السياسة الخارجية لقطر وكاس العالم 2022
مدونة 34
بقلم حصة الكبيسي
بعد عملية تقديم العروض التي بدأت في عام 2009 وانتهت في عام 2010، فازت قطر بحقوق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022. على الرغم من أن هذا كان مفاجأة للكثيرين، إلا أن قطر كانت تستعد لسنوات للظهور كمركز رياضي جدير باستضافة أحد أكثر الأحداث الرياضية شهرة في العالم. يتضح هذا من خلال جهود قطر لاستضافة أكثر من 500 حدث رياضي دولي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. في نهاية عام 2010، في نفس العام الذي مُنحت فيه قطر حقوق استضافة كأس العالم، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) موجة من الانتفاضات والاحتجاجات المناهضة للحكومات. انخرطت قطر بشكل كبير في أحداث الربيع العربي، حيث تبنت موقفًا استباقيًا وحازمًا في السياسة الخارجية أثناء تصاعد الاضطرابات في المنطقة. استخدمت قوتها الناعمة في شكل ذراعها الإعلامية، قناة الجزيرة، لتوفير منصة للمتظاهرين في المنطقة الذين طالبوا بالتغيير. كما استخدمت قطر قدراتها، والتي تجلت في تدخلها في ليبيا، حيث تلقت قوات الثوار التي تقاتل نظام القذافي قدرا كبيرًا من المساعدات المالية والعسكرية.
أثبت دعم قطر للانتفاضات العربية أنه سيف ذو حدين. في حين أنها كانت قادرة على تصوير نفسها على أنها دولة عربية تقدمية معارضة للديكتاتوريات الفاسدة، إلا أنها أغضبت جيرانها في مجلس التعاون الخليجي بمعارضتهم. في حين دعمت الإمارات والسعودية نظام السيسي في مصر، دعمت قطر إدارة مرسي مالياً ومن خلال التمثيل الإعلامي. وبالمثل، بينما دعمت الإمارات خليفة حفتر وأتباعه في ليبيا، تحالفت قطر مع قوات الثوار. وهكذا، كانت الانتفاضة العربية نقطة تحول، إلى جانب عوامل أخرى، وسعت الصدع بين قطر وجيرانها، وبلغت ذروتها في حصار فرضوه عليها عام 2017.
بصفتها مضيفة لكأس العالم لكرة القدم 2022، يجب على الدولة أن تجسد قيم العمل الجماعي والتعاون الدولي. إذا كانت لقطر علاقات خلافية مع جيرانها، فإن هذا ينعكس عليها بشكل سيء كدولة مضيفة.
وقد بدأ الشيخ تميم، الذي أصبح أمير قطر في 2013، توجيه سياسة قطر الخارجية في اتجاه جديد. على الرغم من بقاء أهداف السياسة الخارجية نفسها المتمثلة في أن تصبح قوة إقليمية، فإن قطر أصبحت أقل تصادمية وأكثر تركيزًا على الوساطة والدبلوماسية. ورغب الزعيم الجديد في إصلاح العلاقات مع جيران قطر، مما أدى إلى رفع الحصار في عام 2021، وأعقب القمة عدد من الزيارات لدول الحصار، ناقشوا خلالها تعزيز العلاقات المالية والاقتصادية.
أكدت قطر لجيرانها أنها ستتعاون معهم لضمان تجربة تعاونية ناجحة خلال كأس العالم، وأن البطولة هي فرصة للتواصل بين الناس محليًا وإقليميًا. على سبيل المثال، المشجعون من المملكة العربية السعودية الذين يعبرون حدود أبو سمرة لحضور مباراة واحدة أو أكثر في غضون 24 ساعة لا يحتاجون إلى حجز فندق.
هذا الجهد التعاوني متبادل، وأعلن المسؤولون السعوديون أن الأفراد الذين يحملون بطاقات “هيا” التي تفرضها الحكومة القطرية يمكنهم البقاء في المملكة العربية السعودية لمدة تصل إلى شهرين لأداء العمرة دون الحاجة إلى تأشيرة. سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف تمهد كأس العالم الطريق لزيادة التعاون بين قطر وجيرانها بعد فترة صعبة، وكيف سيستمر هذا بعد انتهاء المونديال.
تخرجت حصة الكبيسي من جامعة جورجتاون في قطر، بشهادة في السياسة الدولية وتخصص فرعي في اللغة العربية. تخرجت في عام 2022 مع مرتبة الشرف في التخصص. تشمل اهتماماتها البحثية السياسة الخارجية للدول الصغيرة. قامت بتأليف أطروحة حول قطر والسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة بعنوان “التحولات القيادية وتحولات السياسة الخارجية: حالة قطر والإمارات العربية المتحدة”. في أطروحتها، بحثت في كيفية تأثير التغيير في القيادة على تشكيل السياسة الخارجية لقطر والإمارات العربية المتحدة مقارنة بأسلافهما وبعضهما البعض.
اقرأ المزيد عن مشروع بناء إرث: كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 هنا.
المشاركات والتعليقات على هذه المدونة هي آراء وآراء المؤلف (المؤلفين). المشاركات والتعليقات هي تحت المسؤولية الفردية للمؤلف (للمؤلفين) ولم يتم اعتمادها أو دعمها من قبل مركز الدراسات الدولية والإقليمية (CIRS) أو جامعة جورجتاون في قطر (GU-Q) أو جامعة جورجتاون في الولايات المتحدة، ولا تمثل آراء أو اتجاهات أو سياسات المركز أو الجامعة.
اقرأ المزيد عن بناء إرث: مشروع كأس العالم 2022 في قطر هنا