ونتيجة لهذا التحول نحو زيادة المشاركة الاجتماعية، سعت جماعة “الإخوان المسلمون” إلى إيجاد سبل لاستيعاب الدولة، وفي الوقت ذاته، لبناء التغيير التدريجي، بدلاً من التغيير الثوري. “رأينا في الآونة الأخيرة كيف تنأى قيادة “الإخوان المسلمون” عن وضع الجماعة مع القوى المعارضة الأخرى، وتركز بدلاً من ذلك على معارضة نظام مبارك تحديداً.”وفي أعقاب الانتخابات الديمقراطية التي أسفرت عن صعود مرسي والإخوان إلى سدة الحكم، واصلت جماعة “الإخوان المسلمون” سلوكها الحذر، حيث تجنبت أية مواجهة خارجية. لكن ما أصبح واضحاً بشكل متزايد، أنه وبرغم إزاحة مبارك عن السلطة، فإن الغالبية العظمى من الجهاز السياسي للنظام السابق بقيت راسخة في مفاصل الدولة. ونتيجة لذلك، لم تتمكن جماعة “الإخوان المسلمون” من إيجاد سبل موضوعية لمواجهة النظم السابقة، وكانت النتيجة حصول الانقلاب على الجماعة في نهاية المطاف.وقد أدت الحملة الحالية والمستمرة على جماعة “الإخوان المسلمون” إلى عودة الجماعة للعمل السري، الأمر الذي يعتقد كثيرون أنه سيؤدي إلى تمكين الجماعة وزيادة قوتها. لكن العريان يشير إلى أن الأداء العلني والمشاركة المجتمعية لجماعة “الإخوان المسلمون” قد لا يكون ممكناً في ظل التجارب السابقة للجماعة. “إن القمع التي نشهده اليوم غير مسبوق. فالجيش يدعي تمتعه بتفويض شعبي لإخماد جماعة “الإخوان المسلمون” استناداً إلى خطاب “الحرب على الإرهاب”. وخلافاً لما كان يحدث في الماضي، حيث كانت الدولة تغض الطرف عن نشاط الجماعة، فالنظام اليوم مستميت لسحق المقاومة” .وبدلاً من ذلك، كما يقول د.العريان، قد ينتج عن ذلك نتيجة غير مقصودة تتمثل في تشكيل بدائل للمعارضة. حيث قال: “قد يؤدي هذا إلى نشوء ‘إسلامية عالمية’، إلى هوية إسلامية مدنية، لا هوية مشتتة بين جماعات إسلامية متعصبة ودولة علمانية، بل هوية تجمع جميع المصريين الناشطين ضد نظام راسخ وقمعي، في معركة هي في النهاية ثورةٌ حقيقية”.يدرس الأستاذ العريان الدورات التمهيدية في تاريخ الشرق الأوسط، فضلاً عن دورات متقدمة تتناول تاريخ مصر الحديث، والحركات الاجتماعية الإسلامية، والشريعة الإسلامية والمجتمع. وتشمل منشوراته المقبلة “تلبية النداء: النشاط الإسلامي الشعبي في مصر (1968-1981)”، و” الإسلام والسياسة في أمريكا الشمالية”.